سمي حلف الفضول لأقوال: منها أن الذين شاركوا فيه كان يسمى كل واحد منهم الفضل، وقيل لأنهم دخلوا في أمر فضل غير متعين عليهم، وقيل -وهو الأقرب- من الفضيلة أي الأمر الذي دخلوا فيه وتعاقدوا عليه وهو نصرة المظلوم، أمر فاضل حسن من مكارم الأخلاق.
وسبب الحلف أن رجلا من زَبيد قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل السهمي، ولكن لم يعطه الثمن ومطل به، فطلب الرجل من ينصره عليه فلم يجد أحدًا في أول الأمر، فرقى جبل أبي قبيس ونادى بأعلى صوته وقال في ذلك شعرًا يصف مظلمته:
__________
(1) ابن هشام، السيرة النبوية 1/ 221 والحديث المروي: كنت أنبل على أعمامي ذكره ابن إسحاق بإِسناد منقطع فهو ضعيف.
يا آل فهر لمظلوم بضاعته ... ببطن مكة نائي الدار والنفر
ومحرم أشعث لم يقض عمرته ... يا للرجال وبين الحِجر والحجر
إِن الحرام لمن تمت كرامته ... ولا حرام لثوب الفاجر الغُدِر
فمشى في ذلك الزبير بن عبد المطلب وقال: ما لهذا مترك!! حتى اجتمعت قبائل من قريش في دار عبد الله بن جدعان التيمي، وتعاقدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلومًا من أهلها أو غيرهم إِلا نصروه وقاموا معه حتى ينال حقه، وقد شهد هذا الحلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال بعد أن أكرمه الله بالرسالة: لقد شهدت فى دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت بمثله في الإِسلام لأجبت (1). وهذا الحلف ينافي الحمية الجاهلية ويعد من مكارم الأخلاق، ومن مفاخر العرب وقيامهم بحقوق الإِنسان.