ثم غزوة أحد، جبل بالمدينة على أقل من فرسخ منها، به قبر هارون عليه السلام (1)، ويقال له: ذو عينين (2).
يوم السبت لسبع خلون (3) من شوّال، ويقال: لإحدى عشرة ليلة خلت منه، ويقال: للنصف منه (4).
_________
(1) أضاف السهيلي 3/ 159: وفيه قبض، ثم واراه موسى عليه السلام، وكانا قد مرا بأحد حاجين أو معتمرين، وانظر القصة أيضا في وفاء الوفا 1/ 161 - 162، لكن ضعفها الحافظ في الفتح عند شرحه لباب غزوة أحد من كتاب المغازي 7/ 401.
(2) هكذا أيضا في تاريخ الخميس 1/ 419. والمعروف أن جبل عينين-بكسر العين وفتحها كما في القاموس-غير أحد، يفصل بينهما-اليوم-سفح جبل أحد، والذي تقوم عليه مقبرة الشهداء، وجبل عينين هو الذي كان عليه الرماة يوم أحد، وقال ياقوت: عينان: هو هضبة أحد بالمدينة، وقيل: جبل من جبال أحد. وقال ابن إسحاق 2/ 62: ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي، مقابل المدينة. وقال ابن سعد 2/ 39: جبل بقناة. وفي البخاري (4072): «وعينين جبل بحيال أحد، بينه وبينه واد».
(3) في (1): يوم السبت (لليلة خلت) من شوال. وفي (2) و (3): (لتسع ليال خلون). وما أثبته من العقد الثمين 1/ 245 حيث ينقل عن المؤلف، ومن المطبوع، وهو الموافق لما سيأتي في التخريج، لكن يشهد ل (تسع) أنها أحد الأقوال الواردة كما في الفتح 7/ 401.
(4) أما الأول: فهو للواقدي 1/ 199، وابن سعد 2/ 36 ومن تبعهما. وأما الثاني: -
قال مالك: كانت بعد بدر بسنة، وعنه: كانت على أحد وثلاثين شهرا من الهجرة (1).
وذلك أن قريشا تجمعت لقتاله عليه الصلاة والسلام في ثلاثة آلاف رجل، فيهم سبعمائة دارع، ومائتا فرس، وثلاثة آلاف بعير، وخمس عشرة امرأة (2).
والمسلمون ألف رجل، ويقال: تسعمائة (3).
فانخزل (4) عبد الله بن أبي في ثلثمائة (5). ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم
_________
= فأخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 201 عن قتادة ولم يذكر الإمام النووي في التهذيب 3/ 17 غيره. وأما الأخير: فهو قول ابن إسحاق كما أخرجه خليفة /67/، والطبري 2/ 502، والبيهقي 3/ 227، كلهم عنه. وأخرجه الطبراني عن ابن إسحاق أيضا برجال ثقات (المجمع 6/ 124). لكن الذي في الفتح أن (الإحدى عشرة) هي قول ابن إسحاق. وأظنه سبق قلم منه رحمه الله، إذ لم أجده، والله أعلم.
(1) القولان أخرجهما البيهقي في الدلائل 3/ 202 عن الإمام مالك رحمه الله.
(2) العبارة العددية بكاملها لابن سعد 2/ 37.
(3) هكذا أيضا في المواهب 1/ 395، والسيرة الحلبية 1/ 230 وقال: لعله تصحيف عن سبعمائة. والمجمع عليه عند كتاب السير والمغازي الأول، وخرجه البيهقي 3/ 208 من رواية موسى بن عقبة و 3/ 221 عن عروة من رواية أخرى، والطبري 2/ 504 عن السدّي، وفي معالم التنزيل 1/ 347، والكشاف 1/ 214: في ألف، وقيل: في تسعمائة وخمسين رجلا.
(4) بالزاي، أي: انفرد.
(5) فأصبح عدد المسلمين سبع مائة كما في الطبقات 2/ 39، والطبري 2/ 504، والبيهقي 3/ 220 - 221 من طريقين، لكن خرّج من قول الزهري أنهم كانوا أربعمائة، وصحح الأول.
أمرهم بالانصراف لكفرهم (1) بمكان يقال له: الشّوط (2)، ويقال: بأحد عند التّصاف (3).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم للرماة: «لا تتغيروا من مكانكم، فلما تغيروا هزموا» (4).
وقتل من المسلمين سبعون، [منهم حمزة رضي الله عنه بحرية وحشي] (5)، ويقال: خمسة وستون (6).
_________
(1) الذي في المغازي 1/ 215، والطبقات 2/ 39: أن كتيبة من يهود حلفاء ابن أبي خرجت معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تستنصروا بأهل الشرك على أهل الشرك»، وروى الطبراني في الكبير والأوسط برجال ثقات عن أبي حميد الساعدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم أحد، حتى إذا جاوز ثنية الوداع، فإذا هو بكتيبة حسناء، فقال: من هؤلاء؟ قالوا: عبد الله بن أبيّ في ستمائة من مواليه من اليهود من بني قينقاع، فقال: وقد أسلموا؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: مروهم فليرجعوا، فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين». (وفاء الوفا 1/ 283).
(2) هذا قول ابن إسحاق 2/ 64، والشوط-كما في النهاية-: اسم حائط من بساتين المدينة، وقال ابن إسحاق: بين المدينة وأحد، وأورده السمهودي مؤرخ المدينة في وفاء الوفا/1248/من عدة روايات يؤخذ منها أنه بالقرب من جبل (ذباب). وهذا قبل أحد في الطريق إليه.
(3) هذا قول الواقدي 1/ 219، وابن سعد 2/ 39، والبيهقي 3/ 208، ونقل الطبري في التاريخ 2/ 504 عن الواقدي أن انخزال ابن أبي كان من الشيخين. والشيخان: أطمان عسكر عندهما الرسول صلى الله عليه وسلم عند خروجه إلى أحد، وردّ من رد من صغار الصحابة.
(4) الحديث في الصحيح، ولفظه فيه من حديث البراء رضي الله عنه: «لا تبرحوا، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا». أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة أحد (4043).
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (1).
(6) الأول: أخرجه البخاري في المغازي، باب من قتل من المسلمين يوم أحد-
وأصيب صلى الله عليه وسلم، وشجّ جبينه، وكسرت رباعيته برمية عبد الله بن قميّة (1)، وضربه بالسيف على شقه الأيمن، فجرح وجنته (2)، ودخلت فيه حلقتان من المغفر (3)، ووقع في حفرة من الحفر التي كيد بها المسلمون، واتقاه طلحة بن عبيد الله، وشقت شفته السفلى صلى الله عليه وسلم (4).
وصرخ ابن قميّة إن محمدا قتل (5).
_________
= (4078). وبالثاني: قال ابن إسحاق 2/ 126، وبه قال ابن قتيبة/160/. وفي الطبقات 2/ 42 - 43 ما يفيد بأنهم أكثر من السبعين.
(1) هذا على رواية الطبراني في الكبير (7596) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. وأخرجه الطبري 2/ 519 عن السّدّي، والذي في السيرة 2/ 80: أن الذي كسرها عتبة بن أبي وقاص، وعن عبد الله بن شهاب الزهري: شجّه في جبهته، وأن ابن قميّة جرح وجنته. وقال الواقدي 1/ 244: الثبت عندنا أن الذي رمى وجنته ابن قمية، والذي أصاب رباعيته عتبة. قلت: والخبر في الصحيح بدون ذكر الأسماء أخرجه مسلم من حديث أنس في الجهاد، باب غزوة أحد (1791)، ورواه البخاري تعليقا في المغازي أول باب (ليس لك من الأمر شيء). وانظر باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أحد. والرباعية: السن التي تلي الثنية من كل جانب، وللإنسان أربع رباعيات. وكان في الأصل (قميئة)، وفي كتب السيرة والحديث (قمئة) و (قميئة). وضبطتها من تكملة الإكمال لابن نقطة 4/ 655 - 657 بفتح القاف وكسر الميم وتشديد الياء حيث روى حديث الطبراني. وضبطها الصالحي في السبل 4/ 295: بفتح القاف وكسر الميم وبعدها همزة.
(2) الوجنة: ما ارتفع من لحم الخد.
(3) المغفر: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة (السلاح 29).
(4) السيرة 2/ 80، والطبقات 2/ 42.
(5) في السيرة 2/ 73 من كلام ابن إسحاق: أن ابن قمية لما قتل مصعب رضي الله عنه ظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى قريش وهو يقول: قتلت محمدا.
ويقال: بل كان ذلك أزبّ العقبة (1).
ويقال: بل هو إبليس تصور في صورة جعال (2).
ولم يثبت معه عليه الصلاة والسلام يومئذ إلا أربعة عشر رجلا (3).
وقتل بيده أبيّ بن خلف (4).
وصلّى الظهر يومئذ قاعدا (5).
وانقطع سيف عبد الله بن جحش يومئذ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عرجونا، فصار في يده سيفا، ولم يزل يتناول حتى اشتراه بغا التركي (6).
_________
(1) في السيرة من كلام ابن هشام 2/ 78: الصارخ: أزبّ العقبة، يعني الشيطان.
(2) في تاريخ الخميس 1/ 429: تصور الشيطان بصورة جعال بن سراقة الضمري.
(3) هذا قول الواقدي 1/ 294، وابن سعد 2/ 42 وفيه: سبعة من المهاجرين فيهم أبو بكر، وسبعة من الأنصار. وانظر الفتح عند شرح الحديث (4060) و (4061) ففيه أقوال أخرى.
(4) كان أبيّ بن خلف قد حلف بمكة ليقتلن محمدا صلى الله عليه وسلم، فلما سمعها منه صلى الله عليه وسلم قال: «بل أنا أقتله إن شاء الله». فصدقه الله تعالى في غزوة أحد، إذ طعن أبيّ بحربته فوقع عن ظهر فرسه لكنه لم يمت، فجزع أبيّ جزعا شديدا فقالوا له: إنما هو خدش، فقال لهم: إن محمدا-صلى الله عليه وسلم-قال: أنا أقتل أبيا. فما وصل مكة حتى مات دونها. والحديث أخرجه الحاكم 2/ 327 وصححه ووافقه الذهبي، كما أخرجه أبو نعيم في الدلائل (415)، والبيهقي في الدلائل 3/ 258 - 259، وانظر السيرة 2/ 84، والطبقات 2/ 46.
(5) السيرة 2/ 87 من كلام ابن هشام، وأضاف: وصلى المسلمون خلفه قعودا.
(6) دلائل البيهقي 3/ 250، وعزاه أبو عمر في الاستيعاب 3/ 879 إلى الزبير في الموفقيات، كما ذكر بيعه من بغا التركي بمائتي دينار. وانظر كتب الصحابة الأخرى.
وكذا جرى لعكاشة، وسلمة بن أسلم يوم بدر (1).
وقتل من المشركين ثلاثة-ويقال: اثنان-وعشرون رجلا (2).
,
:
وكان قد رد جماعة من المسلمين لصغرهم، منهم:
أسامة، وابن عمر، وزيد بن ثابت، والبراء، وأسيد، وعمرو بن حزم (3)، وأبو سعيد الخدري، وعرابة الأوسي، وسعد بن حبتة، وزيد بن أرقم، والنعمان بن بشير وفيه نظر (4).
,
:
وصلى على حمزة والشهداء من غير غسل، وهذا إجماع إلا ما شذّ به بعض التابعين (5).
_________
(1) في (1) و (2): في بدر. وخبر عكاشة رضي الله عنه: في السيرة 1/ 637، والمغازي 1/ 93، وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 99. وأما خبر سلمة بن أسلم رضي الله عنه: فقد ذكره الواقدي 1/ 93 - 94، وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 99 عنه.
(2) الأول لابن سعد 2/ 43، والثاني لابن إسحاق 2/ 129.
(3) إلى هنا ذكرهم ابن هشام في السيرة 2/ 66 وقال: ثم أجازهم يوم الخندق وهم أبناء خمس عشرة سنة.
(4) ذكر السهيلي 3/ 160 اثنين من هؤلاء: عرابة وسعد بالإضافة إلى ما ذكره ابن هشام. وذكر أبو عمر في الدرر الباقي عدا النعمان، فقد ذكره الواقدي ضمن هؤلاء 1/ 216. وقول المصنف رحمه الله: (وفيه نظر). لأنه تقدم أن ولادته رضي الله عنه كانت في السنة الثانية، والله أعلم.
(5) قوله: (وهذا إجماع). إن عنى به كتّاب السير فممكن، لكن المحدثين ضعفوه، وإن عنى به الفقهاء، فلا، فإجماعهم-إلا أبا حنيفة رحمه الله-أن الشهيد في-
ويقال: بل غسّلوا، وفي الكامل لابن عدي: أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك (1).
قال السهيلي: ولم يرو عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى على شهيد في شيء من مغازيه إلا في هذه (2).
وفيه نظر، لما ذكره النسائي من أنه صلى على أعرابي في غزوة أخرى (3).
_________
= أرض المعركة لا يغسل ولا يصلى عليه. انظر حلية العلماء 2/ 357، والمجموع 5/ 264، والمغني 2/ 528 - 529، وهو قول ابن المنذر في الأوسط 5/ 346. وانظر في حجج الفريقين والرد عليها: معرفة السنن والآثار 3/ 140 وما بعد، والروض الأنف 3/ 178، وفتح الباري 3/ 248 - 249 و 7/ 435 عند شرح حديث جابر رضي الله عنه (1343): «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم، ولم يغسلوا ولم يصل عليهم». والحكمة من عدم تغسيلهم والصلاة عليهم كما قال الإمام الشافعي في الأم 1/ 237: أن يلقوا الله جلّ وعزّ بكلومهم، لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن ريح الكلم ريح المسك، واللون لون الدم، واستغنوا بكرامة الله جل وعز لهم عن الصلاة لهم، مع التخفيف على من بقي من المسلمين.
(1) عدم تغسيله: هو بإجماع الفقهاء، وإنما قال بغسله الحسن وابن المسيب رحمهما الله تعالى. انظر الأوسط 5/ 346 - 347، والروض 3/ 179.
(2) الروض الأنف 3/ 178، وقوله: إلا في هذه. يعني رواية ابن إسحاق في الصلاة على شهداء أحد، لكن السهيلي ضعفها، وتكلم الشافعي رحمه الله عليها قبله في الأم 1/ 237 وخطّأها وقال: ينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحي على نفسه. يعني لمخالفته الأحاديث الصحيحة في هذا الباب.
(3) أخرجه النسائي في الجنائز، باب الصلاة على الشهداء 4/ 60 - 61، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 15 - 16، وأجاب عنه هنا وفي معرفة السنن 3/ 146 بقوله: يحتمل أن يكون بقي حيا حتى انقطعت الحرب. وفي المجموع-
,
:
وأما قول ابن إسحاق: كان دليله عليه الصلاة والسلام أبو خيثمة الحارثي، ففيه نظر، لما ذكره الواقدي وغيره من أنه أبو حتمة والد سهل ابن أبي حتمة (1).
وأما قول ابن أبي حاتم: كان سهل بن أبي حتمة، فغير صحيح لصغر سنه عند ذلك (2).
ورجع النبي صلى الله عليه وسلم في يومه آخر النهار (3).