وفي السنة السادسة وقيل في الخامسة أسلم سيدنا أبو عمارة حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه وكان شديدا ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره ولا يطمع طامع عند المخاشنة بكسره فاستوثقت باسلامه عرى الدين وذل لوطأته عتاة المشركين وانما كان ابتداء اسلامه حمية أفضت به الى السعادة وختمت له بنيل الشهادة واكسبته حسن المنقلب لا كحمية أبي لهب التى ذكرناها آنفا وذلك انه رجع يوما من قنصه فلقيته مولاة لابن جدعان فأخبرته ان أبا جهل نال من رسول الله صلى الله عليه وسلم وآذاه وسبه كل ذلك لا يجيبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يرد عليه شيئا فغضب عند ذلك عمه حمزة رضى الله عنه (حرمة مال المسلم كحرمة دمه) هو حديث أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث ابن مسعود وهو تشببه لاصل الحرمة ولا شك ان حرمة الدم أغلظ من حرمة المال (لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد) أخرجه الشيخان وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة وأخرجه أحمد والشيخان والترمذى وابن ماجه من حديث أبي سعيد وأخرجه ابن ماجه من حديث ابن عمر وسيأتى الكلام عليه حيث ذكره المصنف بتمامه (الثغور) جمع ثغر بفتح المثلثة وسكون المعجمة هو الموضع الذي يلي دار العدو* ذكر اسلام حمزة (أبو عمارة) بضم المهملة وتخفيف الميم كنى بابنة له اسمها عمارة كذا قاله الواقدي. قال الخطيب وسماها غيره امامة وذكر غير واحد من العلماء ان حمزة كان له ابن اسمه عمارة وبه كني قال وهو الصواب (ذا شكيمة) بالمعجمة بوزن عظيمة قال الجوهري يقال فلان شديد الشكيمة اذا كان شديد النفس أنفا أبيا وفلان ذو شكيمة اذا كان لا ينقاد (المخاشنة) بالمعجمتين والنون المقابلة بالكلام الخشن وهو ضد اللين (عرى الدين) جمع عروة وهو العقد الوثيق (لوطأته) أي لبأسه (عتاة) جمع عات وهو الشديد في الشر (من قنصه) بفتح القاف والنون ثم مهملة أي صيده والقناص الصياد (نال منه) بالنون أي سبه* ذكر
لما أراد الله به من الكرامة وأقبل يسعى حتى وقف على أبى جهل جالسا في القوم فضربه بقوسه فشجه شجة منكرة ثم قال أتسبه وأنا علىّ دينه فاردد ذلك على ان استطعت فقامت رجل من بنى مخزوم الى حمزة فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة فاني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا وأتم حمزة رضي الله عنه اسلامه*
[