(ف) بعد العشيرة (بدر الأولى) لأنّه صلى الله عليه وسلم لمّا رجع من العشيرة.. لم يقم بالمدينة إلّا ليالي لا تبلغ العشر، حتى أغار كرز بن جابر على سرح المدينة، كما قال:
(بإثر) أي: عقب (ناهب سرح المدينة) بإضافة ناهب لسرح، وهو الإبل والمواشي التي تسرح للرعي (مغذ) بالغين المعجمة: مسرع في سيره، يقال: أغذ السير، إذا أسرع، وقوله: (هارب) صفة ثانية لناهب، وهو المسرع خوفا، ويبدل من ناهب قوله: (كرز بن جابر) الفهري، فهو بالجر.
وحاصل ذلك: أنّه لما أغار كرز بن جابر على سرح المدينة.. خرج صلى الله عليه وسلم في طلبه في جمادى الآخر.. حتى بلغ واديا يقال له: سفوان، من ناحية بدر، فلم يدرك كرزا، واستعمل على المدينة زيد بن حارثة، وحمل
فبدر الكبرى لعير صخر ... آئبة من شأمها بالكثر
اللواء علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(وبعد) بالبناء على الضم؛ أي: وبعد نهب كرز سرح المدينة أسلم وهاجر إليه صلى الله عليه وسلم و (استنقذا) بألف الإطلاق؛ أي: استخلص كرز (لقاحه) صلى الله عليه وسلم، هو بوزن كتاب: الإبل، واحدها لقوح كصبور (ممّن) أي: من العرنيّين الذين (عليه استحوذا) أي:
استولى على اللقاح، وجاء بهم أسارى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيأتي خبرهم موضحا، وروعي في استحواذ لفظ (من) .
واستشهد كرز يوم فتح مكة رضي الله عنه كما ذكره الحافظ ابن عبد البرّ في «الإستيعاب» .
ذكر الواقدي: (أنّ هذه السفرات الثلاث- يعني:
ودّان، وبواط، والعشيرة- كان صلى الله عليه وسلم يخرج فيها لتلقي تجار قريش حين يمرون إلى الشام، ذهابا وإيابا، وبسبب ذلك كانت وقعة بدر الكبرى) .