بضم أوَّله، وفتح النون وسكون التحتية، ابن أسعد الجهني الأنصاري السلمي، وتردَّد المحب الطبري فيمن هو بعينه لا معنى له؛ لأنه الجهني وهو أشهر ذكرًا من الخمسة الذين
ثم سرية عبد الله بن أنيس وحده، يوم الإثنين لخمس خلون من المحرَّم، على رأس خمسة وثلاثين شهرًا من الهجرة، إلى سفيان بن خالد الهذلي بعرنة -وادي عرفة؛ لأنه بلغه -صلى الله عليه وسلم- أنه جمع الجموع لحربه.
فلمَّا وصل إليه قال له: ممن الرجل؟ قال: من بني خزاعة، سمعت بجمعك لمحمد, فجئتك لأكون معك، قال: اجلس. فمشى معه ساعة، ثم اغترَّه.....
__________
وافقوه في الاسم، واسم الأب من الصحابة -رضي الله عنهم، ذكره الشامي.
"ثم سرية عبد الله بن أنيس وحده" إطلاق السرية على الواحد مجاز، "يوم الإثنين لخمس خلون من المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرًا من الهجرة إلى سفيان بن خالد" بن نبيح -بضم النون، وفتح الموحدة، وسكون التحتية وبالحاء المهملة, "الهذلي" ثم اللحياني، قاله ابن سعد، وتبعه اليعمري.
وقال ابن إسحاق: لقتل خالد بن سفيان بن نبيح، وفي حياة لحيوان: لقتل خالد بن نبيح، وتبعه المصنف فيما مرَّ, فنسباه لجدّه على قول ابن إسحاق. "بعرنة" بضم العين المهملة، وفتح الراء، والنون فتاء تأنيث، موضع بقرب عرفة موقف الحجيج، كذا في السبل، وقد ينافي قوله "وادي عرفة"؛ لأن ظاهره أن عرفة، بعضه, إلّا أن يكون أضافها إليها لاتصالها بها، ففي النور: عرنة موضع عند الموقف بعرفات.
وقال بعض مشايخ مشايخي قرية بوادي عرفة؛ "لأنه بلغه -صلى الله عليه وسلم- أنه جمع الجموع لحربه،" فقال لعبد الله: "ائته فاقتله"، فقلت: صفه لي حتى أعرفه" قال: "إذا رأيته هبته, وفرقت ووجدت له قشعريرة, وذكرت الشيطان"، وكنت لا أهاب الرجال"، فقلت: يا رسول الله, ما فرقت من شيء قط، فقال: "آية ما بينك وبينه ذلك"، واستأذنته أن أقول، فقال: "قل ما بدا لك".
وقال: انتسب لخزاعة، فأخذت سيفي ولم أزد عليه, وخرجت أعتزي إلى خزاعة، "فلمَّا وصل إليه" بعرنة لقيته يمشي ووراءه الأحابيش, فهبته, وعرفته بنعته -صلى الله عليه وسلم, فقلت: صدق الله ورسوله، وقد دخل وقت العصر حين رأيته، فصليت وأنا أمشي أومئ برأسي إيماءً، فلمَّا دنوت منه، "قال له: ممن الرجل؟ قال: من بني خزاعة، سمعت بجمعك لمحمد، فجئتك لأكون معك", قال: أجل إني لفي الجمع له، فمشيت معه، وحدَّثته فاستحلى حديثي، وأنشدته, وقلت عجبًا لما أحدث محمد من هذا الدين المحدث, فارق الآباء وسفّه أحلامهم، قال: إنه لم يلق أحدًا يشبهني، وهو يتوكأ على عصا يهد الأرض، حتى انتهى إلى خبائه، وتفرَّق عنه أصحابه إلى منازل قريبة منه، وهم يطيفون به، فقال: هلمَّ يا أخا خزاعة، فدنوت منه، "قال: اجلس، فمشى معه ساعة" قبل الجلوس، أو المراد مشى معه في الكلام، "ثم اغترَّه" بغين معجمة، أي:
وقتله، وأخذ رأسه، فكان يسير الليل ويتوارى النهار، حتى قدم المدينة، فقال له -عليه الصلاة والسلام: "أفلح الوجه"، قال: أفلح وجهك يا رسول الله، ووضع رأسه بين يديه.
وكانت غيبته ثمان عشرة ليلة، وقدم يوم السبت لسبع بقين من محرم.
__________
أخذه في غفلة، "وقتله", عند ابن سعد، فقال: اجلس، أي: في الخباء، فجلست معه حتى إذا نام الناس اغتررته، وفي أكثر الروايات، وهي رواية ابن إسحاق أنه قال: مشيت معه حتى إذا أمكنني حملت عليه السيف وقتلته، "وأخذ رأسه", قال: ثم أقبلت فصعدت جبلًا فدخلت غارًا وأقبل الطلب، وأنا مكتمن في الغار، وضرب العنكبوت على الغار، وأقبل رجل معه إداوة ضخمة، ونعلاه في يده، وكنت حافيًا، فوضع إداوته ونعله، وجلس يبول قريبًا من فم الغار، ثم قال لأصحابه: ليس في الغار أحد، فانصرفوا راجعين، وخرجت فشربت ما في الإداوة ولبست النعلين، "فكان يسير الليل ويتوارى النهار" خوفًا من الطلب، "حتى في المدينة" فوجده -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، "فقال له -عليه الصلاة والسلام: "أفلح الوجه" أي: فاز، قال: أفلح وجهك يا رسول الله", هكذا رواية ابن سعد، وفيها من الأدب ما لا يخفى؛ حيث لم يأت بالعطف المفيد للمشاركة؛ لأن فلاحه -صلى الله عليه وسلم- لا يشاركه فيه أحد، وإن شاركوه في أصل الفلاح.
نعم في رواية: ووجهك بالواو, فلعل إحداهما بالمعنى، أو تكررت بالعطف، ودونه، "ووضع رأسه بين يديه", وأخبرته خبري فدفع إليَّ عصا وقال: "تخصّر بها في الجنة, فإنَّ المتخصرين في الجنة قليل"، فكانت العصا عنده، حتى إذا حضرته الوفاة، أوصى أن يدرجوها في أكفانه، ففعلوا, والتخصر بفتح الفوقية، والخاء المعجمة وضم الصاد المهملة: الاتكاء على قضيب ونحوه، "وكانت غيبته ثماني عشرة ليلة، وقدم يوم السبت لسبع بقين من المحرم".
قال ابن عقبة: وزعموا أنه -صلى الله عليه وسلم- أخبر بموته قبل قدوم عبد الله بن أنيس.
[بعث الرجيع] :
__________