ثم غزوة الغابة-وتعرف بذي قرد (3) -على بريد من المدينة، في ربيع الأول.
قال أبو عمر: بعد بني لحيان (4) بليال.
فأغار على المدينة عيينة بن حصن الفزاري (5) ليلة الأربعاء في أربعين فارسا فاستاق نعما، وقتل ابن أبي ذر وآخر من غفار، وسبوا امرأته (6)،
_________
(1) عند الواقدي، وابن سعد، وابن الجوزي في المنتظم: (أربع) عشرة ليلة. وكذا فيمن جاء بعد المؤلف كصاحب الإمتاع، والقسطلاني، والصالحي، والديار بكري، والبرهان الحلبي.
(2) السيرة 2/ 280، ومغازي الواقدي 2/ 537، والطبقات 2/ 80. وقال الواقدي: وهذا أول ما قال هذا الدعاء. قلت: وهذا الدعاء مخرج في الصحيحين وغيرهما، أخرجه البخاري في العمرة، باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو (1797)، ومسلم في الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره (1342). كلاهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(3) وهذا الثاني هو المشهور في أكثر المصادر، ومنها الصحيحين. والغابة موضع معروف شمالي المدينة، جهة الشام. وذو قرد: ماء ناحية خيبر.
(4) الدرر/186/. وهو قول ابن إسحاق 2/ 281، لكن عنده-كما تقدم-أنها في شعبان.
(5) عند مسلم-كما سوف أخرج-: عبد الرحمن الفزاري. ولا منافاة، لأن عبد الرحمن هو ابن عيينة بن حصن الفزاري، فيكون كلاهما موجود. وقال البيهقي في الدلائل 4/ 178: عيينة أو ابنه.
(6) هكذا جعلهم رجلين وامرأة، والذي في السيرة ومن تبعها كالدرر/186/-
فركبت ناقة للنبي صلى الله عليه وسلم ليلا حين غفلتهم، ونذرت: لئن نجت لتنحرنّها، فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته بذلك، فقال: «لا نذر في معصية، ولا لأحد فيما لا يملك» (1).
وقال البخاري: كانت قبل خيبر بثلاثة أيام (2).
وفي مسلم: نحوه (3).
وفي ذلك نظر، لإجماع أهل السير على خلافهما (4).
فخرج عليه الصلاة والسلام في خمسمائة، وقيل: سبعمائة، واستخلف ابن أم مكتوم، وخلّف سعد بن عبادة في ثلثمائة يحرسون المدينة، وصلى بها صلاة الخوف، وأقام يوما وليلة، ورجع وقد غاب خمس ليال (5).
_________
= والاكتفاء 2/ 26: لم يذكروا إلا رجلا من غفار وامرأته، فقتلوا الغفاري وحملوا المرأة. وعند ابن سعد 2/ 80 سماه: ابن أبي ذر. لم يذكر غيره، لكن الحافظ في الفتح نقل عن ابن سعد: أنهم قتلوا ابن أبي ذر وأسروا امرأته. أقول: وابن أبي ذر غفاري، فتكون رواية ابن سعد مثل رواية ابن إسحاق ويؤيدها ما في صحيح مسلم: وقتل راعيه. وذكر صاحب الإمتاع 4/ 263 أن المرأة هي زوجة أبي ذر نفسه، وهذا قول الواقدي 2/ 548، فالله أعلم.
(1) السيرة 2/ 285، والواقدي 2/ 548. وأخرجه الإمام مسلم في النذر، باب لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد (1641).
(2) كتاب المغازي، مستهل باب غزوة ذات القرد.
(3) كتاب الجهاد والسير، باب غزوة ذي قرد وغيرها، آخر حديث سلمة بن الأكوع الطويل (1807) وفيه: فو الله ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(4) لكن قال الحافظ عما جاء في الصحيح: وهو أصح مما ذكره أهل السير.
(5) هذا النص في الطبقات 2/ 80 - 81. وفيها: أن أول ما نودي: «يا خيل الله-