ثم غزوة الحديبية (5) على مقربة من مكة، يوم الإثنين هلال ذي
_________
= والمعروف أن إسلامه تأخر عن هذا الوقت بمدة. ونقل صاحب المواهب كلام مغلطاي. وأما كونه سعيد بن زيد: فهو قول ابن عقبة كما تقدم، والله أعلم.
(1) قصتهم أيضا مخرجة في الصحيحين وغيرهما، انظر البخاري كتاب المغازي، باب قصة عكل وعرينة (4192)، ومسلم في القسامة، باب حكم المحاربين (1671)، وتفسير الطبري، وأسباب النزول للواحدي 129 - 130.
(2) هذا قول ابن هشام في السيرة 2/ 633، والأول لابن سعد 2/ 93، وخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 334 من طريق الواقدي.
(3) كان أبو سفيان قد انتدب أعرابيا لقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وصل إلى المدينة وتوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف أمره، لكنه عفا عنه فأسلم.
(4) انظر تفصيل خبر هذه السرية في السيرة 2/ 633 - 635، والطبقات 2/ 93 - 94، ودلائل البيهقي 3/ 333 - 337.
(5) الحديبية: بتخفيف الياء الثانية أو تشديدها، وجهان مشهوران، والتخفيف هو-
القعدة، في ألف وأربعمائة، ويقال: خمسمائة وخمسة وعشرين رجلا، ويقال: ثلثمائة، ويقال: ستمائة (1).
وبعث عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى مكة رسولا، ليعرّفهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت إلا للزيارة، فاحتبسته قريش عندها فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل، فدعا الناس إلى بيعة الرضوان تحت الشجرة على الموت، وقيل: على أن لا يفروا (2).
_________
= قول الإمام الشافعي رحمه الله، وأهل اللغة، وبعض المحدثين. والتشديد هو قول أكثر المحدثين (تهذيب النووي 3/ 81). ونقل السهيلي 4/ 32 عن النحاس قوله: سألت كل من لقيته ممن أثق بعلمه عن الحديبية، فلم يختلفوا أنها بالتخفيف. وصوبه الفاسي في شفاء الغرام 1/ 92. وسميت الحديبية باسم بئر أو شجرة، واقتصر النووي على الأول، والحافظ على الثاني. وهي اليوم بين مكة وجدة-حدود الحرم-عند الشميسي.
(1) ورد كل ذلك في الصحيح وغيره، وقال الإمام النووي في التهذيب 3/ 81: والأشهر ألف وأربعمائة وهو أكثر الروايات. وانظر تفصيلا أكثر في الفتح عند شرح الحافظ لأحاديث باب غزوة الحديبية من كتاب المغازي.
(2) القولان في الصحيح، أما المبايعة على الموت: فقد أخرجها البخاري في المغازي، باب غزوة الحديبية (4169)، ومسلم في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، وبيان بيعة الرضوان تحت الشجرة (1860)، كلاهما من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن مولاه سأله: على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال: على الموت. وأما البيعة على عدم الفرار: فقد أخرجها مسلم في الكتاب والباب السابقين (1856) من حديث جابر رضي الله عنه قال: لم نبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت، وإنما بايعناه على أن لا نفر. وأجاب الحافظ عن هذا التناقض بقوله: لا تنافي بين قولهم: بايعوه على الموت وعلى عدم الفرار، وليس المراد أن يقع الموت ولا بد، وقال: وجمع الترمذي بأن بعضا بايع على الموت، وبعضا بايع على أن لا يفر.
وجاء سهيل بن عمرو، فوادع النبي صلى الله عليه وسلم على صلح عشرة أعوام، وأن لا يدخل البيت إلا العام المقبل.
ويقال: إنه كتب في هذه الموادعة بيده (1).
وحلق النبي صلى الله عليه وسلم هناك والناس (2)، فأرسل الله تعالى ريحا، فحملت شعورهم، فألقتها في الحرم (3).
_________
(1) نسبها ابن سيد الناس 2/ 176 إلى البخاري، وقال: وعدّ ذلك من وقف عنده معجزة له عليه الصلاة والسلام. وبه قال الإمام أبو الوليد الباجي أحد علماء الأندلس كما في العيون، والفصول/296/، والفتح 7/ 575، قالوا: ولكنه قول مردود، ومفهوم خاطىء لظاهر رواية البخاري، وهو مخالف لقوله تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت:48]. وقال القاضي في الشفا 3/ 361: لم تصح الرواية أنه صلى الله عليه وسلم كتب. وكذلك أفاد السهيلي في الروض 4/ 36، وانظر فتح الباري عند شرح الحديث (4251)، والمواهب اللدنية 1/ 497 - 501، وتوسع فيها وأجاد ابن طولون الدمشقي في مرشد المحتار 147 - 154.
(2) وفي مناسبة الحلق هنا قصة ظريفة خرجها الإمام البخاري، وفيها بيان لفضل السيدة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنها، ففي كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب (2731 - 2732): روى البخاري أنه لما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا. قال: فو الله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدا حتى فعل ذلك، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا. .
(3) طبقات ابن سعد 2/ 104، وعزاه القسطلاني 1/ 509 لمغلطاي.
وأقام بالحديبية بضعة عشر يوما، وقيل: عشرين يوما، ثم قفل، فلما كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح (1).