وعلى أثر حرب الفجار وقع حلف الفضول وهو حلف تنافي روحه الحميَّة الجاهلية التي كانت العصبية تثيرها.
وقد وقع في ذى القعدة في شهر حرام تداعت إليه قبائل من قريش: بنو هاشم، وبنو المطلب، وأسد بن عبد العزى، وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرة، فاجتمعوا في دار عبد الله بن جُدْعان التيمى؛ فتعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلومًا من أهلها وغيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته، وشهد هذا الحلف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ترك هذا الحلف العظيم في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمق الآثار؛ لأنه حلف إنساني يدعو إلى الخير ومكارم الأخلاق، ثم تحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه بعد أن أكرمه الله بالرسالة، فقال: «لَقَدْ شَهِدْتُ فِى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَلَوِ أُدْعَى بِهِ فِى الإِسْلاَمِ لأَجَبْتُ»(رواه البيهقي).