قال ابن إسحاق، وأبو عمر، وابن حزم، وغيرهم: بلغه أنّ بهذا الموضع جمعا من سليم وغطفان، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاريّ أو ابن أم مكتوم، وحمل لواءه علي بن أبي طالب، وكان أبيض، فسار إليهم، فبلغ مأمن مياههم، يقال له: الكدر، فلم يجد في المحالّ أحدا، وأرسل نفرا من أصحابه في أعلى الوادي واستقبلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بطن الوادي: فوجد رعاء فيهم غلام يقال له: يسار، فسأله عن الناس، فقال: لا علم لي بهم، إنما أورد لخمس، وهذا يوم ربعيّ والناس قد ارتفعوا إلى المياه، ونحن عزّاب في النّعم، فأقام صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال وقد ظفر بالنّعم، فانحدر إلى المدينة فاقتسموا غنائمهم بصرار، على ثلاثة أميال من المدينة، وكانت النّعم خمسمائة بعير، فأخرج خمسه وقسّم أربعة أخماسه على المسلمين، فأصاب كل رجل منهم بكران، وكانوا مائتي رجل، وصار يسار في سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه، لأنه رآه يصلّي، وغاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة، وأقام بالمدينة شوالا وذا القعدة، وأفدى في إقامته تلك جلّ الأسارى من قريش.