قالوا: بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم، ثلاثة أيام. فإن استجابوا فاقبل منهم وإن لم يفعلوا فقاتلهم. فخرج إليهم خالد حتى قدم عليهم.
فبعث الرّكبان يضربون في كل وجه، ويدعون إلى الإسلام ويقولون: «أيها الناس، أسلموا تسلموا» . فأسلم الناس ودخلوا فيما دعوا إليه. فأقام فيهم خالد بن الوليد يعلّمهم شرائع الإسلام وكتاب الله عز وجل وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم. ثم كتب خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم [من خالد بن الوليد] السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فإني أحمد إليك اللَّه الذي لا إله إلا هو. أما بعد يا رسول اللَّه صلى اللَّه عليك، فإنك بعثتني إلى بني الحارث بن كعب، وأمرتني إذا أتيتهم ألا أقاتلهم ثلاثة أيام وأن أدعوهم إلى الإسلام فإن أسلموا قبلت منهم وعلّمتهم معالم الإسلام وكتاب اللَّه وسنة نبيه، وإن لم يسلموا قاتلتهم. وإني قدمت عليهم فدعوتهم إلى الإسلام ثلاثة أيام كما أمرني رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. وبعث فيهم ركبانا ينادون: يا بني الحارث أسلموا تسلموا.
فأسلموا ولم يقاتلوا، وإني مقيم بين أظهرهم آمرهم بما أمرهم اللَّه به وأنهاهم عما نهاهم اللَّه عنه، وأعلّمهم معالم الإسلام وسنّة النبي صلى اللَّه عليه وسلم حتى يكتب إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [والسلام عليك يا رسول اللَّه ورحمته وبركاته] .
فكتب إليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «بسم اللَّه الرحمن الرحيم من محمد النبي رسول اللَّه إلى خالد بن الوليد. سلام عليك فإني أحمد إليك اللَّه الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإن كتابك جاءني مع رسولك يخبر أن بني الحارث بن كعب قد أسلموا وشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً عبده ورسوله، قبل أن تقاتلهم، وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من الإسلام وأن قد هداهم اللَّه بهداه، فبشّرهم وأنذرهم وأقبل وليقبل معك وفدهم والسلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته» .