«غزوة أوطاس» ثم ان النبى صلى الله عليه وسلم أمّر ابا عامر الاشعري على جيش من المسلمين وبعثه في آثار من توجه قبل أوطاس فأدرك بعض من انهزم فناوشوه القتال فقتل أبو عامر وأخذ الراية بعده ابن أخيه أبو موسى الاشعري رضي الله عنه ففتح الله عليه وقتل قاتل أبى عامر وهزمهم وغنم أموالهم. روينا في صحيح البخاري عن أبي موسى الاشعري رضي الله وأبي سفيان بن الحارث وأيمن ابن أم أيمن (استجر القتل) بالجيم أي انجر (ربيعة بن رفيع) بالتصغير ابن أهبان بن ثعلبة (سلمى) بضم السين (في شجار له) بكسر المعجمة قال الحريري هي المحفة ما لم تكن مظللة والا فهى هودج (بئسما سلحتك) أي أعطتك من السلاح (من مؤخر الرحل) بضم الميم وسكون الهمزة وكسر الخاء ويقال بفتح الهمزة والخاء المشددة ويقال موخرة بالهاء آخره وهي العود الذي في آخر الرحل (أمرتهم أمري) باشباع ضمة الميم (بمنعرج اللوى) بكسر الراء أي منعطفه (الا من غزية) بفتح المعجمة وكسر الزاي وتشديد التحتية (غوت) بكسر الواو في الماضي وفتحها في المضارع* غزوة أوطاس وهو واد في ديار هوازن (أبا عامر الاشعري) اسمه عبيد بالتصغير (قبل) بكسر القاف وفتح الباء الموحدة (أوطاس) لا ينصرف (فناوشوه القتال) بالنون والمعجمة قال في القاموس المناوشة المنازلة في القتال (وقيل) أي أبو موسى (قاتل) بالنصب (روينا في صحيح البخاري) وصحيح مسلم وسنن الترمذي (لما رمى)
عنه قال لما رمي أبو عامر قلت يا عم من رماك فأشار اليّ أبي موسى قال ذاك قاتلي الذي رماني فقصدت له فلحقته فلما رآنى ولى مدبرا فأتبعته وجعلت أقول له ألا تستحيي الا تثبت فكف فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته ثم قلت لأبى عامر قتل الله صاحبك قال فانزع هذا السهم فنزعته فنزا منه الماء قال يابن أخي أبلغ النبي صلى الله عليه وسلم السلام وقل له أستغفر لى واستخلفنى أبو عامر على الناس فمكث يسيرا ثم مات فرجعت فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته على سرير مرمل وما عليه فراش قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه فأخبرته بخبرنا وخبر أبى عامر وقوله قل له استغفر لى فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال اللهم اغفر لعبيدك أبي عامر ورأيت بياض ابطيه ثم قال اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك مبنى للمفعول (ذاك قاتلى الذي رماني) قال ابن اسحاق في المغازي يزعمون ان سلمة بن دريد بن الصمة هو الذي رمى أبا عامر وقال ابن هشام حدثني من أثق به ان الرامي له العلاء بن الحارث الجشمى وأخوه أو في فأصاب أحدهما قلبه وآخر ركبته فقتلاه فقتلهما أبو موسى فرثاهما بعضهم بأبيات منهما
* هما القاتلان أبا عامر* (فنزعته) قال المهلب فيه جواز نزع السهام من البدن وان خيف من نزعها الموت قلت ولا يخلو من نظر (فنزا منه الماء) بالنون والزاي أى صب وظهر وارتفع وجرى ولم ينقطع (على سرير مرمل) بضم الميم الاولى وفتح الثانية وسكون الراء بلا تشديد وبفتح الراء مع التشديد أي معمول برمال وهي الحبال التى يضفر بها الاسرة يقال منه أرملته فهو مرمل ورملته بالتشديد فهو مرمل قال النووي وحكى رملته فهو مرمول (عليه فراش) قال القابسى الذي أحفظه في غير الصحيحين ما عليه فراش قال وأظن لفظة ما سقطت لبعض الرواة وتابعه عياض وغيره على ذلك قالوا وقد جاء في حديث عمر في تخيير النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه على رمال سرير ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه هذا ملخص ما نقله النووى قلت ومعلوم ان رواية أثبات الفراش ان صحت لا ينافي نفيه في حديث عمر ولا ينافي تأثير الرمال بالجنب اذ ربما أثرت مع الفراش لعدم ثخانته (رمال) بكسر الراء وضمها (بظهره وجنبه) فيه قوة زهده صلى الله عليه وسلم في الدنيا وعدم اتباع ملاذها وشهواتها (فدعا بماء فتوضأ) فيه ندب الوضوء للدعاء كما في حديث جريج وحديث الاعمى الذى جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله ان يعافيني ففيه فأمره ان يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو (ثم يرفع يديه) فيه ندب رفع اليدين في الدعاء والمبالغة في رفعها ومر في الاستسقاء الكلام على نفى أنس له قال النووى قد ثبت الرفع في مواطن كثيرة فوق ثلاثين موطنا قلت منها يوم بدر وفي الاستسقاء وفي هذا الحديث وفي حديث أبي حميد الساعدى في الصحيحين وسنن أبي داود والنسائي قال استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية؟؟؟ الى ان قال فرفع يديه حتى رأينا عفرة ابطيه وقال اللهم هل بلغت ثلاثا وفي حديث الدعاء لدوس كما رواه أبو عوانة في مسنده الصحيح وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة وفي حديث خالد اللهم اني أبرأ اليك مما صنع خالد
أو من الناس فقلت ولى فاستغفر فقال اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما قال أبو بردة احداهما لابى عامر والأخرى لابى موسى. وروي ابن هشام عمن يثق به من أهل العلم ان أبا عامر الاشعري لقى يوم أوطاس عشرة أخوة من المشركين فحمل عليه احدهم فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه الى الاسلام ويقول اللهم اشهد عليه فقتله أبو عامر ثم كذلك واحدا بعد واحد حتى قتل تسعة وبقي العاشر فحمل على أبى عامر فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه الى الاسلام ويقول اللهم أشهد عليه فقال الرجل اللهم لا تشهد كما رواه البخارى والنسائي عن ابن عمرو في كسوف الشمس كما رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الرحمن بن سمرة وعلى الصفا يوم فتح مكة كما رواه مسلم وأبو داود عن أبى هريرة وفي البقيع اذ جاء جبريل فقال ان ربك يأمرك ان تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم ففيه ثم رفع يديه ثلاث مرات كما رواه البخارى ومسلم والنسائي وابن ماجه عن عائشة وفي حديث صاحب الطفيل بن عمرو الذي قطع براجمه فشخبت حتى مات ففيه انه صلى الله عليه وسلم رفع يديه وقال اللهم وليديه فاغفر كما رواه مسلم والبخاري في كتاب رفع اليدين وابن حبان في صحيحه عن جابر وفي قوله اللهم أمتي أمتي وبكى رفع يديه كما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو ابن العاص وفي دعائه لسعد بن عبادة يوم زاره في منزله كما رواه أبو داود والنسائي عن قيس بن سعد ويوم شكى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر كما رواه أبو داود والحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه عن عائشة وعند عزوراء بين مكة والمدينة كما رواه أبو داود عن سعد بن أبي وقاص وفي مرض موته وهو يدعو لاسامة كما رواه الترمذي وحسنه عن أسامة وفي مرض موته رفع يديه يقول اللهم لا تمتني حتى تريني عليا وكان علي غائبا رواه الترمذي وحسنه عن أم عطية وفي استسقائه عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء كما رواه البخاري في كتاب رفع اليدين وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وابن حبان في صحيحه عن عمير مولى آبي اللحم وفي قوله صلى الله عليه وسلم انما أنا بشر أيما رجل من المؤمنين آذيته الى آخره كما رواه البخاري في كتاب رفع اليدين عن عائشة وفي حديث الوليد لما شكته امرأته رفع يديه وقال اللهم عليك بالوليد كما رواه البخاري في كتاب رفع اليدين عن علي وفي غزوة تبوك لما أصابهم العطش رفع يديه فلم يرجعهما حتى حالت السماء كما رواه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن عباس وفي دعائه لاهل بيته كما رواه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن جعفر وفي دعائه لعائشة كما سيأتي ذكره المحب الطبري في الخلاصة (من خلقك أو من الناس) شك من الراوي (اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه) فيه جواز الدعاء بالمغفرة للحي ليضمنها الدعاء له بحسن الخاتمة وفي جوازها لعموم المسلمين خلاف والاصح كما قاله ابن عبد السلام الجواز نعم يكره ذلك لجميع الخلق اذ يدخل فيه المخلدون في النار (مدخلا كريما) بضم الميم وفتحها (قال أبو بردة) هو ابن أبي موسى واسمه الحارث وقيل عامر
علىّ فكف أبو عامر عنه فأفلت ثم أسلم بعد فحسن اسلامه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رأه قال هذا شريد أبي عامر واستشهد من المسلمين يوم حنين وأوطاس أيمن بن عبيد الهاشمي وهو ابن أم أيمن قتل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن زمعة بن الأسود الاسدي جمح به فرسه الذي يقال له الجناح فقتل وسراقة بن الحارث الانصاري وأبو عامر الأشعرى أربعة رجال ولأبي الفضل عباس بن مرادس السلمى في يوم حنين جملة من الشعر وكان اسلامه قبيل ذلك ولا سلامه خبر عجيب سيأتي قريبا ان شاء الله تعالى ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم امر سبايا هوازن وأموالها فحبست له بالجعرانة وجعل عليها مسعود بن عمر والغفارى وقيل أبا سفيان بن حرب الاموى وقيل أبا جهم حذيفة العدوى وكانت سباياهم ستة آلاف رأس ومن الابل والشاء مالا يعد*
[