وأقام محمد بالمدينة مستريحا إلى نصر الله إيّاه، مطمئنا إلى ما عاد للمسلمين من هيبتهم، حفرا دائما غدرة العدوّ، باثّا عيونه في كل النواحي، وإنه لكذلك إذ اتّصل به أن جماعة من غطفان بنجد يجمعون له يريدون حربه. وكانت خطّته أن يأخذ عدوّه على غرّة قبل أن يعدّ العدّة لدفعه. لذلك خرج في أربعمائة من رجاله حتى نزل ذات الرّقاع حيث اجتمع بنو محارب وبنو ثعلبة من غطفان. فلمّا رأوه طلع عليهم في عدة حربه مهاجما مساكنهم، تفرّقوا تاركين وراءهم نساءهم ومتاعهم. واحتمل المسلمون ما استطاعوا، وعادوا أدراجهم إلى المدينة. على أنهم خافوا رجعة العدو عليهم فتناوبوا الحراسة ليل نهار. وجعل محمد يصلّي بهم أثناء ذلك صلاة الخوف؛ فكان جماعة منهم يظلون مستقبلين العدو مخافة لحاقه بهم في حين يصلّي الآخرون مع محمد لله ركعتين. ولم يبد للعدو أثر وعاد النبي وأصحابه إلى المدينة بعد غيابهم خمسة عشر يوما عنها وهم بظفرهم جدّ فرحين.