وقال المسعودي في تاريخه «3» : إنه كان نصرانيا من عبد القيس، (يقال له:
بحيرى) - بفتح الموحدة وكسر المهملة/ وسكون المثناة التحتية ثم راء مقصورة- واسمه «جرجيس*» - بتقديم الجيم- كإدريس، وقيل: «سرجس» - بتقديم السين المهملة- كمجلس (الراهب) ، قال ابن حجر في الإصابة: وما أدري أدرك البعثة أم لا «4» ؟!
وقد ذكره غيره ممن ألف في الصحابة ك «ابن منده» ، و «أبي نعيم» ، وبالجملة فقد مات على دين حق، وهو وإن لم يدرك البعثة فقد أدرك دين النصرانية «5» قبل نسخة بالبعثة
__________
- حاج الشام ... كان يقال لها: تيماء اليهودي، وهي اليوم تتبع المملكة العربية السعودية ا. هـ/ معجم البلدان لياقوت الحموى 2/ 67. بتصرف.
(1) و «المراحل» : جمع مرحلة، وهي المسافة يقطعها السائر في نحو يوم أو ما بين المنزلين. المعجم الوسيط.
(2) قال الإمام/ السهيلي في (الروض الأنف) - قصة بحيرى ... - 1/ 205: «وقع في سيرة الزهري: أن بحيرى كان حبرا من يهود تيماء. ا. هـ/ الروض الأنف. حول كون سيرة الزهري، هي أول سيرة ألفت في الإسلام قال الإمام/ السهيلي في (الروض الأنف) 1/ 214 (قصة النكاح) : «وذكر الزهري في سيرته، وهي أول سيرة ألفت في الإسلام» ا. هـ/ الروض. وانظر: مصادر السيرة وتقويمها للدكتور/ فاروق حمادة ص 48. طبع دار الثقافة. الدار البيضاء/ بالمغرب.
(*) حول تسميتة ب «جرجيس» انظر: (مروج الذهب ... ) للمسعودي 1/ 57. وانظر: (الإصابة) لابن حجر 1/ 176 رقم: 795.
(3) قول المسعودي: « ... إنه كان نصرانيا ... إلخ» ذكره في كتابه «مروج الذهب ... » 1/ 57 فقال: «إنه كان نصرانيا ... » .
(4) قول ابن حجر: «وما أدري ... إلخ» ذكره في كتابه «الإصابة ... » 1/ 293 رقم: 791- ترجمة بحيرى- فقال: « ... ذكره ابن منده، وتبعه أبو نعيم، وقصته معروفة في المغازي، وما أدري أدرك البعثة أم لا؟ وقد وقع في بعض السنن، عن الزهري: أنه كان من يهود تيماء ... » اه/ الإصابة.
(5) حول نصرانية «بحيرى» انظر: الإصابة لابن حجر 1/ 176. وقال ابن حجر الهيتمى في «فتاويه» - مخطوط- لوحة 103/ ب: « ... فقد أدرك-
المحمدية.
(فقال لأبي طالب: من هذا الغلام معك؟! قال: هو ابن أخي) . هذا بعد أن قال له أولا: هو ابني، فقال له بحيرى: ما هو بابنك، ولا ينبغي لهذا الغلام أن يكون له أب حيّ. قال: ما فعل أبوه؟! قال: مات وأمه حامل به، قال: صدقت.
(قال: أشفيق أنت عليه؟ قال: نعم. قال: فو الله لئن قدمت به الشام؛ لتقتلنه اليهود؛ لأنه عدو لهم «1» ) .
وفي حديث «محمد بن عمر الأسلمي**» قال: ارجع بابن أخيك إلى بلده
__________
- دين النصرانية» اه/ فتاوى الهيتمى.
(1) حول قول «بحيرى» لأبي طالب: «من هذا الغلام معك ... ؟» انظر المراجع الاتية: أ- «السيرة النبوية» للإمام/ ابن هشام مع «الروض الأنف» للسهيلي 1/ 206. ب- «دلائل النبوة» للإمام أبي نعيم 1/ 168- 172 رقم: (108) - ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى الشام في المرة الأولى ... إلخ اه: دلائل النبوة لأبي نعيم. ج- «دلائل النبوة» للإمام البيهقي 1/ 370. د- «الدرة المضية في السيرة النبوية» للحافظ/ عبد الغنى المقدسي «ت 600 هـ» ص 20. هـ- «السيرة النبوية» للإمام/ ابن كثير 1/ 245 «فصل في خروجه- صلى الله عليه وسلّم- مع عمه «أبي طالب» إلى الشام، وقصته مع بحيرى. د- «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير ... » - السيرة النبوية- للذهبي شأن خديجة ص 63- 66.
(**) و «محمد بن عمر» ترجم له الإمام الذهبي في «سيرة أعلام النبلاء» 9/ 454- 469 رقم: (172) فقال هو: «محمد بن عمر بن واقد الأسلمى مولاهم الواقدي المديني القاضي» . صاحب التصانيف والمغازي العلامة الإمام أبو عبد الله أحد أوعية العلم على ضعفه المتفق عليه. ولد بعد العشرين ومائة وأربعين سمع من صغار التابعين فمن بعدهم بالحجاز، والشام، وغير ذلك. حدث عن «محمد بن عجلان» ، و «ابن جريج» ... وخلق كثير إلى الغاية من عوام المدينة. وجمع فأوعى، وخلط الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين، فاطرحوه لذلك؛ ومع هذا فلا يستغنى عنه في «المغازى وأيام الصحابة وأخبارهم» . حدث عنه «محمد بن سعد» كاتبه، و «أبو بكر بن أبي شيبة» ، ومحمد بن يحيى الأزدى ... وعدة. ذكره البخاري فقال: سكتوا عنه، وتركه أحمد، وابن نمير. وقال مسلم وغيره: متروك الحديث.... قال البخاري: مات الواقدى في ذى الحجة سنة سبع ومائتين اه: السير.
واحذر/ عليه اليهود، فو الله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا، وإنه كائن لابن أخيك شأن؛ فأسرع به إلى بلده، ولا تذهب إلى الروم؛ فإنهم إذا عرفوه بالصفة فيقتلونه «1» .
وأخرج الحاكم «2» وصححه، والترمذي وحسنه «أن في هذه السفرة أقبل سبعة نفر من الروم يريدون قتله صلى الله عليه وسلّم، لعلمهم بنبوته فاستقبلهم «بحيرى» فقال: ما جاء بكم؟
فقالوا: إن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس. قال:
أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس ردّه؟! قالوا: لا. فبايعوه، وأقاموا معه وردّه «أبو طالب «3» » .
(فرجع إلى مكة) وشب رسول الله صلى الله عليه وسلّم يكلأه الله ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية
__________
- وانظر: «تاريخ بغداد» للخطيب 3/ 3021 رقم: (939) . وانظر: «الكامل في التاريخ» لابن الأثير 6/ 385.
(1) حديث الواقدي أخرجه الإمام ابن سعد في «الطبقات الكبرى» 1/ 76 بلفظ: أخبرنا محمد بن عمر قال: لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلّم اثنتى عشرة سنة، خرج به أبو طالب إلى الشام في العير التي خرج فيها للتجارة، ونزلوا بالراهب «بحيرى» ، فقال لأبي طالب في النبي صلى الله عليه وسلّم ما قال: وأمره أن يحتفظ به، فرده «أبو طالب» معه إلى مكة اه: الطبقات.
(2) من الملحوظ على المؤلف- رحمه الله- تقديمه المستدرك للحاكم على جامع الترمذي أحد الكتب الستة.
(3) الحديث أخرجه الإمام/ الترمذي في «جامعه» كتاب «المناقب» ، باب ما جاء في بدء نبوة النبي صلى الله عليه وسلّم [5/ 550 رقم: 3620] بلفظ: «عن أبي موسى الأشعرى قال: خرج أبو طالب إلى الشام، وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلّم في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم، ولا يلتفت. قال: فهم يحلون أرحالهم، فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أشياخ من قريش: ما علمك؟! قال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدان إلا لنبى، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع لهم، طعاما، فلما أتاهم به، وكان هو في رعية الإبل، قال: أرسلوا إليه، فأقبل وعليه غمامة تظله، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه. قال: فبينما هو قائم عليهم يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم؛ فإن الروم إذا عرفوه بالصفة فيقتلونه، فالتفت فإذا هو بسبعة قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال: -
ومعايبها، لما يريد به من كرامته ورسالته، حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة، وأحسنهم/ خلقا وأكرمهم جوارا، وأعظمهم حلما، وأصدقهم حديثا، وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما، وما رؤي ملاحيا ولا مماريا حتى [ما اسمه «1» ] في قومه [إلا «2» ] الأمين؛ لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة «3» » .
خديجة- رضي الله عنها- وخطبة الرسول صلى الله عليه وسلّم لها وسنه عند الزواج بها
(فلما أتت له خمس وعشرون سنة «4» وشهران وعشرة أيام، خطب إلى خديجة
__________
- ما جاء بكم ... الحديث» . قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. اه/ جامع الترمذي. وأخرجه الحاكم في المستدرك كتاب التاريخ 4/ 615- 616. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وسكت عنه الحافظ الذهبي في التلخيص. وانظر: «دلائل النبوة» للإمام/ أبي نعيم 1/ 168- 172 ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى الشام. وانظر: «دلائل النبوة» للإمام/ البيهقي 1/ 370. وانظر: «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد 1/ 107- 109.
(1) ما بين الأقواس المعكوفة غير واضح بالأصل، واقتبسناه من المرجعين الاتيين: أ- «السيرة النبوية» لابن هشام مع «الروض الأنف» للإمام السهيلي 1/ 207. ب- «الطبقات الكبرى» للإمام «محمد بن سعد» 1/ 121 ذكر أبي طالب وضمه رسول الله صلى الله عليه وسلّم وخروجه معه إلى الشام.
(2) انظر الحاشية السابقة.
(3) من أول قوله: «يكلأه الله....» إلى قوله: « ... من الأمور الصالحة» اقتبسه المؤلف من كلام ابن إسحاق كما في: «السيرة النبوية» لابن هشام مع «الروض الأنف» 1/ 270. وانظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد 1/ 121.
(4) حول سنه صلى الله عليه وسلّم عند زواجه بخديجة رضي الله عنها انظر المراجع الاتية: أ- «الطبقات الكبرى» للإمام محمد بن سعد- ذكر تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلّم خديجة بنت خويلد (1/ 84- 85) . ب- «السيرة النبوية» للإمام/ ابن هشام مع «الروض الأنف» للسهيلى 1/ 211، حديث تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلّم خديجة- رضي الله عنها. ج- «التاريخ» الإمام/ الطبري 2/ 280. د- «تاريخ الإسلام ... » للذهبي- السيرة النبوية- «شأن خديجة» ص 63- 66. هـ- «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد 1/ 135.
نفسها «1» ) وهي بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي
__________
(1) قوله: « ... خطب إلى خديجة نفسها» هذا قول الإمام/ ابن فارس. وهناك أقوال أخرى منها: الأول: قال ابن إسحاق: «وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة، مع ما أراد الله بها من كرامته، فلما أخبرها «ميسرة» بما أخبرها به بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالت له- فيما يزعمون- يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك، وأمانتك، وحسن خلقك، وصدق حديثك، ثم عرضت عليه نفسها، وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا، وأعظمهن شرفا وأكثرهن مالا ... إلخ» اه/ السيرة النبوية لابن هشام. وانظر: دلائل النبوة للإمام/ البيهقي 2/ 67 وفيها « ... حتى رغبت خديجة في نكاحه» . الثاني: أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/ 131- 132- ذكر تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلّم خديجة رضي الله عنها بلفظ: «عن أم سعد بنت سعد بن الربيع عن «نفيسة بنت منبه» قالت: كانت خديجة ... امرأة حازمة جلدة شريفة ... وكل قومها كان حريصا على نكاحها، لو قدر على ذلك، قد طلبوها وبذلوا لها الأموال، فأرسلتني دسيسا إلى محمد صلى الله عليه وسلّم بعد أن رجع في عيرها من الشام، فقلت: يا محمد ما يمنعك أن تزوج؟! فقال: ما بيدى ما أتزوج به. قلت: فإن كفيت ذلك ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة. قال: فمن هي؟. قلت: خديجة. قال: وكيف لى بذلك؟ قالت: قلت: عليّ. قال: فأنا أفعل، فذهبت فأخبرتها، فأرسلت إليه أن ائت ساعة كذا وكذا، وأرسلت لعمها «عمرو بن أسد» ليزوجها فحضر، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم في عمومته، فزوجه أحدهم. فقال عمرو ... : هذا الفحل لا يقرع أنفه، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو ابن خمس وعشرين سنة» اه: الطبقات لابن سعد. الثالث: وأخرج ابن سعد أيضا 1/ 132: «أخبرنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يذكر أن أبا مجلز حدث أن خديجة قالت لأختها: انطلقى فاذكرينى له؛ أو كما قالت، وأن أختها جاءت فأجابها بما شاء الله وأنهم تواطئوا على أن يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلّم» اه/ الطبقات. الرابع: قال الإمام/ السهيلي في «الروض الأنف 1/ 214» : «وذكر الزهري في سيرته ... أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لشريكه الذي كان يتاجر معه في مال خديجة: هلم فلنتحدث عند خديجة؟ وكانت تكرمهما وتتحفهما، فلما قاما من عندها جاءت مستنشئة- كاهنة- ... فقالت له: جئت خاطبا يا محمد؟ فقال: كلا. فقالت: ولم؟! فو الله ما في قريش امرأة- وإن كانت خديجة- إلا تراك كفئا لها. فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلّم خاطبا لخديجة مستحييا منها ... » اه/ الروض الأنف.
القرشية «1» .
__________
الخامس: أخرج البيهقي في «دلائل النبوة» 2/ 71 باب ما جاء في تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلّم بخديجة: «أن عمار بن ياسر كان إذا سمع ما يتحدث به الناس بتزويجه إياها ... وإني خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذات يوم حتى إذا كنا بالحزورة أجزنا على أخت خديجة، وهي جالسة على أدم تبيعها فنادتني فانصرفت إليها ووقف لى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالت: أما لصاحبك هذا من حاجة في تزويج خديجة؟ قال عمار: فرجعت إليه فأخبرته فقال: بلى لعمرى فذكرت لها قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالت: اغدوا علينا إذا أصبحنا. فغدونا عليهم ... إلخ» اه: دلائل النبوة. وانظر: سبل الهدى والرشاد للصالحى 2/ 164- 165 الباب الرابع عشر في نكاحه صلى الله عليه وسلّم. من تولى عقد نكاح خديجة رضي الله عنها: قيل: تولى عقد قرانها أبوها «خويلد» ذكر ذلك كل من: أ- ابن إسحاق كما جاء في «السيرة النبوية» لابن هشام 1/ 53. ب- ابن سعد في «الطبقات الكبرى» 1/ 132. وقد رد هذا القول ابن سعد في «الطبقات» نفسها 1/ 132 فقال: «وقال محمد بن عمر: فهذا كله عندنا غلط، ووهم، والثبت عندنا المحفوظ عن أهل العلم: أن أباها «خويلد» مات قبل الفجار، وأن عمها «عمرو بن أسد» زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وقيل: تولى عقد قرانها- وهو الصحيح المجمع عليه- عمها «عمرو بن أسد» كما تقدم. قال المبرد وطائفة معه: الذي أنكح خديجة رضي الله عنها هو عمها لما في حديث الطبراني، عن جبير بن مطعم، وابن عباس وعائشة- رضي الله عنهم- أن عمرو ... هو الذي أنكح خديجة لقوله في الرد على خطبة النكاح لأبي طالب: هو الفحل الذي لا يقدع أنفه ... » اه: الروض الأنف. وقيل: الذي تولى عقد نكاحها أخوها «عمرو بن خويلد» ذكره ابن إسحاق في آخر الكتاب» اه الروض الأنف. وانظر: «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد 1/ 135- 139. و «خديجة» رضي الله عنها كانت تسمى في الجاهلية والإسلام ب «الطاهرة» . وفي سيرة التيمى: أنها كانت تسمى: «سيدة نساء قريش» اه/ الروض الأنف 1/ 215. ولفظ «خديجة» مشتق من قولهم: خدجت الناقة، وأخدجت إذا ألقت ولدها ناقص الخلق، ومنه الحديث «كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهيخداج- لمعرفة مخرجى الحديث انظر: الجامع الكبير للسيوطي ص 622-» اه: الاشتقاق لابن دريد 1/ 163 بتصرف.
(1) حول نسب «خديجة» رضي الله عنها انظر: المصادر والمراجع الاتية: أ- «السيرة النبوية» لابن هشام مع «الروض الأنف» للسهيلى 1/ 213.
وأمها «فاطمة بنت زائدة بن جندب» ، وهو الأصم بن حجر بن معيص بن عامر بن لؤي*، «فقبلته ورغبت فيه، والذي عند «أبي سعد النيسابوري» «1» في «الشرف «2» » أن خديجة هي التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلّم: اذهب إلى عمك فقل له: عجل لنا بالغداة. فلما جاء قالت له: يا أبا طالب ادخل على «عمرو» عمي، فكلمه يزوجني من ابن أخيك محمد ابن عبد الله. فقال أبو طالب: يا خديجة لا تستهزئين بي، فقالت: هذا صنع الله.
فقام أبو طالب مع عشرة من قومه. فذكر الحديث «3» .
وعند ابن إسحاق «4» أنها قالت له: / يا محمد ألا تتزوج؟! قال: ومن؟ قالت:
__________
- ب- «الطبقات الكبرى» للإمام/ ابن سعد 1/ 131- 133 ذكر تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلّم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. ج- «الثقات» للإمام/ ابن حبان 1/ 42- 45. د- «عيون الأثر» لابن سيد الناس 1/ 115- 120.
(*) حول نسب أم خديجة رضي الله عنها قال ابن إسحاق كما في «السيرة النبوية لابن هشام 1/ 213: «وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر ... إلخ» اه/ السيرة النبوية. وقال السهيلي في الروض 1/ 215: «وأما حجر فهو بفتح الحاء والجيم من حجر كذا قيده الدارقطني، وأخوه حجير بن عبد معيص بن عامر، وأما حجر- بسكون الجيم- ففي حي ذي رعين، وإليه ينسب الحجريون، وأما حجر- بكسر الحاء- ففي بني الديان: عبد الحجر بن عبد المدان، وهم من بني الحارث بن كعب بن مذحج ... » اه: الروض الأنف.
(1) و «أبو سعد» ترجم له الإمام/ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» 17/ 256- 257 ترجمة رقم: (153) فقال: هو: «الإمام/ أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراقيم النيسابوري الواعظ الخركوشي- سكة بنيسابور-. له كتاب دلائل النبوة، وكتاب الزهد، قال عنه الحاكم: أقول: إني لم أر أجمع منه علما وزهدا وتواضعا، وإرشادا. قال الخطيب: كان ثقة ورعا صالحا ... توفي في جمادى الأول سنة 407 هـ. اه/ سير أعلام النبلاء.
(2) عن كتاب «الشرف» قال عنه حاجي خليفة- صاحب «كشف الظنون» 2/ 1045: «وكتاب شرف المصطفى لأبي سعد الواعظ: ثمان مجلدات، ولعله شرف النبوة. ذكره الحافظ السخاوي في كتابه القول البديع- ص 120- 195، 196» اه/ كشف الظنون.
(3) قول أبي طالب: «يا خديجة ... إلخ» هو- قول الإمام النيسابوري- ذكره الإمام/ الصالحي في كتابه «سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد» 2/ 164.
(4) قول الإمام/ ابن إسحاق: «أنها قالت له: ... يا محمد ... إلخ» انظره في: «سبل الهدى والرشاد» للصالحي 2/ 164.
أنا. قال: ومن لي بذلك، أنت أيّم قريش، وأنا يتيم قريش. قالت: اخطبني. وذكر ذلك الحديث؛ لما شاهدت رضي الله عنها من تظليل الملائكة له صلى الله عليه وسلّم، وقد أخبرها به «ميسرة «1» » ، ولما رواه ابن إسحاق قال: «كان لنساء قريش عيد يجتمعن فيه في المسجد، فاجتمعن يوما فيه، فجاءهن يهودي فقال: يا معشر نساء قريش، إنه يوشك أن يكون فيكن نبي «2» فأيكن استطاعت أن تكون له فراشا فلتفعل، فسبّه «3» النساء، وقبحنه، وأغلظن له، وأغضت «خديجة» ولم تعرض فيما عرضن فيه النساء، ووقر ذلك في نفسها، فلما أخبرها «ميسرة» بما رآه من الايات، وما رأته هي، قالت: إن كان ما قاله اليهودي حقّا ما ذاك إلا هذا «4» .
فاستقر عندها حاله صلى الله عليه وسلّم وكانت امرأة حازمة شريفة لبيبة ما أراد الله/ بها من الكرامة
__________
(1) حديث «ميسرة» ل «خديجة» من تظليل الملائكة ... إلخ» ذكره ابن إسحاق فقال: «فكان «ميسرة» - فيما يزعمون- إذا كانت الهاجرة واشتد الحريرى ملكين يظلانه من الشمس، وهو يسير على بعيره، فلما قدم مكة ... حدثها «ميسرة» عن قول الراهب، وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه» اه: السيرة النبوية للإمام/ ابن هشام مع الروض الأنف للسهيلي 1/ 213.
(2) وانظر أيضا حول الموضوع نفسه المصادر والمراجع الاتية: أ- «الطبقات الكبرى» للإمام/ محمد بن سعد ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى الشام في المرة الثانية 1/ 130. ب- «دلائل النبوة» للإمام/ أبي نعيم- ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلّم إلى الشام ثانيا مع «ميسرة-» 1/ 174. ج- «السيرة النبوية- عيون الأثر-» للإمام/ ابن سيد الناس 1/ 120.
(3) في السيرة الحلبية 1/ 277 « ... يوشك فيكن نبى قرب وجوده» . في «الطبقات» للإمام/ محمد بن سعد 1/ 15. وفي «السيرة الحلبية» 1/ 288: «فحصبته النساء «بدل» فسبه النساء» والمراد: رمينه بالحصباء.
(4) وحديث: «كان لنساء قريش ... إلخ» أخرجه الإمام/ ابن سعد في «الطبقات» - ذكر خديجة رضي الله عنها- 1- 1/ 15- 16 بلفظ: عن ابن عباس رضي الله عنه أن نساء أهل مكة احتفلن في عيد كان لهن في رجب فلم يتركن شيئا من إكبار ذلك العيد إلا أتينه فبينا هن عكوف عند وثن مثل لهن كرجل في هيئة رجل حتى صار منهن قريبا، ثم نادى بأعلى صوته: يا نساء تيماء إنه سيكون في بلدكن نبى يقال له: «أحمد» يبعث برسالة الله فأيما امرأة استطاعت أن تكون له زوجا فلتفعل، فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له، وأغضت «خديجة» على قوله، ولم تعرض له فيما عرض فيه النساء. اه/ الطبقات. وانظر: الإصابة للإمام/ ابن حجر 12/ 214- 215.
والخير، وهي يومئذ أوسط «1» نساء قريش نسبا وأعظمهن شرفا، وأكثرهن مالا، وكل قومها كان حريصا على نكاحها، فلم يقدر، وكان سنها رضي الله عنها لما تزوجها عليه السلام أربعين سنة، وقيل: ثمان وعشرين سنة «2» .
خطبة أبي طالب عند زواج الرسول ب «خديجة»
(فحضر أبو طالب ومعه بنو هاشم ورؤساء سائر مضر) وأبو بكر (فخطب «3» أبو
__________
(1) عن الوسط قال الإمام/ السهيلي في «الروض الأنف» 1/ 213: «والوسط من أوصاف المدح والتفضيل؛ ولكن في مقامين: أ- في ذكر النسب. ب- وفي ذكر الشهادة. أما النسب فلأن أوسط القبيلة أعرفها وأولاها بالصميم، وأبعدها عن الأطراف والوسيط، وأجدر أن لا تضاف إليه الدعوة، لأن الاباء والأمهات قد أحاطوا به من كل جانب، فكان الوسط من أجل هذا مدحا في النسب بهذا السبب. وأما الشهادة: فنحو قوله: - سبحانه وتعالى- قالَ أَوْسَطُهُمْ [سورة القلم، من الاية، 28] وقوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ [سورة البقرة من الاية، 143] . فكان هذا مدحا في الشهادة؛ لأنها غاية العدالة في الشاهد أن يكون وسطا كالميزان لا يميل مع أحد بل يصمم على الحق تصميما لا يجذبه هوى ولا يميل به رغبة ولا رهبة من هاهنا، ولا من هاهنا، فكان وصفه بالوسط غاية في التزكية والتعديل ... اه/ الروض الأنف.
(2) تقدم ذكر سن أم المؤمنين «خديجة» رضي الله عنها. وانظر أيضا المصادر والمراجع الاتية: أ- «الطبقات الكبرى» للإمام/ محمد بن سعد 1/ 132. ب- «تاريخ الطبري» للإمام/ محمد بن جرير الطبري- ذكر تزويج النبي صلى الله عليه وسلّم «خديجة» رضي الله عنها 2/ 280. ج- «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد «السنة السادسة والعشرون من مولد النبي صلى الله عليه وسلّم» 1/ 135. د- «الإشارة- مختصر الزهر الباسم-» للحافظ/ مغلطاي ص 82.
(3) خطبة «أبي طالب» عند زواج رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذكرها كاملة كل من: أ- الإمام/ ابن الجوزي في كتابه «تلقيح فهوم أهل الأثر» ص 14. ب- الإمام/ النجم عمر بن فهد في كتابه «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» 1/ 136. ج- الإمام/ القسطلاني في كتابه «المواهب اللدنية» 1/ 201. د- الإمام/ الحلبى في كتابه «السيرة الحلبية- إنسان العيون-» 1/ 226. هـ- الإمام/ عماد الدين العامرى في بهجة المحافل وبغية الأماثل 1/ 47- 48. وذكر بعضا منها الإمام/ السهيلي في الروض الأنف 1/ 213.
طالب فقال: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم «1» ، وزرع إسماعيل «2» وضئضئ «3» ) - بكسر المعجمتين وهمزتين: الأولى ساكنة-: الأصل والمعدن (معد «4» وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته) الكافلين له، والقائمين بخدمته، (وسواس حرمه «5» ) : - جمع سائس- وهو متولي الأمر (وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما «6» آمنا، وجعلنا الحكام على الناس «7» ) لما خصهم به- تبارك وتعالى من الشرف وعلو المنزلة، ورفعهم على غيرهم من القبائل «8» والبطون؛ تكرمة لنبيه عليه السلام ورفعة لقدره.
__________
(1) حول قوله: «من ذرية إبراهيم» جاء في المواهب اللدنية للقسطلاني وشرحها للزرقاني 1/ 201: «خص إبراهيم دون «نوح» ؛ لأنه شرفهم، وأسكنهم البيت الحرام. أما نوح، وآدم فيشاركهم فيه جميع الناس» .
(2) وحول قوله: «وزرع إبراهيم» قال الإمام/ الزرقاني في شرح المواهب 1/ 201: «وزرع إبراهيم» لأنه والد العرب الذين هم أشرف الناس، لا زرع إسحاق، ولا مدين، ولا غيرهما من ولد إبراهيم ... والمراد: مزروعه أي: ذريته، غاير تفننا وكراهة لتوارد الألفاظ، وأطلق عليها اسم الزرع لمشابهتها له في النضارة والبهجة. اه: شرح الزرقاني.
(3) «ضئضئ» «كجرجر» ، و «الضؤضؤ» «كهدهد» و «سرسر» فهو كما قال المؤلف اه: القاموس المحيط. وانظر: شرح الزرقاني على المواهب 1/ 201.
(4) وخص «معد» و «مضر» لشرفهما وشهرتهما، أو لما ورد أنهما ماتا على ملة إبراهيم. اه: شرح الزرقاني على المواهب 1/ 201.
(5) وحول قوله: «وسواس حرمه» قال الزرقاني في شرح المواهب 1/ 201: أي: مدبريه القائمين به.
(6) وحول قوله: «وحرما آمنا» قال الإمام/ الزرقاني في شرح المواهب 1/ 201: «أي: لا يصيبنا فيه عدو كما قال الله- تعالى- أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ [سورة القصص، من الاية 57] اه/ شرح الزرقاني على المواهب بتصرف.
(7) حول قوله: «وجعلنا الحكام ... إلخ» قال الزرقاني في شرح المواهب 1/ 605: «حكم معروف وطوع وانقياد لمكارم الأخلاق، وحسن معاملاتهم لا حكم ملك وقهر، وهذا لا ينافى قول صخر- أبو سفيان- ل «هرقل» : ليس في آبائه من ملك. اه/ شرح الزرقاني على المواهب. وانظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» للحافظ/ ابن حجر كتاب الإيمان 1/ 605.
(8) حول القبائل والبطون وغيرهما انظر: أ- تفسير الاية رقم: 13 من سورة الحجرات من تفسير الإمام/ الطبري 26/ 139- 140. ب- تفسير نفس الاية في تفسير الإمام/ ابن كثير 7/ 364.
روى أبو نعيم: / عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «خير العرب مضر، وخير مضر بنو عبد مناف، وخير بني عبد مناف بنو هاشم، وخير بني هاشم بنو عبد المطلب، والله ما افترقت فرقتان منذ خلق الله آدم إلا كنت في خيرهما» «1» .
(ثم إن «2» ابن أخي «3» هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل إلا رجح به، فإن «4» كان في المال قل «5» ؛ فإن المال ظل زائل، وأمر حائل «6» ، ومحمد من قد «7» عرفتم
__________
(1) حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- لم أجده في دلائل النبوة للإمام/ أبي نعيم، الفصل الثاني ذكر فضيلته بطيب مولده وحسبه ونسبه 1/ 57- 59 رقم: (18) ، وإنما وجدت في هذا الفصل حديث ابن «عمر» - رضى الله عنهما- وهو بلفظ: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن الله عز وجل خلق السماوات سبعا ... ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بنى آدم، واختار من بنى آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، واختار من قريش بنى هاشم، واختارنى من بنى هاشم، فأنا خيار من خيار إلى خيار ... إلخ» اه/ دلائل النبوة لأبي نعيم. وحديث الباب- خير العرب ... - ذكره الإمام السيوطي في «الدر المنثور في التفسير بالمأثور» 3/ 294، وعزاه إلى ابن سعد: عن ابن عباس 3/ 294. وانظر: الحاوى للفتاوى للسيوطي 2/ 216- 220.
(2) لفظ: «إن» ساقط من بعض نسخ «أوجز السير» .
(3) قوله: «ثم إن ابن أخي ... إلا رجح به» زاد في رواية: « ... شرفا وفضلا وعقلا» وعاد بالباء «رجح به» . وفيما مر عداه صلى الله عليه وسلّم بنفسه في قوله: «فوزنوني بهم فرجحتهم» ، فيفيد جواز الأمرين. اه/ شرح الزرقاني على المواهب 1/ 201.
(4) في بعض نسخ «أوجز السير» «وإن كان» بدل «فإن كان» ورواية «وإن» بالواو أولى؛ لأن ما ذكره لا يتفرع على ما قبله. اه: شرح الزرقاني على المواهب 1/ 201.
(5) في حاشية «لوحة 23/ أ» أحال الناسخ فقال: «قلى» على وزن فعل. قال ابن علي البغدادي- لعله أبو علي البغدادي صاحب الأمالي-: «القلى: القلة والكثرة» . وقال ابن القوطية: في مقصوره وممدوده: صوابه: قلى مقصور وممدود. اه/ ورقة 23/ أ.
(6) حول قوله: «وأمر حائل» قال الإمام/ الزرقاني في شرح المواهب 1/ 201: «أي: شيء لا بقاء له لتحوله من شخص لاخر، ومن صفة إلى أخرى، فمال زائل وحائل واحد» . زاد في رواية «وعارية مسترجعة» اه: شرح الزرقاني.
(7) حول قوله: «ومحمد من قد عرفتم ... قرابته: قال الزرقاني في شرح المواهب 1/ 201: -
قرابته،
صداق «خديجة» - رضي الله عنها
وقد «1» خطب خديجة «2» بنت خويلد، وبذل «3» لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي) وذلك عشرون بكرة- وهي الفتية من الإبل- وقيل: اثنتا عشرة أوقية ذهبا ونشا:
والنش «4» : نصف أوقية.
__________
- «إفراد ضمير» من «رعاية» للفظ «من» . وفي بعض نسخ «أوجز السير» سقط لفظ «من» ، أي: ومحمد الذي قد عرفتم قرابته لهاشم، وعبد المطلب، والاباء الكرام، فالحسب أعظم من كثرة المال. اه/ شرح الزرقاني.
(1) في بعض نسخ «أوجز السير» «قد خطب» بدل «وقد خطب» .
(2) لفظ «خديجة» ساقط من إحدى نسخ مخطوطات «أوجز السير» - نسخ معهد المخطوطات- مع وجود هذا اللفظ في النسخ المخطوطة، والمطبوعة الاتية: أ- نسخة الأزهر «284 مجاميع، 23125» . ب- نسخة مكتبة «مظهر الفاروقى» الموجودة في الجامعة الإسلامية/ ميكرو فيلم: 6802. ج- نسخة الحلبى المطبوعة في سنة 1359 هـ 1994 م- الطبعة الأخيرة-. د- النسخة الهندية المطبوعة في الهند، والموجودة بمكتبة الأزهر تحت رقم: 2162/ خاص، 36387/ عام. وقد سقط لفظ- خديجة- من نشرة الأستاذ/ هلال ناجي.
(3) «بذل» أعطى بسماحة. وفي رواية: «وقد بذل لها من الصداق ما حكم عاجله وآجله: اثنتا عشرة أوقية ونشا» . وقال المحب الطبري في «السمط الثمين في أزواج الأمين» أصدقها المصطفى اثنتى عشرة أوقية من ذهب. وفي المنتقى: الصداق أربعمائة دينار فيكون ذلك أيضا زيادة على ما تقدم ذكره الخميس. اه/ شرح الزرقاني على المواهب 1/ 202. وانظر: تلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي ص 14.
(4) «النش» - بفتح النون والشين المعجمة- في اللغة: نصف كل شيء. روى مسلم في صحيحه كتاب النكاح، باب أقل الصداق 9/ 215: عن أبي سلمة أنه قال: سألت «عائشة» زوج النبي صلى الله عليه وسلّم كم كان صداقه لأزواجه صلى الله عليه وسلّم؟ قالت: «كان صداقه لأزواجه ثنتى عشرة أوقية ونشا. قالت: أتدرى ما النش؟ قال: قلت: لا. قالت: نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأزواجه» . قال الإمام/ النووي في [شرح صحيح مسلم 9/ 215] : أما الأوقية فبضم الهمزة وبتشديد الياء والمراد أوقية الحجاز، وهي أربعون درهما. وأما النش؛ فبنون مفتوحة، ثم شين معجمة مشددة. اه: مسلم بشرح النووى.
(وهو والله بعد هذا له نبأ) أي: خبر (عظيم وخطر) أي: قدر (جليل) .
فقال «عمرو بن أسد» عمها: هو الفحل لا يقدع «1» أنفه، وأنكحها منه (فتزوجها صلى الله عليه وسلّم فبقيت عنده قبل الوحي «2» خمس عشرة سنة وماتت رحمة الله/ عليها) في رمضان «3» سنة عشرين من المبعث على الصحيح.
فهذه إقامتها معه صلى الله عليه وسلّم خمس وعشرون سنة، وكانت وفاتها رضي الله عنها بعد وفاة أبي طالب «بثلاثة أيام «4» ، على قول الأكثر؛ فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم المصائب بموتها وموت أبي طالب؛ إذ كانت له رضي الله عنها وزيرة «5» صدق تخفف عنه، وتهون
__________
(1) حول قوله: «لا يقدع أنفه» قال الجوهرى في «الصحاح» 3/ 1260/ قدع: «يقال: هذا الفحل لا يقدع أنفه أى: لا يضرب أنفه؛ وذلك إذا كان كريما» اه/ الصحاح. وانظر: الاستيعاب لابن عبد البر بحاشية الإصابة 12/ 217.
(2) قوله: «فبقيت عنده قبل الوحى» : أي قبل المبعث، أى نزول جبريل عليه السلام بالقرآن.
(3) عن وفاتها رضي الله عنها في شهر رمضان: قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» 7/ 134: قال الواقدى: توفيت لعشر خلون من شهر رمضان، وأنها توفيت سنة عشر من المبعث، بعد خروج بنى هاشم من الشعب، ودفنت ب «الحجون» ... إلخ» اه/ الإصابة لابن حجر 7/ 600 رقم: 11086. وقال ابن حجر في «فتح الباري» 7/ 134، باب تزويج خديجة: «قال الزبير: وماتت على الصحيح بعد المبعث بعشر سنين في شهر رمضان. وقيل: بثمان، وقيل: بسبع، فأقامت معه صلى الله عليه وسلّم عشرين سنة على الصحيح. وقال ابن عبد البر: أربعا وعشرين سنة، وأربعة أشهر» اه/ فتح الباري.
(4) عن وفاة أم المؤمنين «خديجة» رضي الله عنها بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام قال ابن إسحاق- كما في «السيرة النبوية لابن هشام مع الروض الأنف 2/ 166» : - «ثم إن» خديجة، وأبا طالب هلكا في عام واحد ... وذلك قبل مهاجره إلى المدينة بثلاث سنين. اه/ السيرة النبوية. وحول وفاتها- رضي الله عنها- أيضا انظر: المصادر والمراجع الاتية: أ- «الطبقات» للإمام/ محمد بن سعد 1/ 132، 8/ 17. ب- «التاريخ» للإمام الطبري 2/ 343. ج- «الكامل في التاريخ» للإمام/ ابن الأثير 1/ 606- 607. د- «عيون الأثر» لابن سيد الناس 1/ 226- 227. هـ- «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد 1/ 3.
(5) حول قوله: «وكنت له وزير صدق ... » قال ابن إسحاق كما في «السيرة النبوية لابن-
عليه ما يلقاه من أمر الناس؛ فكان صلى الله عليه وسلّم يسمي ذلك العام عام الحزن «1» .
(ولرسول الله صلى الله عليه وسلّم) يوم وفاتها (تسع وأربعون سنة وثمانية أشهر «2» ) .
[أولاده صلى الله عليه وسلّم من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنهم]
(فأما «3» ولده «4» صلى الله عليه وسلّم منه) أي: من خديجة (فستة «5» ) : ذكران، وأربع بنات، فأولهم:
(القاسم «6» وبه يكنى رسول الله صلى الله عليه وسلّم) وهو أكبر أولاده.
__________
- هشام 2/ 166» : «وكانت له وزير صدق على الإسلام يشكو إليها ... » اه/ السيرة النبوية. وانظر: تاريخ الإسلام للإمام/ الذهبي- السيرة النبوية- ص 236- 237.
(1) عن تسمية العام الذي توفي فيه «أبو طالب» و «خديجة» بعام الحزن، قال النجم عمر بن فهد في «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» 1/ 305: واجتمع على النبي صلى الله عليه وسلّم بموت «أبي طالب» و «خديجة» مصيبتان، وسماه عام الحزن؛ لأن «أبا طالب» كان يحميه عند خروجه من بيته ممن يؤذيه. و «خديجة» كانت تصدقه إذا آوى إلى فراشه، وتسليه عن كل ما يجرى عليه، وتقول: أنت رسول الله حقا. اه/ إتحاف الورى.
(2) عن عمره صلى الله عليه وسلّم عند وفاة خديجة، وأبي طالب انظر: «صحيح مسلم بشرح النووى» 1/ 215- وفاة أبي طالب، وما نزل في شأنه- ذكر فيه كلام ابن فارس. وانظر: «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد 1/ 299.
(3) في بعض نسخ «أوجز السير» «وأما» بدلا من «فأما» .
(4) لفظ «ولد» في اللغة: يطلق على كل ما ولد، ويشمل: الذكر والأنثى، والمثنى، والجمع. المعجم الوسيط 2/ 1056.
(5) حول أولاده صلى الله عليه وسلّم قال ابن إسحاق كما في «السيرة النبوية لابن هشام مع الروض الأنف 1/ 214» : «فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ولده كلهم إلا إبراهيم: «القاسم» وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلّم. و «الطاهر» و «الطيب» و «زينب» و «رقية» و «أم كلثوم» و «فاطمة» اه/ السيرة النبوية لابن هشام. وانظر أيضا: كتاب الإخوة والأخوات للحافظ/ الدارقطني ص 21- 22. تحقيق د/ باسم الجوابرة. طبع دار الراية. وانظر: در السحابة في بيان مواضع وفيات الصحابة ص 88، 106 للإمام الحافظ/ الصغاني «ت 650 هـ» تحقيق/ طارق الطنطاوى. طبع/ دار القرآن. وانظر: مجمع الزوائد للإمام/ الهيثمي كتاب المناقب، باب في أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلّم 9/ 220- 221.
(6) و «القاسم» مشتق: من قسمت الشيء أقسمه قسما، فأنا قاسم، والشيء مقسوم اه: -
- الاشتقاق لابن دريد 1/ 39. واختلف في عدد أولاده صلى الله عليه وسلّم وأيهم أكبر، ونذكر ما قاله الإمام/ ابن عبد البر في «الاستيعاب» بحاشية «الإصابة» 1/ 98 فنقول: «وأما ولده صلى الله عليه وسلّم فكلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من «مارية القبطية» . وولده- صلى الله عليه وسلّم- من «خديجة» أربع بنات لا خلاف في ذلك أكبرهن «زينب» رضي الله عنها بلا خلاف، وبعدها «أم كلثوم» رضي الله عنها وقيل: بل «رقية» ، وهو الأولى والأصح؛ لأن «رقية» تزوجها «عثمان» رضي الله عنه قبل، ومعها هاجر إلى أرض الحبشة، ثم تزوج بعدها، وبعد وقعة «بدر» «أم كلثوم» ، وقد قيل: إن «رقية» أصغرهن، والأكثر والصحيح أن أصغرهن «فاطمة» . واختلف في الذكور فقيل: أربعة: «القاسم» ، و «عبد الله» ، و «الطيب» ، و «الطاهر» . وقيل: ثلاثة. ومن قال هذا، قال: «عبد الله» سمى الطيب؛ لأنه ولد في الإسلام. ومن قال: غلامان «قال: القاسم، وبه يكنى صلى الله عليه وسلّم و «عبد الله» قيل له: «الطيب» و «الطاهر» ؛ لأنه ولد بعد المبعث والقاسم قبل المبعث ... إلخ. اه: الاستيعاب. وانظر أيضا: الاستيعاب 12/ 272. وانظر: السيرة النبوية لابن هشام 1/ 214. وقال الإمام/ القسطلاني في المواهب 3/ 193: اعلم أن جملة ما اتفق عليه منهم ستة: «القاسم» أولهم، و «إبراهيم» آخرهم. وأربع بنات: أكبرهن: «زينب» ، و «رقية» ، و «أم كلثوم» ، و «فاطمة» أصغرهن. اه/ المواهب. وحول معرفة المزيد عن أولاده صلى الله عليه وسلّم انظر: المصادر والمراجع الاتية: أ- «السيرة النبوية» للإمام/ ابن هشام 1/ 214. ب- «الطبقات الكبرى» للإمام/ ابن سعد ذكر أولاده صلى الله عليه وسلّم وتسميتهم 1/ 133. ج- «الثقات» للإمام/ ابن حبان 1/ 46- 47. د- «زاد المعاد» للإمام/ ابن القيم بحاشية المواهب اللدنية/ 86- 87. هـ- «الدرة المضية في السيرة النبوية» للإمام/ عبد الغنى المقدسي ص 22- 24. و «جوامع السيرة» للأمام/ ابن حزم الأندلسى ص 38. ز- «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد. وزيادة على ما تقدم انظر تراجمهم في: «الاستيعاب» لابن عبد البر. «الإصابة» لابن حجر- القسم الثاني- 5/ 249، 5/ 2530، 7/ 200 (رقم: 6156) -
ولد «1» ب «مكة» قبل النبوة ومات صغيرا بعد النبوة على أحد القولين يدل له ما رواه ابن ماجه عن فاطمة/ بنت الحسين «2» عن أبيها قال: «لما هلك القاسم قالت «خديجة» يا رسول الله: درت لبينة «3» القاسم، فلو كان الله أبقاه حتى يتم رضاعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن تمام رضاعه في الجنة» فقالت: لو أعلم ذلك يا رسول الله يهون «4» عليّ [أمره «5» ] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إن شئت دعوت الله- تعالى- فأسمعك صوته» .
فقالت: [يا رسول الله] بل أصدق الله- تعالى- ورسوله «6» .
__________
- حرف العين-: «وجزم هشام ابن الكلبي بأن عبد الله، والطيب، والطاهر: واحد اسمه «عبد الله» ، والطيب، والطاهر لقبان له» اه/ الإصابة. وانظر: «أسد الغابة» لابن الأثير.
(1) حول ولادة «القاسم» ب «مكة» قبل النبوة انظر: الإصابة لابن حجر القسم الثاني 8/ 223- (رقم: 7263) .
(2) و «فاطمة بنت الحسين» - جدها الإمام/ «علي بن أبي طالب» - رضي الله عنه-. ترجم لها الحافظ ابن حجر في (التقريب) 1/ 751 رقم: 8652 فقال: «المدنية زوج الحسن ابن الحسين بن علي. ثقة. من الطبقة الرابعة، ماتت بعد المائة، وقد أسنت. أخرج لها أبو داود، والترمذي، والنسائي في مسند «علي» ، وابن ماجه. اه/ التقريب 131.
(3) عن قولها: «لبينة» قال الإمام/ السهيلي في الروض الأنف 1/ 215: هي تصغير لبنة، وهي قطعة من اللبن كالعسيلة تصغير عسلة.... اه: الروض الأنف.
(4) كلمة «يهون» في سنن ابن ماجه «لهون» .
(5) ما بين القوسين المعكوفين ساقط من الأصل، وأثبتناه من سنن ابن ماجه 1/ 484.
(6) الحديث أخرجه الحافظ/ ابن ماجه في سننه 1/ 484 رقم: (1512) بلفظ: «عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن على قال: لما توفى القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قالت: خديجة- رضي الله عنها-: يا رسول الله درت لبينة ... » الحديث. قال في الزوائد: إسناد هشام بن الوليد لم أر من وثقه، ولا من جرحه. قال السندى: قلت: بل إنه قال في التقريب: إنه متروك. و «عبد الله بن عمران الأصبهاني» ، ثم الرازى، قال فيه أبو حاتم: صالح. وذكره ابن حبان في الثقات. اه/ سنن ابن ماجه. وقال الإمام/ السهيلي في الروض الأنف 1/ 214: «وقع في مسند الفريابي» أن «خديجة» - رضي الله عنها- دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد موت القاسم، وهي تبكي فقالت: يا رسول الله درت لبينة.
وقال السهيلي «1» : «بلغ المشي غير أن رضاعه لم يكمل» .
وقيل: عاش سبعة عشر شهرا وصوب. وقيل: عاش عامين.
(و) ثانيهم: (الطاهر) .
(ويقال: إن اسمه عبد الله) وقيل: اسمه: الطيب.
ولد قبل النبوة، ومات قبلها على ما قاله ابن إسحاق، وقيل: إنما سمي بالطيب، والطاهر؛ لأنه ولد بعد النبوة.
(و) ثالثتهم (فاطمة «2» : وهي أصغر ولده صلى الله عليه وسلّم «3» ) .
__________
(1) انظر قول الإمام/ السهيلي في كتابه «الروض الأنف» 1/ 214 أولاده صلى الله عليه وسلّم.
(2) و «فاطمة رضي الله عنها» لقبت ب «الزهراء» . حول هذا اللقب قال الإمام/ ملك المغرب ... عبد الحفيظ في كتابه «العذب السلسبيل في حل ألفاظ خليل» ص 31- 32 « ... سميت بالزهراء؛ لأنها