صادف أن سار مع عمه بالفرح ... للشام حتى يرى الدنيا على نعم
وعندما قاربوا بصرى رأوا فوقه ... مظلة كالسحاب دافع الألم
وأسقف كان في بصرى درى ما جرى ... فأمر العم بالرجوع للسلم
يخاف من أن تصيبه محنة ... من اليهود اذا رأوه في المقدم
وبعد ذا سار لليمن مع عمه ... زبير العارف بالبيع والسلم
ففتح العين للدنيا ومكسبه ... حرا شريفا يريد النيل بالنعم
وبعد أن وصل الرسول موطنه ... رغب في الكسب للعيش بلا نقم
ومن أمانته والاشتهار بها ... قد رغبت مرأة من خيرة الحرم
في أن يؤازرها على التجارة في ... أموالها لاكتساب المال والنّعم
وهى خديجة بنت للخويلد من ... قبيلة الأسد المعروف بالكرم
فوافق السيد الأمين في العمل ... على أمانة رب البيت والحرم
فصار كاسب خير في تجارتها ... عند خديجة ذات المال والحشم
فزادت أموالها وطابت أحوالها ... وصار ميل لها في العقد بالكرم
من أجل ذا قد بدا ميله في عقدها ... وأخبر العمّ في العزم لملتزم
فجاء في أهل مجد من عشيرته ... خطبها في بلاغات من الكلم
وتم عقد عليها حسب عادتهم ... معتاد قوم كرام ثابتي الكرم
هذا ولله في أقداره حكم ... مملوءة بمزايا الخير والنعم
والامر في الخمس والعشرين من عمره ... وعمرها أربعون قمة القيم
فطاب عيش القرينين على قدر ... من احترام وودّ في اولي الكرم
عاشا معا عيشة مرضية كثرت ... فيها مواد من الاحسان والنعم
وازداد يوما فيوما حسن عشرته ... وطار صوت مزاياه على الأمم
فصار بحرا محيطا من فضائله ... يفيض بالجزر والمد على الامم
وجزره وقره تواضعا ادبا ... ومده بسطه بالبذل والكرم
وقد مضى كل يوم في سعادته ... يزداد نورا على نور على الأمم
توالدا في سجال الخير والادب ... وصار نسل اصيل من اولي الشمم
قاسم زينب عبد الله كالدرر ... رقية أم كلثوم على شيم
فاطمة وصفها الزهراء مشرقة ... على الأنام كمصباح على علم
وله ابنه ابراهيم قد ولدا ... من أمة قد علت قبطية النسم
نظير جده اسماعيل قد ولدا ... من هاجر وهي من قبط على وسم
في خمسة وثلاثين من المولد ... قد جددوا كعبة الله من الحرم
هو الذي وضع الحجر موضعه ... رفعا ودفعا لخلف صار في الحرم
وبعد ذا جاءه التفكير في ربه ... في ذاته الواحد الموصوف بالقدم
وكيف يعبد غير الله جل علا ... وكيف يمكن سجدات الى الصنم
ما هذه الجهلة الجهلاء في عمه ... ما هذه النكبة الدهماء في الامم
وحبّبت خلوات في مجالسه ... صفى بها فكره في الله ذى الكرم