نسبة لأهم الفتوحات الإسلامية وأعظمها أثرًا، والتي بسببها اهتدى رؤوس الكفر من قريش وغيرها من القبائل لدين الإسلام وخروا خاضعين، إيمانًا يحركه القلب، لا إذعانا يحركه السيف وإراقة الدماء.
جرى الفتح في 10 رمضان سنة 8 هجريًا، وذلك بمدينة مكة المكرمة بقلب الجزيرة العربية، والتي احتضنت أنوار الرسالة المحمدية منذ بعثه صلى الله عليه وسلم وحتى إيذائه وهجرته للمدينة، ثم عودته إليها منتصرًا فاتحًا.
قاد رسول الله صلى الله عليه وسلم،في 10 آلاف من أصحابه المسلمين؛ وقاد النبي بنفسه الفرقة الأولى، وقاد الفرق (الألوية) الأخرى : الزبير بن العوام (شمالًا)، خالد بن الوليد (جنوبًا)، أبوعبيدة بن الجراح (الشمال الغربي)، قيس بن ساعدة بن عبادة (الجنوب الغربي). [صحيح مسلم، كتاب الجهاد: 1780]
وقد تأهب المسلمون للفتح في مقابل تربص رؤوس القبائل المشركة بزعامة قريش وبني الدئل بن بكر [ابن هشام، 4/70]
كان فتح مكة جزء من سلسلة غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، لدعوة الناس إلى الإسلام، وإزالة الحواجز التي تصدهم عن رب العالمين، مصداقا لقول الله {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 193].
لكن الغزوة هنا استهدفت بالتحديد تأديب قريش، بعد نقض صلح الحُديبية، ونصرتها لحلفائها من بني بكر؛ في عدوانهم على قبيلة خزاعة، المحالفة للمسلمين، برغم سريان الهدنة لمدة عشر سنوات بين الطرفين. [ابن هشام، 4/57]
يعد فتح مكة ملحمة كبرى من ملاحم تعظيم بيت الله الحرام، ونصر المؤمنين والذين خرجوا من ديارهم مستضعفين، وبسببه دخل الناس في دين الله أفواجًا.. ويمكننا تتبع أحداثه كما يلي:
في السنة الثامنة من الهجرة النبوية، هاجم رجل من بني بكر آخر من بني خزاعة، وكانت بين القبيلتين حروب في الجاهلية، ووصل القتال هذه المرة لحرم مكة، وتورطت قريش بإمداد حليفتها "بكر" بالسلاح.
وقد أخبر عمرو الخزاعي، رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما جرى، منشدًا:
وزعموا أن لست أدعو أحدا & وهم أذل وأقل عددا
هم بيتونا بالوتير هجدا & وقتلونا ركعا وسجدا
وقال رواة السيرة أن رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ قد أجابه: "نُصرتَ يا عمرو" واتجه نحو السماء قائلًا: "إن هذه السحابة لتُستهل بنصر بني كعب" فكانت تلك شرارة فتح مكة. [زاد المعاد ،ابن القيم، 3/ 396 نقلا عن ابن هشام](وبنو كعب من فروع خزاعة ).
حدد رسول الله خيارات واضحة أمام المشركين؛ دفع دية من قُتل من خزاعة، أن تحل نفسها من عهد بني بكر، أو تعلن أن صلح الحديبية صار لاغيًا، فردت قريش بقبول الشرط الأخير!
وسرعان ما أدرك أبوسفيان حجم الورطة، فأسرع للمدينة في محاولة لطلب مد الصلح مجددًا؛ لكن فات الوقت، ورفض كل من أبي بكر وعمر وعلي التشفع له عند النبي، وجاء أن ابنته رفضت جلوسه على فراش النبي، باعتبار أبي سفيان "نجس" أي مشرك. [زاد المعاد، 3/ 397].وهكذا عاد أبوسفيان لقومه آسفا لا يدري ما يفعل!
وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم خُطة محكمة لفتح مكة، عملًا بقول الله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال:60].
وقد أمر المسلمين بالتجهز، وأمر أهله بتجهيزه، وحرص النبي على إخفاء الأمر عن أهل مكة حتى يباغتهم، حتى أن السيدة عائشة أخفت عن والدها ليعلم بأمر الغزوة من النبي نفسه. [ابن هشام: 4/ 39 و56]
وزيادة على ذلك فقد تمّ التخطيط للتعمية على العدو، كعادة النبي في غزواته؛ وقد أرسل - صلى الله عليه وسلم - سرايا إلى نجد وغيرها للتعمية على قريش. [ابن حجر، 8/7]
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، صائمًا، وصام المسلمون معه، حتى إذا كان بالكديد (موضع بقرب مكة)، دعا بماء في قعب وهو على راحلته فشرب والناس ينظرون، يعلمهم أنه قد أفطر ليتبعوه قائلًا: «إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا»[رواه مسلم:1120]
لما أجمع صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة كتب الصحابي حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه رسالة يخبر قومه في قريش ويحذرهم، ثم أعطاه لجارية عند بني عبدالمطلب تدعى "سارة"، فوضعتها في ضفيرتها، وقيل أن نص الرسالة كان: "يا معشر قريش فإن رسول الله جاءكم بجيش كالليل، يسير كالسيل. فو الله لو جاءكم واحده لنصره الله، وأنجز له وعده، فانظروا لأنفسكم، والسلام"
ولكن الله قد أوحى لنبيه بما صنع حاطب، فبعث في طلب الرسالة عليًا والزبير مخبرًا:
«انطلقوا حتى تأتوا (روضة خاخ) فإن بها ظعينة (مسافرة) معها كتاب فخذوه منها».
كان موقف حاطب مشينًا؛ وطلب عمر بن الخطاب أن يضرب عنقه باعتباره منافقًا؛ وقد استعطف حاطب بن بلتعة، رسول الله صلى الله عليه وسلم، قائلا أنه لم يفعل ما فعل كفرا بالله ورسوله، ولكن حماية لذوي قربته من بطش قريش!
لكن عفو النبي يتسع ليشمل خطايا أصحاب الفضل قديمًا؛ فيقول:« ما يُدريكَ لعَلَّ اللهَ أن يَكونَ قدِ اطَّلعَ عَلى أَهلِ بَدرٍ فَقال: اعْمَلوا ما شِئتُم فَقد غَفَرتُ لَكُم»[رواه البخاري، 3007]
وجاء أن ذلك سبب نزول قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ}[الممتحنة:1] [فتح الباري: 8/420]
كان جيش الرسول الزاحف إلى مكة يتألف من نحو عشرة آلاف مقاتل؛ معظمهم من الأنصار، وكثير منهم من قبائل مزينة وجهينة وأسلم وبني كعب، إلى جانب المهاجرين، وقيل أن الفرسان شكلوا نحو ألفين وثمانين فارسًا.[ابن هشام 4/60]
نجحت خطة النبي، فلم تشعر قريش بالأمر حتى نزل جيش المسلمين قريبًا من مكة.وقد خلّف النبي على المدينة أبا رُهم الغفاري رضي الله عنه.
ولما مر النبي صلى الله عليه وسلم بمنطقة "مر الظهران" أمر أصحابه ليلًا بإيقاد النيران، وهذا ما أرعب عيون قريش. [طبقات ابن سعد: 2/135]
يذكر أهل السيرة أن العباس بن عبد المطلب عم الرسول قد خرج من مكة مهاجرًا إلى الله، واحتمل معه أهله وولده، فلقي الرسول بالجحفة فأسلم، وقد سرّ الرسول بإسلامه غاية السرور، إذ قد كان ناصرًا له ومؤيدًا مع بقائه على دين قريش في الماضي. [البداية والنهاية، ابن كثير، فصل إسلام العباس].
وقال عدد من مؤرخي السيرة أن العباس كان قد أسلم بالفعل مبكرًا، ولكن لم يعلن إسلامه إلا عام الفتح. [الطبقات الكبرى لابن سعد].
وقد خرج أيضًا من قريش ابنا عمومة النبي: أبوسفيان بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، وعبد الله بن أبي أمية المخزومي، فلقيا رسول الله والتمسا الدخول عليه، فكلمته أم سلمة رضي الله عنها فيهما، لكن النبي كان غاضبًا من إسائتهما وقال: «لا حاجة لي بهما» ، فلما بلغهما ذلك، قال الأول: والله ليأذننّ لي، أو لآخذن بيد بني هذا[ابن له كان معه]، ثم لنذهبنّ في الأرض حتى نموت عطشًا وجوعًا، فلما بلغ النبي ذلك رقّ لهما، فدخلا عليه وأسلما. [السلسلة الصحيحة للألباني: 3341].
أوفدت قريش ثلاثة رجال بينهم أبوسفيان لتجسس الأخبار؛ وقد حبس حرس رسول الله هؤلاء الرجال حين علموا بأمرهم.
وقد جاء أبوسفيان بدعوة من عم النبي العباس، طالبًا الصفح والأمان؛ (كانت محاولة من العباس لمنع صدام دموي مؤسف)؛ وبالفعل وجد ترحابًا حين سأله النبي مستنكرًا: «أما آن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟» و«أني رسول الله؟!»، كان أبوسفيان مقرا بالأولى، وواجد في نفسه من الثانية، لكن الله هدى قلبه لشهادة الحق أخيرًا.
طلب العباس من النبي أن يمنح أبا سفيان شيئًا يعيد له هيبته وعزته التي كانت؛ فأجابه النبي:
نعم:«من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن». [رواه البخاري: 4280] فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دُورِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ [رواه أبوداود: 2/257].
وكان من حكمة النبي أن دعا لتوقيف أبي سفيان «حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى المُسْلِمِينَ» (أي حشدهم وقوتهم) فشاهد كتائب المسلمين الخضراء واحدة تلو الأخرى، وقد ألجمته المفاجأة من كثافتها وعتادها الذي لم يكن مألوفًا عند العرب [رواه البخاري: 4280].
ولما قال أبوسفيان للعباس: "وَاللَّهِ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ الْيَوْمَ لَعَظِيمٌ" فرد عليه: "إِنَّهَا النُّبُوَّةُ".(أي حشد للمؤمنين لا يبغون السلطان).
خرج أبوسفيان لقريش يصيح: "هَذَا مُحَمَّدٌ، قَدْ أَتَاكُمْ بِمَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِه " ودعاهم لأن يغلق كل منهم عليه بابه!! [ المطالب العالية، ابن حجر، 4/418].
في ذي طوى، المنطقة التي تدعى اليوم في مكة بـ (الزاهر) وزع النبي الجيش على كتائب، كل كتيبة تمثل قبيلة، والنبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه من المهاجرين والأنصار في كتيبة، كان على الميمنة خالد بن الوليد، وعلى الميسرة الزبير بن العوام، والرجّالة والحسّر الذين لا دروع لهم بقيادة أبي عبيدة.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم خالدًا أن يدخل من أسفل مكة – المسفلة- ويغرز رايته عند أدنى البيوت[رواه مسلم: 1780]
وخاطب النبي الأنصار قبل الفتح بيوم قائلًا: « يا معشرَ الأنصارِ ، هل ترون أوباشَ قريشٍ ؟ قالوا : نعم . قال: انظروا . إذا لقيتموهم غدًا أن تحصدوهم حصدًا وأخفى بيدِه ووضع يمينَه على شمالِه . وقال : موعدكم الصفا». [رواه مسلم: 1780]
كانت أوامر واضحة؛ فمن يتعرض للمسلمين عند جبل الصفا بمكة لن يتم التساهل معه، وكان ذلك الحزم لازمًا لإتمام الفتح.
تمكّن كل قائد من القادة تنفيذ السيطرة على منطقته بسلام، إلا خالد بن الوليد، رضي الله عنه، إذ تجمع جنوبي مكة يومئذ فئة من القرشيين المتطرفين برئاسة صفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، واختاروا من أجل ذلك مضيق "الخندمة" المحاط بمرتفعات تشرف على مكة.
سعى ابن الوليد لإقناع القرشيين بالإسلام والعدول عن هجومهم، بيد أنهم رفضوا، فبدأ الاشتباك والتراشق، وقتل منهم بضعة عشرة (12 على الأرجح) وقيل (28)، وتمكن خالد من هزيمتهم[غزوة فتح مكة، 1/124 بتصرف من ابن هشام]
ويقال أن الرعاش الهذلي قد قال يخاطب امرأته حين لامته على الفرار: [فتح مكة والنصر المبين، زاهية الدجاني، ص74]
إنِكِ لو شهدتِ يوم الخندمة &إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمة
وأبو يزيد قائم كالموتمة &واستقبلتهم بالسيوف المسلمة
يقطعن كل ساعد وجمجمة &ضرباً فلا يسمع إلا غمغمة
وقد قُتل من خيل خالد بن الوليد، يومئذ، رجلان وهما: حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ، وَكُرْزُ بْنُ جابِرٍ الفِهْرِيُّ [رواه البخاري: 4280].
وجاء أن النبي قد أمرهم بأن يكفوا أيديهم، ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم. [فتح الباري: 8/10]
لما علم النبي بإسالة دماء، سأل خالد بن الوليد: لم قاتلت وقد نهيتك عن القتال؟ فقال: هم بدءونا ووضعوا فينا السلاح، فقال النبي: «قضاء الله خير»[فتح الباري 8/10]
كان للسرية التي فرضها النبي على تحركات المسلمين للفتح، وطبيعة النبي المتسامحة، وحرمة مكة بيت الله، تأثير مباشر في كف سيوف المسلمين عن القتال، ولهذا لما قال سعد بن عبادة : "يَا أَبَا سُفْيَانَ! اليَوْمَ يَوْمُ المَلْحَمَةِ، اليَوْمَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَةُ".. غضب النبي لقولته، وقال لأبي سفيان والذي جاءه يشكوه: « كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الكَعْبَةُ» [رواه البخاري: 4280]
وجاء في السيرة أن النبي قد أذن لخزاعة بأن تأخذ ثأرها من بني بكر، ساعة من نهار إلى العصر من يوم الفتح، ثم أمرهم بكف أيديهم عن القتل. [مسند أحمد 11/264]
دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح وذقنه تكاد تلامس راحلته، خشوعًا لله وتواضعًا.[فتح الباري 8/18]
ولما اكتمل نصاب الجند عند منطقة الحجون، حيث عسكر النبي، أمرهم بالتحرك نحو المسجد الحرام، وإزالة ما في الكعبة المشرفة وحولها من أصنام.
لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم، كان أول ما فعله الطواف بالكعبة، ثم حطم الأصنام بنفسه. [رواه البخاري: 4287]
استلم النبي ركن الكعبة بمحجنه (عصا في طرفها عُقابة كالصولجان) وكبَّر فكبَّر المسلمون لتكبيره ورجعوا التكبير حتى ارتجت مكة تكبيرًا حتى جعل يشير إليهم رسول الله أن اسكتوا والمشركون فوق الجبال ينظرون.
طاف النبي بالبيت ومحمد بن مسلمة آخذ بزمام الناقة سبعًا يستلم الحجر الأسود كل طوفة بمحجنه، وكان ذلك يوم الاثنين 10 رمضان ولم يكن النبي محرمًا.
ولما فرغ رسول الله من طوافه نزل عن راحلته ثم انتهى إلى المقام فصلى ركعتين، ثم انصرف إلى زمزم وقال: لولا أن تغلب بنو عبد المطلب لنزعت منها دلوًا فنزع له العباس دلوا فشرب منه وتوضأ والمسلمون يبتدرون وضوءه يصبونه على وجوههم والمشركون يعجبون ويقولون: ما رأينا ملكا قط أبلغ من هذا ولا سمعنا به. [تاريخ الأمم الإسلامية: محمد الخضري، 187]
خلال طوافه، أمسك النبي قوسا يطعن به ثلاثمائة وستون (360)صنماً حول الكعبة، ويقول: «{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}» [الإسراء: 81]. والأصنام تتساقط على وجوهها.
وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب رضي الله عنه، زمن الفتح، أن يأتي الكعبة فيمحو صور الوثنية، فلم يدخلها النبي حتى محي كل ذلك. [رواه أبو داود: 4156].
ولما أكمل النبي طوافه، دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمر بها ففتحت فدخلها، فرأى فيها الصور، ورأى فيها صورة إبراهيم وإسماعيل وكأنهما يقسمان على الأزلام(الأصنام التي عبدها الجاهليون) فقال: «قاتلهم الله، والله إن استقسما بهما قط»(أي كانا على دين التوحيد).
ولما أُزيلت صور الشرك والأصنام، أمر النبي بإغلاق باب الكعبة عليه، وبصحبته أسامة وبلال رضي الله عنهما، فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب حتى إذا كان بينه وبينه قدر ثلاثة أذرع وقف وصلى هناك، ثم دار في البيت، وكبّر في نواحيه، ووحَّد الله، ثم فتح الباب. [رواه البخاري: 4287]
بعد أن طهرت الكعبة من الأصنام، أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بلالا بن رباح رضي الله عنه، فأذن فوقها، مما هيج غيظ بعض سادة قريش ممن لم يتخلصوا من عنصرية الجاهلية، وتذكروا صاحبهم الذي كان سيدًا له.[السيرة في ضوء القرآن والسنة، محمد أبوشهبة، 2/450]
(كان بلال عبدًا عندهم قبل الإسلام، واليوم يظهره الله ويصعد فوق الكعبة مؤذنًا، فيما هم يجلسون صاغرين في انتظار العفو أو الموت)!
ومن هذا التاريخ ظل النداء يتردد بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، داعيًا الناس للفلاح وخير العمل وهي الصلاة.
وقد سأل النبي عن عثمان بن طلحة، فلما جاءه قال له: «هذا مفتاحك،اليوم يوم بر ووفاء» وقال: «خذوها يا بني شيبة خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلا ظالم» [فتح الباري، ابن حجر، 8/15](وكانت لهم رفادة الكعبة فلم ينزعها النبي عنهم)
وفي هذه الحادثة نزل قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء:58]
لما خرج النبي من الكعبة، كانت قريش قد ملأت المسجد صفوفاً ينتظرون ماذا يصنع، فأخذ بعضادتي الباب وهم تحته، فكبّر النبي ثلاثًا ثم قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ... » .
وكان الناس قد تكاثروا في المسجد، وكادت قلوبهم تنخلع من صدورهم من شدة الخوف، لكن النبي الذي جاء رحمة للعالمين، آثر العفو، وبداية صفحة جديدة.
خطب النبي بعد فتح مكة عدة خطب وردت بمرويات صحيحة، ومتواترة:
-
أولها كانت خطبته يوم الفتح على باب الكعبة بين فيها دية الخطأ في القتل، وألغى مآثر الجاهلية [نضرة النعيم، 1/372] فقال: «ألا إن كلَّ مَأْثُرَةٍ كانت في الجاهليةِ تُذْكَرُ وتُدْعَى مِن دَمٍ ، أو مالٍ ، تحتَ قدميَّ ، إلا ما كان مِن سِقايَةِ الحاجِّ ، وسِدَانَةِ البيتِ . ثم قال : ألا إن دِيَةَ الخطأِ شبهِ العَمْدِ ما كان بالسَّوْطِ والعصا؛ مائةٌ مِن الإبلِ».[رواه أبوداود : 4547]
ثم تلا قول الله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }[الحجرات:13]
-
وقال بعض أهل السيرة أن النبي نادى قريش قائلًا : «يا معشر قريش: ما ترون أني فاعل بكم؟، قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء».[فتح الباري: 8/18]
-
إبطال الأحلاف: يقول النبي في الخطبة الثانية:«لا حلف في الإسلام، وما كان من حلف الجاهلية فإن الإسلام لا يزيده إلا شدة والمؤمنون يد على من سواهم يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، كما يبين صلى الله عليه وسلم فيها أنه «لا يُقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب (أي بصرف النظر عن الصياح)، ولا جنب في الرهان، وغيرها من مظاهر العدل. [رواه مسلم في أوله: 3539]
-
حرمة مكة وتوقف الهجرة: في الخطبة الثالثة أعلن النبي تحريم مكة وتحريم صيدها وخلالها ولقطتها والقتال فيها، وقال أن الله قد احلها له ساعة من نهار وهو وقت الفتح، وقال:«لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا» [رواه البخاري: 2825]
-
الدية: أوضح النبي في خطبته الرابعة: أن ولي المقتول بالخيار بين قبول الدية أو القصاص . [رواه البخاري: 6880]
أورد بعض أهل السيرة بعد الفتح أن جاء أبو بكر الصديق بأبيه أبي قحافة يقوده وقد كفّ بصره، فلما رآه رسول الله قال تأدبا: «هلّا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه» ؟ وقد أجلسه الصديق بين يدي النبي، ثم مسح صدره وقال: "أسلم" فأسلم. [الإصابة، ابن حجر، 2/461]
وحدث أيضًا أن قال الحارث بن هشام، بينما بلال يؤذن فوق الكعبة: أما والله لو أعلم أنه محق لاتبعته، فقال أبو سفيان ما يفيد بأنه حتى حصا الأرض تخبر النبي بما يقال، وبالفعل جاءهم النبي يقول: «قد علمت الذي قلتم»، فقال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله!!
كما أسلم فضالة بن عمير، وكانت نفسه قد حدثته أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت عام الفتح، فلما دنا منه النبي قال: «ماذا كنت تحدّث به نفسك» ؟ قال: لا شيء، كنت أذكر الله، فضحك النبي ثم قال: «استغفر الله» ثم وضع يده على صدره فسكن قلبه.فكان فضالة يقول: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب إلي منه.
وأنشد فضالة مُعرضًا عن فتاة تريد حديث الغرام:
لو ما رأيت محمدا وقبيله &بالفتح يوم تكسّر الأصنام
لرأيت دين الله أضحى بيّنا &والشرك يغشى وجهه الإظلام
لما استقر الفتح، أمّن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أهل مكة كلهم إلا خمسة عشرة (15) نفر، أمر بقتلهم، على أرجح الروايات، لعظم جرائمهم، غير أن أغلبهم قد أسلموا، وطلبوا الأمان، فلم يُقتل فعليا سوى أربعة (4) فقط. [محمد رسول الله، محمد رشيد، 334]
وكان المهدرة دماؤهم هم:
عبدالله بن أبي سرح : بدّل الوحي الذي أملاه النبي إياه، وهجا النبي، وقد تاب بعد الفتح وأسلم وتوسط له عثمان رضي الله عنه.
عبدالله بن خطل: هجا النبي وارتد، وأقسم لا يدخل النبي عنوة مكة، وخرج محاربًا إياه، ثم فر هاربًا متعلقا بأستار الكعبة، لما شاهد المسلمين، وقد تم تنفيذ القتل فيه وإحدى جاريتيه فيما عفا النبي عن الثانية.
عكرمة بن أبي جهل: عادى النبي، وطلبت امرأته أم حكيم أن يؤمنه النبي فرضي، وكان بعدها من فضلاء الصحابة ومات شهيدًا بمعركة اليرموك.
الحويرث بن نُقَيد: كان كثير الأذى للمسلمين وشارك بنخس جمل ابنة النبي، ونُفذ فيه الحكم.
مِقْيس بن صبابة: ارتد، وقتل مسلما كان قد قتل أخاه بالخطأ، ونُفذ فيه الحكم.
هبار بن الأسود: آذى المسلمين، وتعرض لزينب رضي الله عنها بنت الرسول حين هاجرت فنخس بها الجمل فسقطت على صخرة وأسقطت جنينها ولم تزل مريضة حتى ماتت، وبعد الفتح عاد بعد الهروب، واعترف بذنبه فعفا النبي عنه!
كعب بن زهير: شاعر قريش، كان يهجو النبي ﷺ، ثم أسلم وأنشد قصيدته "بانت سعاد"
وقال فيها:
إن الرسول لنور يستضاء به & مهند من سيوف الله مسلول
وقد أهداه النبي بردته التي ظل السلاطين المسلمين يلبسونها في الأعياد.
الحارث بن هشام وزهير بن أمية: من المحاربين للإسلام ورسوله، وقد أجارتهما أم هانىء بنت أبي طالب أخت عليّ رضي الله عنه، فأجاز النبي [رواه البخاري: 3171 ولم يأت بالحديث الاسم مفصلا]، حسن إسلامهما. وأما هبيرة زوجها فلم يسلم وأقام بمكة حتى مات كافرًا.
صفوان بن أمية: توسط ابن عمه له عند النبي فرضي رغم عدائه القديم للإسلام، ومنحه عمامته ليدخل مكة آمنا، وأمهله أربعة أشهر، ولم يسلم إلا بعد غزوة حنين، حين منحه النبي ﷺ شعبا مملوءا بالشاء قائلا: «هو لك وما فيه»، قال صفوان: إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا، وحسن إسلامه.
- وحشي بن حرب: قتل حمزة رضي الله عنه يوم أُحد، ثم بعد الفتح هرب، حتى لحقوا به فشهد بالحق وعفا النبي عنه، وكان قد قتل مسيلمة الكذاب في حروب الردة بحربته التي قتل بها حمزة، وقال: "أرجو أن تكون هذه بتلك".(أي تكفرها)
- سارة مولاة بني المطلب : كانت تغني بهجاء النبي ﷺ ورغم ذلك تأتي تطلب الصدقة فيمنحها إياها، وقد تابت وأمنها النبي وحسن إسلامها.
- هند بنت عتبة :مثّلت بعم النبي حمزة رضي الله عنه يوم أُحد ولاكت كبده، فلما كان يوم الفتح اختفت في بيت أبي سفيان زوجها ثم أسلمت، وحضرت قتال الروم يوم اليرموك وكانت تشجّع المسلمين وتحرّضهم على القتال.
قال مستر موير: إن الذين قتلوا فعلا هم أربعة فقط، وقد اختفى عتبة ومعتب ابنا أبي لهب ثم أسلما واختفى أيضا سهيل بن عمرو وكان ابنه مسلما ثم أسلم بالجِعرانة. [محمد رسول الله، المرجع السابق]
بعد ساعات من الفتح، بدا عفو النبي سببًا مضاعفًا لمحبة المسلمين الجدد لهذا الدين العظيم، وصدق قول الله تعالى: {إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً}[الفتح: 1:3]
المبايعة: بدأ رسول الله بمبايعة الرجال، ثم جاءت النساء، وقد أخذ عليهم السمع والطاعة لله ولرسوله، وجاء مجاشع بن مسعود بأخيه مجالد ليبايع على الهجرة، فقال عليه الصلاة والسلام: «ذهب أهل الهجرة بما فيها» ، فقال: على أي شيء تبايعه؟ قال: «أبايعه على الإسلام والإيمان والجهاد» [رواه البخاري: 4305]
ولما فرغ رسول الله من بيعة الرجال بايع النساء، وفيهن هند بنت عتبة متنقّبة متنكرة، على ألا يشركن بالله شيئا، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، ولا يعصين في معروف، ولما قال النبي: ولا يسرقن قالت هند: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني ويكفي بنيّ، فهل علي من حرج إذا أخذت من ماله بغير علمه؟ فقال لها: «خذي من ماله ما يكفيك وبنيك بالمعروف» [رواه مسلم: 1714].
ولما قال: ولا يزنين قالت هند: وهل تزني الحرة؟ ولما عرفها رسول الله قال لها: «وإنك لهند بنت عتبة؟» ، قالت: نعم، فاعف عما سلف عفا الله عنك.
وفي رواية أن النبي ما كان يبايعهن إلا كلامًا ويقول: «إني لا أصافح النساء، إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة» [رواه النسائي: 4192]
يرى جمهور العلماء ومنهم مالك وأبوحنيفة وأحمد إن فتحها كان عنوة ابتداء؛ لامتلاك السلاح وإمكانية استخدامه، مع رغبة النبي في حقن الدماء والعفو عن المسالمين.
واحتجوا بأمور منها حديث النبي «من دخل دار أبي سفيان فهو امن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن»، فلو كان دخولهم مكة صلحًا لم يحتج إلى هذا.
وقد ردوا على الرأي الآخر بأنها فُتحت صلحا ،وبين من قال بذلك الإمام الشافعي، بأن تأمين المسالمين مشروط بتركهم السلاح والكف عن القتال، وقد حاولت جماعة من قريش من أوباش القبائل كما في حديث مسلم أن تخالف الاتفاق فكان ما كان من الرد الرادع.
وقد تفتح البلد عنوة، ويمن الإمام على أهلها ويترك لهم دورهم، وقد فتحت أكثر البلاد عنوة فلم تقسم، وذلك في زمن عمر وعثمان.
وقد زادت مكة بكونها دار النسكين- الحج والعمرة- ومتعبد الخلق، وقد جعلها الله تعالى حرمًا آمنًا سواء العاكف فيه والباد.
وعمومًا كان النبي يعمل على تأليف قلوب من لم يدخل في الإسلام، ولهذا عامل المشركين يوم الفتح معاملة من فتحت بلدهم بأمان وصلح. [شرح النووي 12/130، نقلا عن أبوشهبة ص461].
لما رأى الأنصار سرور رسول الله بالفتح، وحفاوته بالكعبة والمسجد الحرام، وذهابه إلى الصفا داعيًا وشاكرًا لله على عظم نعمائه- تخوفوا أن يقيم رسول الله في بلده، ولا يرجع إليهم فيحرموا منه، وقالوا أن به حنين لعشيرته، وسعى المهاجرون والمسلمون الجدد بكل السبل لاستبقائه بينهم، فقال النبي للأنصار: «كلا إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم، والممات مماتكم» ، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله ورسوله، فقال رسول الله: «إن الله ورسوله يصدّقانكم ويعذرانكم» [رواه مسلم: 1780].
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة نحو 19 يومًا، وكان النبي يقصر الصلاة في هذه المدة ويفطر.
وفي هذه المدة أرسل النبي بعض الصحابة للدعوة إلى الإسلام، وهدم الأصنام والأوثان، والأنصاب. [فتح الباري: 2/449].
-
نشر الدعوة: كان الفتح أيضًا نقطة الانطلاق لنشر الإسلام لأرجاء العالم بعد أن كان محصورًا بجزيرة العرب.
-
فتح القلوب: علم الجميع حقيقة الدين وتلاقت العشائر التى تخاصمت ثم سالمت ثم آمنت فدخل الناس في دين الله أفواجا. [خاتم النبيين، أبي زهرة، 588].
-
التوحيد: خلَّص فتح مكة تلك البقعة المباركة من الشرك، وجعلها قبلة التوحيد الخالص، بعد أن هدم النبي الأصنام وأمر أصحابه باتباعه.
-
نصرة المؤمنين: كان الفتح إيذانًا بنصرة المستضعفين؛ وإلغاء التمييز إلا بالتقوى.
-
عفو النبي وإسلام قريش: كان الفتح سببًا بتحجيم رهبة قريش عند القبائل العربية، والتي ظلت تنتظر إشهار إسلامها إن أظهر الله نبيه على تلك القبيلة قائلين «انظروا فإن ظهر عليهم فهو نبي صادق».
-
شعائر الحج: أصبح للمؤمنين حق دخول البيت والطواف، واكتسبوا شرف حماية البيت وخدمته بين العرب.
-
أحكام شرعية: توضحت من خلال فتح مكة جملة من الأحكام الشرعية المتعلقة بإمامة الصلاة ومدة قصرها للمسافر، وسنة الضحى، وإقرار النبي لأمان النساء بعد أم هانيء، ونكاح المشرك إذا أسلمت زوجته، وحكم الولد للفراش، وحق الزوجة في الإنفاق على نفسها، وتحريم بيع الخمر والميتة والأصنام، وتحريم الشفاعة في حد من الحدود، والنهي عن قتل المراة ما دامت لا تقاتل، وجواز دخول مكة بغير إحرام. [نضرة النعيم، مرجع سابق]
-
النصر من الله وحده، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في كل سكنة وحركة من الفتح، ومن ذلك قوله: «اللَّهُمَّ! خذ على أسماعهم، وأبصارهم فلا يَرَوننا إلا بغتةً، ولا يسمعون بنا إلا فجأة» [الدلائل، البيهقي، 5/11].
-
وجوب الرد الحازم على نكث العهود مع المسلمين (نقض قريش وبني بكر لصلح الحديبية نموذجًا)
-
الإسلام يقيل عثرة بعض المخطئين إن حسنت نواياهم (حاطب بن أبي بلتعة ارتكب خيانة عظمى بإفشاء سر الغزوة، ولكن النبي عفا عنه لخوفه على أهله).
-
السرية الواجبة في تحركات المسلمين، وبراعة التخطيط النبوي المعتمد على المعنويات الإيمانية والأخذ بالأسباب (قسَّم النبي المسلمين كتائب لتحيط بمكة وأرسل العيون للتجسس وأخذ بعنصر المفاجأة، وحشد أكبر الحشود من القبائل، وغيرها من عناصر القوة مما يدل على براعته كقائد عسكري).
-
وجوب طاعة ولي الأمر والأخذ بنية الجهاد لإعلاء كلمة الله .
-
مشروعية فطر المجاهدين في رمضان لالتماس أسباب القوة .
-
مشروعية إرهاب العدو ووجوب إعداد العدة دائمًا لملاقاة مكائده.(إيقاد النيران)
-
إنزال الناس منازلهم؛ فكان النبي يجعل دار أبي سفيان رأس الشرك في الجاهلية، وسيد قومه، دار أمن للمسالمين.
-
الإسلام دين السلام؛ وقد أمر النبي بحقن الدماء يوم الفتح، ولامَ خالد بن الوليد في الذين قتلوا هذا اليوم.
-
العفو النبوي العظيم عمن أساءوا للمؤمنين في الماضي، رغم اشتداد أذاهم وجرائمهم (كان من عفوه أن عفا عن أغلب الذين أهدر دماءهم باستثناء 4 فحسب، وترك من تسبب بمقتل ابنته بعد أن أسلم، وترك من لاكت كبد عمه حمزة بن عبدالمطلب وغيرهم ممن هجوه قبل الإسلام، بعد أن صدقت نواياهم بالتوبة).
-
الإسلام رحمة، وكان النبي يعلن: «أنا نبي المرحمة وأنا نبي الملحمة»
-
لا هجرة بعد الفتح، بعد تحقق عز الإسلام.
-
حرمة دماء المشركين بغير حق، وقد دفع النبي ديات من قُتل منهم بأيدي مسلمين.
-
تواضع وخشوع المؤمن في لحظات الانتصار الكبرى والانكسارات على السواء، وشكره لله مولاه على نعمه (دخل النبي مكة خاشعًا على راحلته، ذاكرًا لربه، وليس دخول الفاتحين المزهوين).
-
حرمة مكة وسفك الدماء فيها أو قطع النبات.
-
إقرار عقيدة التوحيد ونبذ الأصنام؛ وقد أمر النبي بطمس الصور وهدم الأصنام.
-
الإسلام دين العدل؛ وكانت خطب النبي يوم الفتح تدعو لإزالة ثأرات الجاهلية ورد النبي مفتاح الكعبة لبني شيبة كما كان.