اتسمت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم - دون سائر الرسالات السماوية - بعدة سمات وخصائص، منها أنها دعوة عالمية
أي إنها موجهة للخلق جميعًا، فتشمل جميع الشعوب والأقوام مهما اختلفت الأجناس والألسنة والألوان، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [سبأ: 28]
وقال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون) [الأعراف: 158].
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا، فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟! قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ»
(رواه البخاري).
رسالةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم خاتمةُ رسالاتِ السماء؛ لذا اتَّسمَتْ بأنها دعوةٌ عالميةٌ، كيف ترى العلاقةَ بينهما؟
اتسمت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها خاتمة رسالات السماء، فهو صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، ورسالته الرسالة الخاتمة.
كما أنها الرسالة الناسخة لما قبلها: قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ) [المائدة: 48].
ولعل حكمة الله تعالى قد اقتضت أن كل رسول كان يبعث إلى قومه خاصة، وأن الرسالة الخاتمة لا بد وأن تتخطى فوارق المكان والزمان؛ لسابق علمه سبحانه وتعالى أن البشرية ستنضج ذات يوم وتصل إلى مرحلة الرشد، وستضيق الفوارق بين الأمم والشعوب، فعندئذ أرسل إليها رسولًا واحدًا هو خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، فيبلغ الرسالة إلى آفاق الأرض، وَيْحْمِلُهَا أتباعه من بعده إلى أطراف المعمورة، فهي رسالة عالمية لجميع الأجناس البشرية وصالحة لكل زمان ومكان.
كما تميزت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها دعوة شاملة لكل منحًى من مناحي الحياة (الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والفكرية) فهي دعوة تشمل أمور الدنيا والآخرة.
كما تقدم المنهج العملي السليم والحلول لكل أمراض القلوب والنفوس، وتوجه العقول إلى مصالحها الحقيقية في الدنيا والآخرة. وتستمد الدعوة الإسلامية شموليتها من شمولية الرسالة الخاتمة؛ فهي تتميز عن غيرها من الدعوات السابقة بالحفظ والبقاء، وذلك بحفظ الله تعالى لكتابها، كما قال تعالى: ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) [الحجر: 9].
1. اجعَلْ قِوامَ دعوَتِك إلى الله الحكمةَ والموعظةَ الحسنةَ والجدالَ بالحسنى كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.
2. تَحَلَّى بالسماحة واللِّين في الدعوة إلى الله مُقتديًا في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم .