وكان مما صنع الله لأنصاره من الأوس والخزرج أنهم كانوا يسمعون من حلفائهم من يهود المدينة: إِنّ نبيَّا مبعوثٌ في هذا الزمن، ويتوعدونهم به إِذا حاربوهم، ويقولون: إِنّا سنقتلكم معه قتل عاد وإِرم، وكان الأنصار يحجّون البيتَ، وأمّا اليهود فلا، فلمّا رأى الأنصار رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناسَ إِلى الله تعالى، ورأوا أمارات الصدق عليه، قالوا: والله، هذا الذي تُوْعِدُكم يهودُ به، فلا يسبقنّكم إِليه.
ثم إِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي عند العقبة في الموسم من السنة الحادية عشرة من البعثة نفرًا من الأنصار، كلهم من الخزرج، وهم:
1 - أبو أمامة أسعد بن زرارة بن عدس.
2 - عوف بن الحارث بن رفاعة وهو ابن عفراء.
3 - رافع بن مالك بن العجلان.
4 - قطبة بن عامر بن حديدة.
5 - عقبة بن عامر بن نابي.
6 - جابر بن عبد الله بن رئاب.
فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلى الإِسلام فأسلموا مبادرة إِلى الخير، ثم رجعوا إِلى المدينة، فدعوا إِلى الإِسلام، ففشا الإِسلام فيها؛ حتى لم تبق دار إِلَّا وفيها ذكر للإِسلام (1).
هكذا كان انتشار الإِسلام في المدينة على يد هؤلاء الستة، فهم كانوا أول سفراء الخير في بلادهم، ظفروا بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - دون العرب، فكانوا بداية انطلاقة جديدة للإِسلام خارج مكة.
__________
(1) ابن هشام، السيرة النبوية 1/ 428 - 430 أو صرح ابن إسحاق بالتحديث لكن إِسناده منقطع، وانظر: إِبراهيم العلي، صحيح السيرة ص 104.