واتصل بالفتح غزوة حنين وكان من خبرها ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما فرغ من الفتح أخبر ان هوازن أقبلت لحربه وكان الذي جمعها عوف بن مالك النصري فاجتمع اليه الاعداء وروى الاسد الطماء بالمهملة أي الشجعان العطاش الى دمائكم (تظل جيادنا) أى خيولنا (متمطرات) بالمهملة أى مسرعات يسبق بعضها بعضا يقال جاءت الخيل متمطرة اذا جاءت كذلك (يلطمهن) بالمهملة أي يمسحهن ليزلن عنهن الغبار لعزتها وكرامتها عندهم (بالخمر) بضم المعجمة والميم جمع خمار هذا هو المعروف وهو أبلغ في اكرامها وحكى عياض انه روى بالخمر بفتح الميم جمع خمرة قال النووي وهو صحيح المعنى (وقال الله قد سيرت جندا) من السير هذه رواية ابن هشام ورواه مسلم بشرت من التبشير وهو التهنئة والارصاد (عرضتها) بضم المهملة أى مطلوبها ومقصودها وهمتها (اللقاء) أي لقاء العدو للحرب (فنحكم) بضم أوله رباعي أى ترد وتدفع مشتق من حكمة الدابة ومعناه يقتحم ويحرس من هجانا (بالقوافي) جمع قافية (ليس له كفاء) بكسر الكاف أي مماثل ولا مقاوم (رواه مسلم) عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هجاهم حسان فشفي واشتفى وقال حسان فذكره (الا الثالث) بالنصب (قال) يعنى ابن هشام* تاريخ غزوة حنين (حنين) بالتصغير والصرف واد الى جنب ذي المجاز قريب من الطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا من جهة عرفات قال البكري سمى باسم حنين بن ثابت بن مهلائيل وقد تقدم انه قال في خيبر مثل هذا والله أعلم (ابن مالك النصري) بفتح النون وسكون المهملة وكان عوف يومئذ على هوازن
ثقيف ونصر وجشم وسعد بن بكر وقليل من بني هلال ولم يشهدها أحد من قيس عيلان الا هؤلاء وجملتهم أربعة آلاف وساروا ومعهم دريد بن الصمة الجشمى متيمنين برأيه ومعرفته بالحرب وكان قد قارع الخطوب وأبلي في الحروب وله مائة وستون أو مائة وعشرون سنة كان أشار بتمنيع الذراري والأموال ولقاء الرجال بالرجال وقال ان المنهزم لا يرده شيء فأبى عوف الا المسير بهم فقال دريد هذا يوم لم أشهده ولم يفتني وأنشد:
يا ليتني فيها جذع ... أخب فيها واضع
ولما أجمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسير اليهم أرسل الى صفوان بن أمية ابن خلف يستعير منه السلاح وكان صفوان بن أمية حينئذ مشركا فقال أغصبا يا محمد قال بل عارية مضمونة قال ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح ثم خرج صلى الله عليه وآله وسلم بجيش الفتح وألفين من الطلقاء واستخلف على مكة عتاب بن أسيد (ثقيف ونصر) مصروفان (وجشم) بالجيم والمعجمة بوزن عمر غير مصروف وجشم حى من ثقيف قال البغوي وكان على ثقيف كنانة بن عبد ياليل الثقفى (قيس عيلان) بفتح المهملة وسكون التحتية (دريد) بالتصغير (ابن الصمة) بكسر المهملة وتشديد الميم ابن بكر بن علقمة بن خزاعة بن عدن بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن يكنى أبا قرة قاله السهيلى (متيمنين) بزعمهم أي متبركين (قارع) بالقاف (الخطوب) جمع خطب وهو الأمر العظيم (مائة وستون) كما روى أبو صالح عن الليث (أو مائة وعشرون سنة) كما روي عن ابن اسحاق (الا المسير بهم) بالنصب (لم أشهده) أي لعدم سماع رأيه فيه كأنه لم يشهده (ولم يفتني) أي لحضوره فيه بنفسه (يا ليتني فيها) أى في هذه الحرب (جذع) بسكون العين للزجر وأصل الجذع للدواب ثم استعير للشاب القوي وتمنى كونه جذعا ليبالغ في الحرب ويمعن فيها (أخب) الخب ضرب من السير يكون مع الاسراع ومقاربة الخطا (وأضع) بالضاد المعجمة والعين المهملة أي أسرع (أرسل الى صفوان بن أمية) كما روى أبو داود عنه قال استعار مني رسول الله صلى الله عليه وسلم درعا يوم حنين فقلت أغصبا يا محمد قال لا بل عارية مضمونة قال أهل السير وكان صفوان يوم الفتح هرب الى جدة ليركب منها البحر الى اليمن فاستأمن له عمير بن وهب الجمحي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه.
فأعطاه عمامته التي دخل بها مكة فخرج ولحقه وجاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اجعلني في أمري بالخيار شهرين قال أنت فيه بالخيار أربعة أشهر (عارية مضمونة) هذا أصل في ضمان العارية (بجيش الفتح) أى وهم عشرة آلاف (وألفين من الطلقاء) وكان جملتهم اثني عشر الفا وقال عطاء ستة عشر الفا وقال الكلبي كانوا عشرة آلاف وكانوا يومئذ أكثر ما كانوا قط (عتاب) بفتح المهملة وتشديد الفوقية (ابن أسيد) بفتح الهمزة وكسر المهملة بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
الاموي فكانت مدة اقامته بمكة بعد الفتح الى ان خرج لحنين خمسة عشر أو سبعة عشر أو ثمانية عشر أو تسعة عشر يوما يقصر الصلاة لذلك. قال أصحابنا ان المسافر اذا دخل بلدا ونوى الخروج منها في كل وقت قصر الى ثمانية عشر يوما ثم يتم وقال بعضهم يقصر أبدا مادام على هذه النية وتعليله متجه لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقفت حاجته على هذه المدة والظاهر أنه لو زادت حاجته لبقى على ترخصه يؤيده أيضا ما روى أبو داود وصححه ابن حبان عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة ويروى أن ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى حنين وهو واد بين مكة والطائف وكان المشركون قد سبقوا اليه فكمنوا في أحنائه وشعابه فلما تصوب المسلمون اليه في عماية الصبح شدوا عليهم شدة رجل واحد فاشتمر المسلمون راجعين لا يلوى أحد على أحد وكان رجل من المسلمين قد قال حين رأى رأي في المنام أسيدا أباه واليا على مكة مسلما فمات كافرا وكانت الرؤيا لولده عتاب حين أسلم فولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن احدى وعشرين سنة ورزقه كل يوم درهما وكان يقول لا أشبع الله بطنا جاع على درهم في كل يوم حكاه السيهلي عن أهل التعبير (الأموي) بضم الهمزة نسبة الى أمية على غير قياس (خمسة عشر) كما رواه أبو داود وابن ماجه والنسائي عن ابن عباس (أو سبعة عشر) كما في رواية أخرى لابي داود (أو ثمانية عشر) وقيل الى تسعة عشر يوما واختاره ابن الصلاح والسبكي وغيرهما لقول البيهقي انها أصح الروايات وقيل لا يعارض بل من روي ثمانية عشر أسقط يومي الدخول والخروج ومن روى تسعة عشر أسقط أحدهما وقدموا هاتين الروايتين على رواية سبعة عشر وخمسة عشر لأنهما أرجح وقيل لا يترخص الا أربعة لان الترخص اذا امتنع عليه بنية إقامتها فباقامتها أولى وحكاه في الشرح والروضة قولا (وقال بعضهم يقصر أبدا) وحكى الترمذي الاجماع عليه (أقام بتبوك عشرين يوما) هي على الاول محمولة على انه عد يومي الدخول والخروج (باذربيجان) بفتح الهمزة بغير مد وسكون الذال المعجمة وفتح الراء وكسر الموحدة وسكون التحتية بعدها جيم فألف فنون على الأشهر وقيل بمد الهمزة وفتح المعجمة والراء وكسر الموحدة وفتحها هو اقليم معروف وراء العراق غربي ارمينية (فكمنوا في أحيائه) بالمهملة والتحتية أي معاطفه (في عماية الصبح) بفتح المهملة أي ظلمة الصبح الباقية من ظلمة الليل (شدوا) يعني الكفار (عليهم) أى على المسلمين قال البغوى ما معناه كان المشركون قد انهزموا وخلوا عن الذراري ثم نادوا يا حماة السوء اذكروا الفضائح فتراجعوا (فاشتمر المسلمون) بالمعجمة أي رجعوا منهزمين قال البغوي وقال قتادة ذكر لنا ان الطلقاء انجفلوا يومئذ بالناس فلما انجفل القوم هربوا (وكان رجل من المسلمين)
تكاثر الجيش لن نغلب اليوم عن قلة فلم يرض الله قوله ووكلوا الى كلمته وولوا مدبرين هذا معنى ما ذكر ابن اسحق وفي صحيح البخاري عن البراء بن عازب وقد سأله رجل من قيس أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين فقال لكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يفر كان في هوازن رماة وانا لما حملنا عليهم انكشفوا فأكببنا على الغنائم فاستقبلونا بالسهام ولقد رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على بغلته البيضاء وان أبا سفيان بن الحارث آخذ بزمامها وهو يقول- أنا النبي لا كذب- وفي رواية- أنا ابن عبد المطلب- وفي اسمه سلمة بن سلامة بن وقش (لن نغلب اليوم من قلة) قال التفتازاني هو نفى للقلة واعجاب بالكثرة يعني ان وقع مغلوبية فليس عن القلة كما قال صلى الله عليه وسلم لن تغلب اثنا عشر الفا من قلة رواه أبو داود والترمذي والحاكم عن ابن عباس وقد توهم بعضهم من هذا الحديث ان القائل يوم حنين لن نغلب اليوم عن قلة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاشا فان هذا الحديث خرج مخرج الخبر على العموم أفكل جيش يبلغ اثنى عشر ألفا لا يغلب عن قلة وهو طرف من حديث أوله خير الصحابة أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف ولن يغلب اثنا عشر ألفا عن قلة وسبب التوهم أنهم كانوا يوم حنين اثني عشر ألفا فظن انه صلى الله عليه وسلم قالها لخصوص ذلك الجيش وليس كذلك والقرآن العظيم يدل على ان قائل تلك المقالة كان معجبا بالكثرة وهو المواجه بالخطاب في أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ الى آخر الآية ثم قال ثم انزل الله سكينه على رسوله ولو كان الخطاب في الآية الاولى موجها اليه صلى الله عليه وسلم لقال ثم أنزل الله سكينته عليكم بل ولو كان الخطاب كذلك لما لزم منه انه صلى الله عليه وسلم قالها يومئذ والله أعلم (وفي صحيح البخاري عن البراء بن عازب) ورواه عنه أيضا مسلم والترمذي (لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر) وللترمذي أشهد على نبي الله صلى الله عليه وسلم انه ما ولى (فاستقبلونا بالسهام) ولمسلم فرموهم برشق من نبل كأنها رجل من جراد (على بغلته البيضاء) قال النووي هي التي تسمى الدلدل ولا يعرف له صلي الله عليه وسلم بغلة سواها انتهى وسيأتي الكلام على ذكر البغال في محله ان شاء الله تعالى (أنا النبي لا كذب) أي حقالا أفر ولا أزول فيه جواز قول ذلك في الحرب ومثله قول سلمة- انا ابن الاكوع- وفيه ان الكلام الموزون بلا قصد لا يسمى شعرا بدليل وما علمناه الشعر وما ينبغي له مع تلفظه صلى الله عليه وسلم بذلك وقد وقع في القرآن كثير من ذلك نحو لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.
والله يهدى من يشاء الى صراط مستقيم وجفان كالجوايى وقدور را أسيات (انا ابن عبد المطلب) هو على عادة العرب في الانتساب الى الجد اذا كان أشهر من الاب وقيل لان عبد المطلب كان قد سر به صلى الله عليه وسلم وبظهوره فأراد صلى الله عليه وسلم أن يذكرهم بذلك زاد الترمذى اللهم انزل نصرك ثم صفهم وزاد الطبراني عن أبي سعيد بعد قوله انا ابن عبد المطلب أنا أعرب العرب ولدتني قريش ونشأت في بني سعد
رواية فما رئي في الناس يومئذ أشد منه. وروينا في صحيح مسلم عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها ارادة أن لا تسرع وأبو سفيان آخذ بركابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي عباس ناد أصحاب السمرة وكان العباس رجلا صيتا فقلت بأعلى صوتي أين أصحاب السمرة فاني يأتيني اللحن (فما رئى في الناس يومئذ أشد) بالرفع (منه) ففيه دليل على قوة شجاعته صلى الله عليه وسلم وثبات جأشه وقوة ثقته بربه سبحانه وفي رواية في الصحيح قال البراء كنا اذا احمر البأس نتقي به وان الشجاع منا للذي يحاذى به (فلزمت أنا وأبو سفيان) المغيرة (بن الحارث) بن عبد المطلب (رسول الله صلى الله عليه وسلم) مفعول (فلم نفارقه) قال النووي في هذا عطف الاقارب بعضهم على بعض عند الشدائد وذب بعضهم عن بعض (فروة) بفتح الفاء وسكون الراء (ابن نفاثة) بضم النون وتخفيف الفاء وبعد الالف مثلثة هذا هو الصحيح المعروف وفي رواية لمسلم بن نعامه بالعين والميم. قال الطبري أسلم وقال غيره لم يسلم وفي صحيح البخاري أهداها له ملك ايلة يحنه بن رؤية وانما قبل هدية الكفار هنا مع قوله في حديث آخر هدايا العمال غلول رواه أحمد والبيهقي في السنن عن أبي حميد الساعدى وأبو يعلي عن حذيفة مع رده بعض هدايا المشركين وقوله انا لا نقبل شيأ من المشركين رواه أحمد والحاكم عن حكيم بن حزام لاختصاصه صلى الله عليه وسلم بالفئ بخلاف غيره فقبل صلى الله عليه وسلم ممن طمع في اسلامه لمصلحة يرجوها للمسلمين لان الهدية توجب المحبة والمودة وأما غيره صلى الله عليه وسلم من العمال والولاة فلا يحل له قبولها لنفسه والا كانت فيئا للمسلمين عند جمهور العلماء لانه لم يهدها اليه الا لكونه امامهم وان كانت من قوم هو محاصرهم فغنيمة (فطفق) بكسر الفاء أشهر من فتحها (يركض بغلته) في هذا كما قال النووي دليل أيضا على قوة شجاعته وثباته حيث يركض بغلته الى جمع المشركين وقد فر الناس عنه وفي رواية أخرى في صحيح مسلم انه نزل الى الارض حين غشوه للمبالغة في الثبات والشجاعة والصبر أو ليواسي من كان نازلا على الارض من المسلمين (وأنا آخذ) بضم المعجمة بلا تنوين فعل مضارع وبكسرها مع التنوين اسم فاعل (ناد أصحاب السمره) هى الشجرة التى بايعوا تحتها بيعة الرضوان وأراد صلى الله عليه وسلم ان يذكرهم ما بايعوا عليه يومئذ لانهم بايعوا يومئذ على أن لا يفروا (وكان العباس رجلا صيتا) أي شديد الصوت بحيث انه كان يقف على سلع فينادى غلمانه في آخر الليل وهم في الغابة فيسمعهم وبين سلع وبين الغابة ثمانية أميال ذكر ذلك الحازمي في المؤتلف (اين أصحاب السمره) زاد البيضاوي
قال فو الله لكأن عطفتهم على حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها فقالوا يا لبيك يا لبيك فاقتتلوا والكفار والدعوة في الأنصار يقولون يا معشر الأنصار ثم قصرت الدعوة على بنى الحارث بن الخزرج فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها الى قتالهم فقال هذا حين حمي الوطيس ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهنّ في وجوه الكفار ثم قال انهزموا ورب محمد قال فو الله ما هو الا أن رماهم بحصياته فما زلت أري حدهم كليلا وأمرهم مدبرا* وروي أن العباس لما ناداهم جعل الرجل منهم يثني بعيره فلم يقدر عليه فيقتحم عنه ويؤم الصوت حتى اجتمع منهم مائة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل ألف فاستعرضوا الناس وساروا قدما حتى فتح الله عليهم وكانت الهزيمة ونزل في ذلك قوله تعالى وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ
وغيره اين أصحاب سورة البقرة أراد المذكورين في قوله آمَنَ الرَّسُولُ قاله الطيبي (لكان عطفتهم على حين سمعوا صوتي) فيه دليل على عدم بعد فرارهم وعدم حصوله من جميعهم بل من الطلقاء ونحوهم ممن لم يستقر الايمان في قلبه (عطفة البقر) بالضم خبر كان المشددة (فاقتتلوا والكفار) بالنصب مفعول معه لا غير (والدعوة) بفتح الدال أي الاستغاثة والمناداة (في الانصار) أي اليهم (ثم قصرت) بفتح القاف وضم المهملة (هذا حين حمى الوطيس) بفتح الواو وكسر المهملة وسكون التحتية آخره سين مهملة وهو التنور أو شبهه فيه قولان يضرب مثلا لشدة الحرب الذى يشبه حرها حره وقال الاصمعي هى حجارة مدورة اذا حميت لم يقدر أحد يطأ عليها وقيل هو الضراب في الحرب وقيل هو الوطس الذي يطس الناس أي يدقهم قال العلماء هذه اللفظة من فصيح الكلام وبديعه الذى لم يسمع من أحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم (ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات) في رواية أخرى لمسلم فقبض قبضة من تراب الارض ثم استقبل بها وجوههم (انهزموا ورب محمد) في الرواية الأخرى فيه شاهت الوجوه أي قبحت ففي كلا الحديثين كما قال النووى معجزتان ظاهرتان احداهما فعلية والاخرى خبرية ثم الجمع بينهما انه أخذ قبضة من حصى وقبضة من تراب فرمى بذامرة وبذامرة أو أخذ قبضة واحدة مخلوطة من حصى وتراب (فما زلت أرى حدهم كليلا) بفتح الحاء أى ما زلت أرى قوتهم ضعيفة (وروى ان العباس الى آخره) رواه ابن اسحق في سيرته وغيره (يثنى بعيره) يلويه وزنا ومعنى (فيقتحم عنه) أى يزل (ويؤم الصوت) أي يقصده (قدما) بضم القاف أي يقدم بعضهم بعضا وهذا وصف الشجعان (وكانت الهزيمة) تامة لا تحتاج الى خبر (ويوم حنين) أي ونصركم يوم حنين لانه معطوف على قوله لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ اشارة الى قول من قال لن نغلب اليوم عن قلة (فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً) لأن الظفر لا يكون بالكثرة وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ أي برحبتها وسعتها ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ منهزمين
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ قال سعيد بن جبير أمده الله يومئذ بخمسة آلاف من الملائكة مسومين. قيل لم تقاتل الملائكة يومئذ وانما نزلت لتجبين الكفار وتشجيع المسلمين* وروى انه لما انهزم المسلمون شمت كثير من الطلقاء وانجفلوا بالناس وقال كلدة بن حنبل الآن بطل السحر فقال له أخوه صفوان بن أمية اسكت فض الله فاك فو الله لأن يربنى رجل من قريش احب الي من أن يربني رجل من هوازن. قال الزهري وبلغنى ان شيبة ابن عثمان يعنى الحجبي فال استدبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وأنا أريد قتله بطلحة بن طلحة وعثمان ابن طلحة وكانا قد قتلا يوم أحد فأطلع الله رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما في نفسي فالتفت الي وضرب في صدري وقال أعيذك بالله يا شيبة فأرعدت فرائصى فنظرت اليه فاذا هو أحب الىّ من سمعي وبصري فقلت أشهد أنك رسول الله وبأن الله قد أطلعك على ما في (ثم) بعد الهزيمة (أنزل الله سكينته) هى فعيلة من السكون أي أمنته وطمأنينته (على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل) من السماء (جنودا لم تروها) يعني الملائكة قال البغوى قيل لا للقتال ولكن لتجبين الكفار وتشجيع المسلمين لانه يروي ان الملائكة لم تقاتل الا يوم بدر انتهى ومر الكلام في ذلك في غزوة أحد (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالقتل والاسر وسبي العيال وسلب الاموال (وَذلِكَ) التعذيب (جَزاءُ الْكافِرِينَ) بالله ورسوله (ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ) فيهديه للاسلام (وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قال سعيد بن جبير) كما نقله البغوى في التفسير (مسومين) بفتح الواو وكسرها كما مر في غزوة بدر قال البغوي وفي الخبران رجلا من بنى النصر قال للمؤمنين بعد القتال اين الخيل البلق والرجال عليهم ثياب بيض ما كنا نراكم فيهم الا كهيئة الشامة وما كان قتلنا الا بأيديهم فأخبروا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تلك الملائكة (لتحبين الكفار) أى نخذيلهم (وتشجيع المسلمين) أي تجرئتهم (وروي) في كتب السير (شمت) بفتح المعجمة وكسر الميم والشماتة فرح العدو بمصيبة ضده (انجفلوا بالناس) بهمز وصل وسكون النون وفتح الجيم والفاء أى هربوا بسرعة (كلدة) بفتح الكاف واللام والمهملة (ابن حنبل) بفتح المهملة والموحدة وسكون النون بينهما (فقال له أخوه) من أمه (فض الله فاك) أى كسر أسنانك (لان يربني) بضم الراء وتشديد الموحدة أى يتولى على (قال الزهري وبلغني ان شيبة بن عثمان الى آخره) أخرجه أبو بكر أحمد بن أبى خيثمة في تاريخه من حديث شيبة (فالتفت الى) فيه معجزة ظاهرة له صلى الله عليه وسلم حيث اطلع على ما في نفسه وفي حديث ابن أبي خيثمة قال فلما هممت به حال بيني وبينه خندق من نار وسور من حديد فالتفت الى آخره (فارعدت) مبنى للمفعول (فرائصى) جمع فريصة
نفسي* وروينا في الصحيحين واللفظ للبخاري عن ابي قتادة رضي الله عنه قال لما كان يوم حنين نظرت الى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله فأسرعت الى الذي من ورائه يختله فرفع يده ليضربني فضربت يده فقطعتها ثم أخذنى فضمنى اليه ضما شديدا حتى تخوفت ثم برك فتحلل ودفعته ثم قتلته وانهزم المسلمون وانهزمت معهم فاذا عمر بن الخطاب في الناس فقلت له ما شأن الناس فقال أمر الله ثم تراجع الناس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقام بينة على قتيل قتله فله سلبه فقمت لا لتمس بينة على قتيلي فلم أر أحدا يشهد لى وجلست ثم بدا لى فذكرت أمره لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من جلسائه سلاح هذا القتيل الذي يذكره عندي فأرضه منه فقال أبو بكر لاها الله اذن لا تعطه أصيبع من قريش وتدع أسدا بالفاء والراء والمهملة مكبرة وهي لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع (وروينا في) الموطا و (الصحيحين) وسنن أبي داود والترمذي (عن أبي قتادة) اسمه الحارث بن ربعى كما مر ورواه أيضا أحمد وأبو داود عن أنس ورواه أحمد وابن ماجه عن سمرة (لما كان يوم حنين) بالنصب والرفع (يختله من ورائه) بفتح أوله وسكون المعجمة وكسر الفوقية أي يريد ان يأخذه على غفلة (فضمنى اليه ضما شديدا) زاد مسلم حتى وجدت ريح الموت (ثم برك) بالموحدة للاكثر ولبعضهم بالفوقية (فتحلل) بالمهملة أى انفك مني (فقال أمر الله) أى حكمه وقضاؤه (على قتيل) وللبيهقى في السنن على أسير (فله سلبه) قال العلماء يستحق القاتل ولو ناقصا ومثله من أزال منعته حال الحرب وكذا الاسير جميع السلب من سلاح معه كسيف ورمح ودرع ومغفر وما عليه للزينة كطوق وسوار ومنقطة وخاتم وفرسه أيضا وكذا نفقته ونفقة مركوبه وما عليه من سرج ولجام ومقود وغيرها والجنيبة لانه قد يحتاج اليها ويستحق من الجنائب واحدة واما الحقيبة وهي بفتح المهملة وكسر القاف الوعاء الذي يجمع فيه المتاع ويجعل خلف الراكب فليست من السلب على اشكال فيها وقد اختار السبكي وغيره دخولها (فقال رجل من جلسائه) قال ابن حجر لم يسم الا انه قرشى وعند الواقدي انه أوس بن خزاعي الاسلمي (فارضه منه) بقطع الهمزة وكسر المعجمة وفي بعض نسخ البخاري فارض منه (فقال أبو بكر) ولاحمد فقال عمر وجمع بأن كلا قال (لاها الله اذن) قال الخطابي صوابه لاها الله ذا بغير الف زادها فيه بمعنى الواو التي يقسم بها فهو بمعنى لا والله ذا معناه لاها الله ذا بمعنى أو ذا قسمى قاله المازنى أو هي زائدة قاله أبو زيد وها بالقصر والمد وهي جارة كالواو ولا يقال ها والله بجمعهما وأنكر الطيبي قول الخطابي وقال بل الرواية صحيحة ومعناها والله اذا لا أفعل قال ويحتمل ان اذا زائدة وقال القرطبي اذن هنا حرف جواب وقد وردت كذلك في عدة من الاحاديث أفيظن بوارد الرواة جميعها الغلط والتحريف معاذ الله قال النووي في هذا الحديث دليل على ان هذه اللفظة تكون يمينا قال أصحابنا ان نوى بها اليمين كانت يمينا والا فلا لانها ليست متعارفة في اليمين (لا تعطه) نهى (اصيبع) رواية القابسي في صحيح
من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأداه الي فاشتريت به خرافا فكان أوّل مال تأثلته في الاسلام* وروينا في صحيح مسلم عن سلمة بن الاكوع قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فلما واجهنا العدو تقدمت فاعلوا ثنية قاستقبلني رجل من العدو فأرميه بسهم فتواري عني فما دريت ما صنع فنظرت الى القوم فاذاهم قد طلعوا من ثنية أخرى فالتقواهم وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فولى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وأرجع منهزما وعلى بردتان متزرا بأحداهما مرتديا بالأخرى فاستطلق أن أرى فجمعتهما جمعا ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما وهو على بغلته الشهباء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأى ابن الاكوع فزعا فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب من الأرض ثم استقبل به وجوههم فقال شاهت الوجوه فما خلق الله منهم انسانا الا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم الله وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين*
[,
وممن ثبت يومئذ مع البخاري والسمرقندي في صحيح مسلم باهمال الصاد واعجام العين قال النووى وصفه بذلك لتغير لونه وقيل حقره وذمه لسواد لونه وقيل معناه انه صاحب لون غير محمود وقيل وصفه بالمهانة والضعف قال الخطابي الاصيبغ نوع من الطين قال ويجوز انه شبهه بنبات ضعيف يقال له الصغا أو ما يطلع من الارض ويكون ما يلى الشمس منه أصفر ورواية غيرهما باعجام الصاد واهمال العين وهو تصغير ضبع على غير قياس كأنه لما وصف أبا قتادة بأنه أسد صغر هذا بالاضافة اليه فشبه بالضبع لضعف افتراسها وما يوصف به من العجز والحمق وفيه رواية ثالثة ذكرها بعض شراح البخاري وهى اهمال الصاد والعين معا فان صحت فمعناه انه شبهه بالاصبع الصغيرة لقصره وضعفه (من أسد الله) بضم الهمزة مع ضم السين واسكانها (خرافا) بكسر المعجمة وفي رواية في الصحيحين وغيرهما مخرفا بفتح الميم والراء وروي بكسر الراء وهي البستان وقيل السكة من النخل يكون صفين يخترف من أيهما شاء وقيل هى الجنينة الصغيرة وقيل هي نخلات يسيرة قال النووي وأما المخرف بكسر الميم وفتح الراء فهو الوعاء الذي يجعل فيه ما يخترف من الثمار أي يجتني (فكان أوّل) بنصب أوّل على الخبر واسم كان مضمر فيها (تأثلته) بمثلثة بين مثناتين فوقيتين أى أفنيته وتأصلته واثلة الشيء أصله (ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم) حال كونى (منهزما) لا حال كونه صلى الله عليه وسلم اذ لا يجوز عليه الانهزام (شاهت الوجوه) قبحت يومئذ كما مر في غزوة بدر (فما خلق الله منهم انسانا الى آخره) جملة من عدهم المصنف ثمانية ونقل البغوي عن الكلبي ان الذين ثبتوا يومئذ ثلاثمائة قال وقال آخرون لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم غير العباس بن عبد المطلب
رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل بيته علي بن أبى طالب والعباس وابنه الفضل وأبو سفيان وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وأيمن ابن أم أيمن أخو أسامة بن زيد* ومن رؤساء المهاجرين أبو بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين قال ابن اسحق فلما هزمت هوازن استجر القتل من ثقيف في بني مالك فقتل منهم تحت رايتهم سبعون رجلا وتفرق المشركون في الهزيمة فلحق عوف بن مالك في آخرين بالطائف وتركوا أولادهم وأموالهم واحتبس كثير منهم بأوطاس على أموالهم وتوجه بعضهم نحو نخلة وتبعت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك في نخله ولم تتبع من سلك الثنايا فأدرك ربيعة بن رفيع السلمى دريد بن الصمة وهو في شجار له فأناخ به ثم ضربه فلم تغن شيئا فقال بئس ما سلحتك أمك خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل ثم أضرب به وارفع عن العظام واخفض عن الدماغ فاني كنت كذلك أضرب الرجال ثم اذا أتيت أمك فاخبرها اني قتلت دريد فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك ويقال انه أنشد حين تحقق الهزيمة:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
وما أنا الا من غزية إن غوت ... غويت وان ترشد غزية أرشد
[,
خبر غنائم حنين ولما رجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الطائف ونزل الجعرانة قسم بها الغنائم فأعطا الطلقاء ورؤساء العرب ومن ضعف إيمانه يتألفهم ويتألف بهم ووكل آخرين الى إيمانهم ويقينهم من الأنصار* وروينا في صحيح مسلم عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والاقرع بن حابس كل انسان منهم مائة من الابل وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك فقال شعرا:
أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع
فما كان بدر ولا حابس ... يفوقان مرداس في مجمع
وما كنت دون امرئ منهما ... ومن يخفض اليوم لا يرفع
فاتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من الابل وذكر خارج الصحيحين جماعة من أهل المئين سوى هؤلاء وآخرين دون ذلك وأعطى من الشاء بغير عدد وفي الحديث أن اعرابيا سأله فاعطاه غنما بين جبلين فلما رجع الى قومه قال أسلموا فان محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة وقد أتى على هذا المعنى في مدحه صلى الله عليه وسلم أحد المحبين عفيف الدين عبد الله بن جعفر التميمى رحمه الله فقال: سمي منهم ابن اسحق في غير رواية ابن هشام الازرق عبد للحارث بن كلدة والدابي بكرة والمنبعث عبد لعثمان بن عامر بن معتب وكان اسمه المضطجع فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبعث ويحنس النبال؟؟؟ عبد لبعض آل يسار وورد ان عبد لعبد الله بن ربيعة بن حرشة وابراهيم بن جابر عبد لحرشة أيضا قال وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاء هؤلاء العبيد لساداتهم حين أسلموا وزاد ابن عبد البر نافع بن الحارث أخا أبى بكرة وزاد ابن سلام نافعا مولى عيلان بن سلمة (اللهم اهد ثقيفا) أخرجه الترمذى من حديث جابر فلفظه قالوا يا رسول الله أحرقتنا نبال ثقيف فادع عليهم فقال اللهم أهد ثقيفا* خبر غنائم حنين (ونهب العبيد) اسم فرسه وهو مصغر وباؤه موحدة (فما كان بدر) في رواية حصن وكلاهما صحيح لانه عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ونسب الى بدر لشهرته (يفوقان) يفضلان (مرداس) بترك الصرف لضرورة الشعر (وفي الخبران اعرابيا) هو صفوان بن أمية (من لا يخشي الفاقة) أى الحاجة
القاسم الآبال رب هنيدة ... بحنين جاد بها على العربان
والقاسم الاغنام لا عدد لها ... الا بما يطيف به الجبلان
ولما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المقاسم الجليلة وأعطى العطايا الحفيله استشره جفاة العرب واجفوه في المسئلة حتى اضطروه الى سمرة فخطفت رداءه فقال اعطوني ردائى فلو كان لى عدد هذه العضاءة نعما لقسمته بينكم ثم لا تجدونى بخيلا ولا كذابا ولا جبانا وحتى قال له الاعرابى الا تنجز لى ما وعدتني فقال أبشر فقال أكثرت على من قول أبشر وقال له الآخر ان هذه القسمة ما أريد بها وجه الله فقال رحم الله موسى قد أوذى بأكثر من هذا فصبر وقال له آخر اعدل يا محمد قال ويحك ومن يعدل ان لم أعدل (القاسم الابال) بالكسر على الاضافة غير المحضة والابال جمع ابل (رب هنيدة) بالتصغير اسم للمائة من الابل كما ان الذود اسم لما بين والثلاث الي العشر والضرمة اسم لما بين العشرة الى الاربعين والهجمة اسم لما فوق ذلك والعكرة اسم لما بين الخمسين الى السبعين (بحنين) بلا صرف لضرورة الشعر (العربان) بضم العين (والقاسم الاغنام) جمع غنم وهو بالجر كما مر (لا عدد) بالتنوين لضرورة الشعر (يطيف به) بضم أوله رباعي أى يحيط به (الحفيلة) بفتح الحاء المهملة وكسر الفاء أي الكثيرة المجموعة والحفل كما في الصحاح الاجتماع (استشره) تطلع (جفاة العرب) أي أجلافهم (واجفوه) بفتح الفاء أي ألحوا عليه (حتى اضطروه) بهمزة وصل وتشديد الراء أى الجأوه (فخطفت) بكسر الطاء (هذه العضاءة) بالمهملة فالمعجمة على وزن المساة كما سبق (ثم لا تجدوني الى آخره) لمسلم انهم خيروني بين ان يسألوني بالفحش أو يبخلوني ولست بباخل أي انهم ألحوا على في السؤال لضعف ايمانهم والجأوني بمقتضي حالهم الى السؤال بالفحش أو نسبتى الى البخل ولست ببخل فينبغى احتمال واحد من الامرين قال النووي في الحديث مداراة أهل الجهالة والقسوة وتألفهم اذا كان فيه مصلحة وجواز دفع المال اليهم لهذه المصلحة (وحتي قال له الاعرابي) قيل هو الاقرع بن حابس (وقال له الاخر) هو معتب بن قثير سماه الواقدى وغيره (ان هذه القسمة ما أريد بها وجه الله) قال عياض حكم الشرع تكفير من سبه صلى الله عليه وسلم وقتله ولم يقتل هذا الرجل قال المازرى لانه لم يفهم منه الطعن في النبوة وانما نسبه الى ترك العدل في القسمة أو لعله صلي الله عليه وسلم لم يسمعه بل نقله عن واحد وشهادة الواحد لا يراق لها الدم قال وهذا الأويل باطل يدفعه قوله في الحديث اتق الله يا محمد واعدل يا محمد فانه خاطبه خطاب المواجهة بحضرة الملأ حتى استأذن عمر وخالد النبي صلى الله عليه وسلم في قتله فقال معاذ الله ان يتحدث الناس ان محمدا يقتل أصحابه فهذه هي العلة وسلك معه مسلك غيره من المنافقين الذين آذوه وسمع منهم في غير موطن ما يكرهه (وقال له آخر) هو ذو الخويصرة واسمه حرقوص بن زهير (فمن يعدل ان لم اعدل) في رواية ان لم يعدل الله ورسوله بين فيها
[,
ولما لم يصب الانصار من هذه المقاسم قليل شيء ولا كثيره وجدوا وجدا عظيما ووقع في أنفسهم ما لم يقع قبل ذلك وقالوا يغفر الله لرسول الله يعطى قريشا ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم وقالوا اذا كانت شديدة فنحن ندعى وتعطى الغنيمة غيرنا فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبر موجدتهم جمعهم فخطبهم فقال يا معشر الانصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بى وكنتم متفرقين فألفكم الله بي وعالة فأغناكم الله بي كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله أمنّ قال ما يمنعكم ان تجيبوا رسول الله كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله أمن قال لو شئتم لقلتم جئتنا كذا وكذا أما ترضون ان يذهب الناس بالشاء والبعير وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم الى رحالكم لولا الهجرة لكنت أمر أمن الانصار ان فعله ذلك بأمر من الله عز وجل وتتمة الحديث خبت وخسرت ان لم اعدل وهو بضم التاء فيهما ومعناه ظاهر وبفتحها على الاشهر ومعناه ان جرت لزم ان تجور أنت لأنك مأمور باتباعي فتخيب وتخسر باتباعك الجائر قال القرطبي هذا معنى ما قاله الائمة قال ويظهر لى وجه آخر وهو انه كان قال له لو كنت جائرا لكنت أنت أحق الناس بان يجار عليك ويلحقك بادرة الجور الذى صد عنك فتعاقب عقوبة معجلة في نفسك ومالك يخسر كل ذلك بسبها لكن العدل هو الذى منع من ذلك وتلخيصه لولا امتثال أمر الله تعالى في الرفق لك لادركك الهلاك والخسار قال في الديباج فاقول الذي عندي ان هذه الجملة اعتراضية للدعاء عليه والاخبار عنه بالحيبة والخسران وليس قوله ان لم اعدل معلقا بها بل بالاول وهو قوله ومن يعدل وما بينهما اعتراض انتهي قلت ايضاح هذا انه صلى الله عليه وسلم كأنه قال ومن يعدل ان لم اعدل خيبك الله وزادك خسرانا وما قاله محتمل لكن تأويل غيره أليق بمقام النبوة وانزه عن مكافأة ذى الشر بمثله وأعظم مدحا له صلي الله عليه وسلم بالحلم والصبر واحتمال الأذى ومقابلته بالعطاء (لم يصب الانصار) بالنصب (قليل شيء) بالرفع (وجدوا) بفتح الجيم (وجدا) بفتح الواو وقد مر ان مصدر الوجد الذى هو بمعنى الغضب موجدة بفتح الميم وسكون الواو وكسر الجيم (وسيوفنا تقطر من دمائهم) قال السيوطى وغيره فيه قلب أى ودماؤهم تقطر من سيوفنا أو من بمعنى الباء (اذا كانت شديدة) أي حرب شديدة (وتعطى) بالفوقية مبنى للمفعول (الغنيمة) بالرفع (غيرنا) بالنصب وروي ويعطي بالتحتية مبني للمفعول الغنيمة بالنصب غيرنا بالرفع وبالتحتية مبنى للفاعل الغنيمة غيرنا بنصبهما (فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم) بالنصب (خبر) بالرفع (موجدتهم) أي غضبهم ومرضبطها آنفا (جمعهم) زاد مسلم في رواية فقال أفيكم أحد من غيركم قالوا لا الا ابن اخت لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أخت القوم منهم قال النووي استدل به من يورث ذوى الارحام وأجاب المانعون بانه ليس في هذا اللفظ ما يقتضي توريثه وانما معناه ان بينه وبينهم ارتباطا وقرابة ولم يتعرض للارث وسياق الحديث يقتضى ان المراد انه كالواحد منهم في إفشاء سرهم بحضرته ونحو ذلك (ألم أجدكم ضلالا) بالتشديد جمع ضال (وعالة) بالمهملة وتخفيف اللام أي فقراء (الله ورسوله أمن) بتشديد النون افعل تفضيل من المن (الى رحالكم) بالمهملة أي بيوتكم (لولا الهجرة لكنت أمرا من الانصار) أراد بذلك ان يطيب قلوبهم حيث رضى بان يكون واحدا منهم أي لولا أمر الهجرة التى لا يمكن تبديلها والمعنى
ولو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وادى الانصار وشعبها الانصار شعار والناس دثار انكم ستلقون بعدى أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض روي جميع ذلك البخاري. وفي رواية فيه انه صلى الله عليه وسلم جمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم غيرهم فلما اجتمعوا قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما حديث بلغنى عنكم فقال فقهاء الانصار اما رؤساؤنا يا رسول فلم يقولوا شيئا واما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطى قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم فاني أعطى رجالا حديثى عهد بكفر أتألفهم أما ترضون ان يذهب الناس بالاموال وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم الى رحالكم والله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به قالوا يا رسول الله قد رضينا وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترضون ان يذهب الناس بالدنيا وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم الى بيوتكم قالوا بلى وفيها قال هشام لأنس يا أبا حمزة وأنت شاهد ذلك اليوم قال وأين أغيب عنه* وروي خارج الصحيحين ان سعد بن عبادة وحسان بن ثابت لولا ان النسبة التي لا يسعني تركها لانتسبت اليكم وتسميت باسمكم لكن خصوصية الهجرة سبقت فمنعت من ذلك وهي أعلا وأشرف فلا تبدل بغيرها هذا معنى ما ذكره الخطابي (واديا) أي مكانا منخفضا وقيل الوادي مجري الماء المتسع (أو شعبا) بكسر المعجمة وسكون المهملة ثم موحدة وهو الفرجة بين الجبلين قاله الخليل أو الطريق في الجبل قاله ابن السكيت (الانصار شعار) بكسر المعجمة الثوب الذي يلى الجسد استعاره لشدة قربهم منه وانهم بطانته وخاصته وألصق به من غيرهم (والناس دثار) بكسر المهملة ومثلثة الثوب الذي فوق الشعار (ستلقون بعدى أثرة) بضم الهمزة مع سكون المثلثة وبفتحهما وهو الاشهر والافصح وهو الاستئثار بالمشرك يستأثر عليكم ويفضل عليكم غيركم بغير حق وهذا من اعلام النبوة فقد وقع الأمر كما قال صلى الله عليه وسلم (روى جميع ذلك) أحمد و (البخارى) ومسلم وأصحاب السنن عن أنس وعن عبد الله بن زيد وعن أسيد بن حضير (من أدم) أي جلود (ولم يدع معهم) روى من الدعاء ومن الودع وهو الترك (فاني اعطى رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم) عد منهم المجد في القاموس الاقرع بن حابس وجبير بن مطعم والحارث بن قيس والحارث بن هشام وحكيم بن حزام وحكيم بن طليق وحويطب بن عبد العزي وخالد بن أسيد وخالد بن قيس وزيد الخيل وسعيد بن بربوع وسهيل بن عمرو بن عبد شمس العامرى وسهيل بن عمرو الجمحى وصخر بن أمية وصفوان بن أمية الجمحي والعباس بن مرداس وعبد الرحمن بن يربوع والعلاء بن حارثة وعلقمة بن علاثة وأبو السنابل بن عمرو بن بعكك وعمرو بن مرداس وعمير بن وهب وعيينة بن حصن وقيس بن عدى وقيس بن مخرمة ومالك ابن عوف ومخرمة بن نوفل ومعاوية بن أبي سفيان والمغيرة بن الحارث والنضر بن الحارث بن علقمة وهشام بن عمرو
انطلقا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبراه بموجدة الانصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن عبادة هل وجدت في نفسك كما وجد قومك فقال والله يا رسول الله ما أنا الا رجل من قومي فأطرق صلى الله عليه وسلم فبينما هو يفكر إذ اندفع حسان يقول
هام الشجي فدمع العين ينحدر ... سحا على وجنتيه هاطل درر
وجدا بسلمى وقد شط المزار بها ... وغيرتها نوي في صرفها غير
غراء واضحة الخدين خرعبة ... ما عابها أود فيها ولا قصر
كأن ريقتها من بعد رقدتها ... مسك يداف بخمر حين يعتصر
فدع سليمة اذ شط المزار بها ... واصرف مديحك فيمن فيه تفتخر
ائت الرسول رسول الله أكرمنا ... ومن بطلعته يستنزل المطر
ائت الرسول وقل ياخير منتخب ... وزين من يرتجي جودا وينتظر
علام تعطي قريشا وهى نازحة ... انفال قوم هم أو واوهم نصروا
سماهم الله أنصارا لنصرهم ... دين الهدى وعوان الحرب تستعر
هم بايعوك وأهل الارض كلهم ... في حالة الشرك لا سمع ولا بصر
* شعر حسان (هام) أي ذهب لوجهه (الشجي) بالمعجمة والجيم بوزن القوي وهو الذي يعرض له الشجا في حلقه فيغص (ينحدر) يسيل من أعلا الى أسفل (سحا) منصوب على المصدر أو على الحال والسح في الاصل المطر العزير (على وجنتيه) وهما جانبا الجبهة وفي هاء وجنتيه تزحيف (هاطل) سائل وزنا ومعنى (درر) بفتح المهملة وكسر الراء كثير (بسلمى) بفتح السين (شط المزار) أي بعد (وغيرتها نوي) أى بعد (في صرفها) بفتح المهملة وسكون الراء أى الحادث فيها من الكروب (غير) بكسر المعجمة وفتح التحتية قال الشمني اسم من قولك غيرت الشيء فتغير (غراء) بالمد والغرة البياض في وجه الفرس واستعير هنا (واضحة الخدين) أي ظاهرتهما (خرعبة) بضم المعجمة والمهملة وسكون الراء بينهما وبالموحدة وهى البيضاء الناعمة ويقال لها الرعبوبة أيضا (أود) أي انحناء يصفها بانتصاب القامة (من بعد رقدتها) خص ذلك الوقت لأن الريق حينئذ يجف وينتن فاذا كان وصف ريقها بعد الرقدة ما ذكر فكيف اذا كانت لم ترقد والريقة أخص من الريق لانها القليل منه (يداف) يخلط به ويذاف بالمعجمة والمهملة (فدع) اترك (سليمة) بالتصغير (ائت الرسول) أمر من الاتيان (نازحة) بعيدة في الموالاة وان قويت في النسب (لنصرهم) بضم الهاء والميم وكسرهما وكسر الهاء وضم الميم وفي الميم تزحيف وفي بعض النسخ لنصرتهم (وعوان الحرب) أي الحرب العوان بفتح المهملة أي العظيمة (تستعر) تشتعل وزنا ومعنى (وأهل الارض كلهم) فيه ما في لنصرتهم (لا سمع ولا بصر)
نحن الحماة لدين الله ننصره ... بالمشرفية والاكباد تنفطر
نجالد الناس لا نخشى غوائلهم ... ولا نهاب العدى يوما وان كثروا
وقد رأيت ببدر والسيوف لها ... وقع تطير له من حره الشرر
ونحن جندك يوم الشعب من أحد ... بالمشرفية ما في عودنا خور
والناس الب علينا فيك ليس لنا ... الا السيوف وأطراف القناوزر
لا ننثنى عن لقا الاعداء كلهم ... وليس يزجرنا عن حربهم زجر
ويوم سلع وقد خانت وقد نكلت ... من خوف أسيافنا لما أتت مضر
وكم مقام لنا في الحرب تعلمه ... قمنا وأوجهنا في ذاك تزدهر
ما ان ضجرنا ولا رابت كتائبنا ... عن العداة وأهل الشرك قد ضجروا
صخر وعمرو وصفوان وعكرمة ... وآخرون وقوم ما لهم خطر
فكيف قدمتهم يا خير مؤتمن ... وقد تبين منا فيهم الأثر
الا العطاء الذي قدمته لهم ... ولم يكن لك في سادتنا نظر
معنويان (بالمشرفية) جمع مشرفي بفتح الميم والراء وسكون المعجمة بينهما ثم فاء ثم تحتية مشددة منسوب الى مشارف الشام وهى قري من أرض العرب تدنو من الريف قاله في القاموس (والاكباد) بالموحدة (تنفطر) بالفاء تنشق (نجالد الناس) بالجيم أى نصابرهم في الحرب من الجلد وهو الصبر والقوة (غوائلهم) جمع غائلة بالمعجمة والتحتية وهى كل امر يفضي الى الفساد والشر (ولا نهاب) لا نحاف وزنا ومعنى (العدا) بكسر المهملة الأعداء (وقد رايت) بياء المتكلم يريد نفسه أو بياء الخطاب يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما في عودنا) بضم المهملة أي فينا (خور) بفتح المعجمة والواو أي ضعف (والناس إلب علينا) بكسر الهمزة وسكون اللام أي متألبون مجتمعون (فيك) أي بسببك (الا السيوف) بالرفع (واطراف القنا) يعني الرماح (وزر) بضم الواو والزاى جمع وزير أي معين (لا ننثنى) أى لا نرجع (يزجرنا) ينهانا (زجر) بفتح الزاى والجيم أي زاجر كحاكم (ويوم سلع) يريد يوم الخندق (وقد نكلت) بالنون وفتح الكاف أي امتنعت من الحرب (وكم) خبرية (مقام) مجرور بها (تعلمه) بالفوقية (ما) نافية (ان) زائدة (ضجرنا) بكسر الجيم مللنا وزنا ومعنا (ولا رابت) أي خافت (كتائبنا) جمع كتيبة وهي الخيل المجتمعة (صخر) يعني أبا سفيان بن حرب (وعمرو) يعني بن مرداس أو ابن بعكك أبا السنابل فكلاهما كان ممن أعطاه يومئذ كما مر (وصفوان) بالصرف لضرورة الشعر يعنى ابن أمية (وعكرمة) بالصرف كذلك أيضا يعني ابن أبي جهل (ما لهم خطر) بالمعجمة فالمهملة أي قدر يقال فلان عظيم الخطر أي القدر ويحتمل
هذا ما ذكره محمد بن الحسن الكلاعى في سيرته وحذفت بعض القصيدة اختصارا
وقد ذكر ابن اسحق شيأ من ذلك وتشاركا في بعض الألفاظ وروي ان النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك بكي وأمر سعدا ان يجمع قومه فجمعهم ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فكلمهم بما قدمناه والله أعلم.
[