لم ينشط أبو سفيان للوفاء بالميعاد الذي ضربه عند منصرفه من «أحد» بل خرج من مكة متثاقلا، يفكّر في عقبى القتال مع المسلمين، وهو- بعد- لمّا يتخذ لهذا القتال أهبته التي يودها. إن قومه هزموا في (بدر) على كثرة عددهم ووفرة عدتهم، واستخلصوا النصر في (أحد) بعد جهد فاشل.
ولولا الخطأ الذي وقع فيه جيش التوحيد ما ظفرت قريش بهذه الغرّة؛ لذلك ما كاد أبو سفيان يقترب من (الظهران) حتى بدا له في الرجوع فصاح بقومه: يا معشر قريش! إنّه لا يصلحكم إلا عام خصيب، ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن، وإن عامكم هذا عام جدب، وإني راجع فارجعوا ...
وهكذا انسحبت قريش من المعركة المنتظرة.
أما المسلمون فإنهم نفروا لملاقاة المشركين على استعداد وحماسة، حتى وصلوا إلى ماء (بدر) فعسكروا حوله، يعلنون وفاءهم بكلمتهم، وتأهبهم للحرب الموعودة، وظلوا ثمانية أيام يرتقبون مقدم أهل مكة، ويمسحون عن سمعتهم اخر ما تركت هزيمة (أحد) من غبار ... وكان ذلك في شعبان من السنة الرابعة من الهجرة.