بعدما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطائف نزل الجعرانة فيمن معه من المسلمين ومعه من هوازن سبي كثير، ثم قدم عليه صلى الله عليه وسلم وفد هوازن وهو بالجعرانة قد أسلموا، وفي صدارتهم زهير بن صرد، وفيهم أبو برقان عم الرسول صلى الله عليه وسلم من الرضاعة.
فسألوه أن يمُنَّ عليهم بالسبي والأموال، وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبي هوازن ستة آلاف من الذراري والنساء، ومن الإبل والشاء ما لا يُدرى ما عدَّته، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم؟ » فقالوا: يا رسول الله خيرتنا بين أموالنا وأحسابنا، بل ترد إلينا نساءنا وأبناءنا، فهو أحب إلينا.
عند ذلك تنازل النبي صلى الله عليه وسلم عن حقه وحق بني عبد المطلب في ذلك السبي وتلك الغنائم قائلا: «أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم». وعند ذلك قال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وقالت الأنصار مثل ذلك.
غير أن الأقرع بن حابس ومعه بنو تميم، وعيينة بن حصن ومعه بنو فزارة، والعباس بن مرداس ومعه بنو سليم، رفضوا أن يتنازلوا عن حقهم، ثم تنازلت بنو سليم، عند ذلك عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على من تمسك بحقه عرضًا لرد تلك السبايا والأموال فقال لهم: «أَمَّا مَنْ تَمَسَّكَ مِنْكُمْ بِحَقِّهِ مِنْ هَذَا السَّبْيِ، فَلَهُ بِكُلِّ إنْسَانٍ سِتُّ فَرَائِضَ، مِنْ أَوَّلِ سَبْيٍ أُصِيبُهُ، فَرَدُّوا إلَى النَّاسِ أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ»[البداية والنهاية، لابن كثير، السيرة النبوية، لابن هشام].