ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بنى النضير بالمدينة شهر ربيع الآخر، وبعض جمادى الأولى، فى صدر السنة الرابعة بعد الهجرة. ثم غزا نجدا، يريد بنى محارب وبنى ثعلبة بن سعد بن غطفان، واستعمل على المدينة أبا ذر الغفارى، أو عثمان بن عفان، ونهض حتى نزل نخلا.
وإنما سميت هذه الغزوة ذات الرقاع لأن أقدامهم رضى الله عنهم نقبت «1» ، وكانوا يلفون عليها الخرق، فلذلك سميت ذات الرقاع.
__________
(1) نقبت الأقدام: أى رقت منها الجلود ولفوا عليها رقاعا من قماش ومنها جاءت اللسمية غزوة ذات الرقاع كما قال أبو موسى الأشعرى.
فلقى صلى الله عليه وسلم بنخل جمعا من غطفان، فتواقفوا، إلا أنه لم يكن حرب، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ صلاة الخوف.
وفى انصرافهم من تلك الغزوة أبطا جمل جابر، فنخسه عليه السلام، فانطلق متقدما للركاب، وابتاعه منه عليه السلام، ثم رده عليه ووهبه الثمن وزيادة قيراط، فلم يزل عند جابر متبركا به، حتى أخذه أهل الشام فى جملة ما انتهبوه بالمدينة يوم الحرة.
وفى هذه الغزوة أيضا أتى رجل من بنى محارب بن خصفة، اسمه غورث ابن الحارث، فأخذ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهزه، وقال: يا محمد من يمنعك منى؟ قال: الله. فرد غورث السيف مكانه، فنزل فى ذلك:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ «1» .
وفى هذه الغزوة رمى رجل من المشركين رجلا من الأنصار كان ربيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجرحه وهو يقرأ سورة من القرآن، فتمادى فى القراءة ولم يقطعها لما أصابه.