نسبة لقائدها الصحابي محمد بن مسلمة الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم لبطن بني بكر بعد إعانتهم لأعداء دولة الإسلام.
محرم لسنة ٦ هـ، بمنطقة القرطاء بناحية البكرات من أرض نجد، وتبعد سبع ليال عن المدينة.
الصحابي محمد بن مسلمة رضي الله عنه وقد قادها في ٣٠ راكبًا من أصحابه، وكان على رأس بني حنيفة المطلوبين ثمامة بن أثال.
كان ثمامة سيد بني حنيفة قد خرج متنكرًا بدعوى مسيلمة الكذاب لاغتيال نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من حرب اليهود أظهر بطشه للأعراب والبدو ممن غدروا به وبأصحابه.
تحركت السرية ١٠ محرم لسنة ٦ هـ إلى بطن بني بكر بن كلاب، فلما أغارت عليهم هرب سائرهم، فاستاق المسلمون نعمًا وشاء، وقدموا المدينة لليلةٍ بقيت من المحرم ومعهم ثمامة بن أثال الحنفي سيد بني حنيفة، فأخذه المسلمون، فلما جاءوا به ربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال عندي خير يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه، وتكرر الأمر ثلاثا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما علم صدقه: «أطلقوا ثمامة»، فأطلقوه، فذهب إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم جاءه فأسلم.
وقال ثمامة قولته المشهورة: والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، ووالله ما كان على وجه الأرض دين أبغض من دينك، فقد أصبح أحب الأديان إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يعتمر.
لما قدم ثمامة على قريش قالوا: صبأت يا ثمامة، قال: لا والله ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت اليمامة تشبه ريف مكة يأتون منها بالطعام، فانصرف إلى بلاده، ومنع الحمل إلى مكة، حتى أرهقت قريش، وكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يخلي إليهم حمل الطعام، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اغتنم المسلمون من الإغارة على بني حنيفة، وأسروا قائدها الذي أسلم لاحقًا وحسن إسلامه.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خبيرًا بتأليف قلوب أعدائه ويعلم الصادق في توبته؛ فهذا الذي خرج أمس لاغتياله أصبح ما يحب من الأرض إلا وجه النبي صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام، وصار شوكة بظهر قريش لما منع عنهم حمل الطعام الذي كان يأتيهم .
"السيرة الحلبية" 2/297، "الرحيق المختوم" 321، "السيرة النبوية" لابن هشام