وفى شوّال هذه السنة بعد رجوع خالد من تخريب العزى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى غزوة حنين بالتصغير وهو واد قرب ذى المجاز وقيل ماء بينه وبين مكة ثلاث ليال قرب الطائف وتسمى غزوة هوازن* وفى شرح مختصر الوقاية حنين واد بين مكة والطائف وراء عرفات بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا وفى القاموس حنين موضع بين مكة والطائف قال أهل السير انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة يوم الجمعة وقد بقى من رمضان عشرة أيام فأقام بها خمسة عشر يوما أو تسعة عشر أو ثمانية عشر يوما على اختلاف الاقوال كما مرّ ثم خرج الى حنين* وسببها أنّه لما فتح الله على رسوله مكة وأسلم عامة أهلها أطاعت له قبائل العرب الا هوازن وثقيفا فانّ أهلهما كانوا طغاة عتاة مردة مبارزين فاجتمع أشرافهما فقال بعضهم لبعض انّ محمدا قاتل قوما لم يحسنوا القتال ولم يكن لهم علم بالحروب فغلب عليهم فانه سيقصدنا فقبل أن يظهر ذلك منه سيروا اليه فقصدوا محاربة المسلمين وكان على هوازن رئيسهم مالك بن عوف النضرى وعلى ثقيف قائدهم ورئيسهم عبد يا ليل الثقفى كذا فى معالم التنزيل* وقيل قائد ثقيف قارب ابن الاسود واتفق معهما نضر وجشم كلها وسعد بن بكر وأناس من بنى هلال وهم قليل ولم يشهد من قيس عيلان الا هؤلاء فعبوا جيشهم وعددهم أربعة آلاف مقاتل وخرجوا مع أموالهم وأولادهم وذراريهم وتخلف منهم قبيلتان كعب وكلاب وكان دريد بن الصمة فى بنى جشم وكان شيخا كبيرا قد عمى من الكبر وكان له مائة وخمسون سنة وقيل مائة وسبعون سنة وكان صاحب رأى وتدبير وله معرفة بالحروب* وفى الاكتفاء ليس فيه شئ الا التيمن برأيه ومعرفته بالحروب انتهى وكان رأيه أن لا تخرج معهم الاموال والذرارى ولكن غلب على الرأى مالك بن عوف فأخرجوهم معهم فساروا حتى انتهوا الى أوطاس* وفى الاكتفاء فلما نزل بأوطاس اجتمع اليه الناس وفيهم دريد بن الصمة فى شجار له يقاد به فلما نزل قال فى أىّ واد أنتم قالوا بأوطاس قال نعم مجال الخيل لا حزن ضرس ولا سهل دهس قال مالى أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير ويعار الشاء قالوا ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم قال اين مالك فدعى له فقال يا مالك انك أصبحت رئيس قومك وانّ هذا يوم له ما بعده مالى أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير ويعار الشاء قال سقت مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم وأردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم قال فانقض به ثم قال راعى ضأن والله وهل يردّ المنهزم شىء انها ان كانت لك لن ينفعك الا رجل بسيفه ورمحه وان كانت عليك فضحت فى أهلك ومالك ثم قال ما فعلت كعب وكلاب قالوا لم يشهدها منهم أحد قال غاب الحدّ والجدّ لو كان يوم علاء ورفعة لم يغب عنه كعب وكلاب ولوددت انكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب فمن شهدها منكم قالوا عمرو بن عامر وعوف بن عامر قال ذلك الجذعان لا ينفعان ولا يضرّان يا مالك انك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن فى نحور
الخيل شيئا ارفعهم الى ممتنع بلادهم وعلياء قومهم ثم الق الصبا على متون الخيل فان كانت لك لحق بك من وراءك وان كانت عليك ألقاك ذلك وقد أحرزت أهلك ومالك قال والله لا أفعل انك قد كبرت وكبر عقلك والله لتطيعننى يا معشر هوازن أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهرى وكره أن يكون لدريد فيها ذكر ورأى قالوا أطعناك قال دريد هذا يوم لم أشهده ولم يفتنى
يا ليتنى فيها جذع ... أخب فيها وأضع
أقور وطفاء الزمع ... كأنها شاة صدع
وبعث مالك بن عوف عيونا من رجاله فأتوه وقد تفرّقت أوصالهم فقال ويلكم ما شأنكم قالوا رأينا رجالا بيضا على خيل بلق والله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى فو الله ما ردّه ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد* ولما سمع بهم نبىّ الله صلى الله عليه وسلم بعث اليهم عبد الله بن أبى حدرد الاسلمى فدخل فيهم حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا عليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر ولما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير الى هوازن ذكر له انّ عند صفوان بن أمية ادراعا له وسلاحا فأرسل اليه وهو يومئذ مشرك فقال يا أبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلق فيه عدوّنا غدا فقال صفوان أغصبا يا محمد فقال بل عارية مضمونة حتى نؤدّيها اليك فقال ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح فزعموا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ففعل* وفى شفاء الغرام جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شوّال هذه السنة عتاب بن أسيد بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس على مكة أميرا ومعاذ بن جبل اماما بها ومفتيا لمن فيها* وذكر ابن عبد البرّ أنّ عتاب بن أسيد أسلم يوم فتح مكة واستعمله النبىّ صلى الله عليه وسلم عليها حين خرج الى حنين فأقام عتاب للناس الحج تلك السنة وهى سنة ثمان ثم قال فلم يزل عتاب أميرا على مكة حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرّه أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه وقيل ماتا فى يوم واحد وكذلك كان يقول ولد عتاب وقال محمد بن سلام وغيره جاء نعى أبى بكر الصديق رضى الله عنه الى مكة يوم دفن عتاب بن أسيد بها وقال السهيلى قال أهل التعبير رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام أسيد بن أبى العيص واليا على مكة مسلما فمات على الكفر وكانت الرؤيا لولده عتاب حين أسلم فولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة وهو ابن احدى وعشرين سنة* وفى الاكتفاء ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عامد الحنين معه ألفان من أهل مكة وعشرة آلاف من أصحابه الذين فتح الله عليهم فكانوا اثنى عشر ألفا وذكر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين فصل من مكة الى حنين ورأى كثرة من معه من جنود الله لن نغلب اليوم من قلة وزعم بعض الناس أنّ رجلا من بنى بكر قالها* وفى رواية يونس بن بكير عن الربيع قال رجل يوم حنين لن نغلب اليوم فشق ذلك من قلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم* وفى رواية أنّ أبا بكر قاله للنبىّ صلى الله عليه وسلم أو لسلمة بن سلامة بن وقش وقيل قائله سلمة فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامه فوكلوا الى كلمة الرجل فالهزيمة لجيش الاسلام فى أوّل الحال كانت بسببه* وفى رواية باهى العباس بكثرة العسكر فمنعه النبىّ صلى الله عليه وسلم وقال تستنصر بصعاليك الامة* وفى المواهب اللدنية ثم خرج من مكة الى حنين يوم السبت لست ليال خلون من شوّال فى اثنى عشر ألفا من المسلمين عشرة آلاف من أهل المدينة من المهاجرين والانصار وغيرهم والفان ممن أسلم من أهل مكة وهم الطلقاء يعنى الذين خلى عنهم يوم فتح مكة وأطلقهم فلم يسترقهم واحدهم طليق فعيل بمعنى مفعول وهو الاسير اذا أطلق سبيله وخرج معه ثمانون من المشركين منهم صفوان بن أمية وقال عطاء كانوا ستة عشر ألفا وقال الكلبى كانوا عشرة آلاف وكانوا يومئذ أكثر مما كانوا فى سائر المواطن
وفى المشكاة ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فأطنبوا السير حتى كان عشية فجاء فارس فقال يا رسول الله انى اطلعت على جبل كذا وكذا فاذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهم ونعمهم وشائهم اجتمعوا على حنين فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال تلك غنيمة للمسلمين غدا ان شاء الله تعالى ثم قال من يحرسنا الليلة قال أنس بن أبى مرثد الغنوى أنا يا رسول الله قال اركب فركب فرساله فقال استقبل هذا الشعب حتى تكون فى أعلاه ففعل فلما أصبح جاء وقال طلعت الشعبين كليهما فلم أر أحدا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل نزلت الليلة قال لا الا مصليا أو قاضى حاجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا عليك أن لا تعمل بعد هذا رواه أبو داود وقال ابن عقبة وكان أهل حنين يظنون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دنا منهم فى توجهه الى مكة أنه بادئ بهم وصنع الله لرسوله ما هو أحسن من ذلك فتح له مكة وأقرّ بها عينه وكبت عدوّه فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى حنين خرج معه أهل مكة ركبانا ومشاة حتى خرج معه النساء يمشين على غير دين قطارا ينظرون ويرجون الغنائم ولا يكرهون ان تكون الصدمة برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه* وحدث أبو واقد الليثى قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى حنين ونحن حديثو عهد بالجاهلية وكانت لكفار قريش ومن سواهم من العرب شجرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط يأتونها كل سنة فيعلقون عليها أسلحتهم ويذبحون عندها ويعكفون عليها يوما قال فرأينا ونحن نسير معه الى حنين سدرة خضراء عظيمة فتنادينا على جنبات الطريق فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كمالهم ذات أنواط فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر قلتم والذى نفس محمد بيده كما قال قوم موسى له اجعل لنا الها كما لهم آلهة انكم قوم تجهلون فانها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم قال انتهى النبىّ صلى الله عليه وسلم الى حنين مساء ليلة الثلاثاء لعشر خلون من شوّال وكان قد سبقهم مالك بن عوف فأدخل جيشه بالليل فى ذلك الوادى وفرّقهم على الطرق والمداخل وحرّضهم على قتال المسلمين وأمرهم أن يكمنوا لهم ويرشقوهم أوّل ما طلعوا ويحملوا عليهم حملة واحدة* وفى الاكتفاء قال مالك للناس اذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم ثم شدّوا شدّة رجل واحد ولما كان وقت السحر جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشه وعقد الالوية والرايات وفرّقها على الناس فدفع لواء المهاجرين الى عمر بن الخطاب ولواء الى على بن أبى طالب ولواء الى سعد بن أبى وقاص ولواء الاوس الى أسيد بن حضير ولواء الخزرج الى خباب بن المنذر وآخر الى سعد بن عبادة وقيل كان لكل بطن من الاوس والخزرج لواء فى تلك الغزوة ولكل قبيلة من القبائل التى كانت معه لواء ثم ركب صلى الله عليه وسلم بغلته البيضاء دلدل ولبس درعين والمغفر والبيضة واستقبل وادى حنين فى غبش الليل وفى الاكتفاء عن جابر بن عبد الله قال لما استقبلنا وادى حنين انحدرنا فى واد من أودية تهامة أجوف حطوطا انما ننحدر فيها انحدارا وذلك فى عماية الصبح وكان القوم قد سبقوا الى الوادى فكمنوا لنا فى شعابه وأحنائه ومضائقه واجتمعوا وتهيئوا فو الله ما راعنا ونحن منحطون الا الكتائب قد شدّوا علينا شدّة رجل واحد وانشمر الناس راجعين لا يلوى أحد على أحد وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ثم قال أيها الناس هلموا الىّ أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله قال فلا شئ حملت الابل بعضها على بعض* وفى رواية كان خالد بن الوليد مع بنى سليم فى مقدمة الجيش وكان أكثرهم حسرا ليس عليه سلاح أو كثير سلاح فلقوا قوما كمنوا لهم جمع هوازن وبنى النضير وهم قوم رماة لا يكاد يسقط لهم سهم والمسلمون عنهم غافلون فرشقوهم رشقا لا يكادون يخطئون فولى جماعة كفار قريش الذين كانوا فى جيش الاسلام وشبان الاصحاب وأخفاؤهم
وتبعهم المسلمون الذين كانوا قريب العهد بالجاهلية ثم انهزم بقية الاصحاب
وكان النبىّ صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء التى أهداها له فروة بن نفاثة الجذامى كذا فى رواية البراء بن عازب وكذا قاله السهيلى* وفى رواية كان مركبه يومئذ الدلدل كما مرّ وكان ينطلق من خلفهم ويقول يا أنصار الله وأنصار رسوله أنا عبد الله ورسوله* وفى رواية الىّ أيها الناس* وفى الاكتفاء انطلق الناس الى أن بقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين أبو بكر وعمر ومن أهل بيته على بن أبى طالب والعباس وأبو سفيان بن الحارث وابنه جعفر والفضل بن عباس وفى رواية وقثم بن عباس بدل ابن أبى سفيان انتهى وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد وأيمن بن عبيد قتل يومئذ بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا فى معالم التنزيل* وفى رواية وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب وعقيل بن أبى طالب* وفى رواية ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة فى كمية عددهم وتعيين أشخاصهم وردت روايات مختلفة* ففى رواية الكلبى كان حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثمائة من المسلمين وانهزم سائر الناس كذا فى معالم التنزيل* وفى رواية لم يبلغوا مائة وفى رواية ثمانون وفى رواية اثنا عشر وفى رواية عشرة* وفى رواية لم يبق معه الا أربعة ثلاثة من بنى هاشم علىّ والعباس وأبو سفيان بن الحارث وواحد من غيرهم وهو عبد الله بن مسعود فعلىّ والعباس يحفظانه من قبل وجهه وأبو سفيان بن الحارث آخذ بعنان بغلته وعبد الله بن مسعود يحفظه من جانبه الا يسر وكان كل من يقبل اليه صلى الله عليه وسلم يقتل البتة* وفى رواية بقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فلعلّ هذه الرواية كناية عن غاية القلة أو محمولة على أوّل الحال وبعد ذلك اجتمعوا اليه* وفى معالم التنزيل ولما تلاقوا اقتتلوا قتالا شديدا فانهزم المشركون وجلوا عن الذرارى ثم نادوا يا حماة السوء اذكروا الفضائح فتراجعوا وانكشف المسلمون وانهزموا* وفى الاكتفاء كان رجل من هوازن على جمل له أحمر وبيده راية سوداء فى رأس رمح طويل امام هوازن وهم خلفه اذا أدرك طعن برمحه واذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه فبينما ذلك الرجل يصنع ما يصنع اذ هوى له علىّ ابن أبى طالب ورجل من الانصار يريد انه فأتى علىّ من خلفه فضرب عرقوبى الجمل فوقع على عجزه فوثب الانصارى على الرجل فضربه ضربة أطنّ قدمه بنصف ساقه فانجعف عن رحله قال ابن اسحاق فلما انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة تكلم رجال منهم بما فى أنفسهم من الضغن فقال أحدهم وهو أبو سفيان بن حرب لا تنتهى عزيمتهم دون البحر وانّ الازلام لمعه فى كنانته* وفى رواية قيل لما انهزم المسلمون فى أوّل القتال استبشر أبو سفيان وقال غلبت والله هوازن لا يردّهم شئ الا البحر وكان أبو سفيان أسلم يوم الفتح لكن لم يتصلب فيه بعد وكان هو وابنه معاوية يومئذ من المؤلفة قلوبهم وبعد ذلك حسن اسلامهما ولذا استبشر أبو سفيان وقال غلبت والله هوازن فردّ عليه قوله صفوان بن أمية الجمحى وهو يومئذ مشرك فى المدّة التى جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بفيك الكثكث أى الحجارة والتراب لأن يرينى رجل من قريش أحب الىّ أن يربنى رجل من هوازن أراد صفوان برجل من قريش النبىّ صلى الله عليه وسلم وبرجل من هوازن رئيسهم مالك بن عوف كذا قاله الشريف الجرحانى فى حاشية الكشاف* وفى الاكتفاء وصرخ آخر منهم ألابطل السحر اليوم قيل قائله كلدة بن حسل وهو أخو صفوان بن أمية لأمه كذا فى سيرة ابن هشام وقال الاخر لصفوان ابشر فانّ محمدا وأصحابه قد انهزموا قال صفوان فى جواب كل منهم اسكت فض الله فاك فو الله لأن يرينى رجل من قريش أحب الىّ من أن يرينى رجل من هوازن ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرق أصحابه طفق يركض بغلته قبل الكفار وكان العباس بن عبد المطلب آخذا بلجام بغلته
ارادة أن لا تسرع وأبو سفيان بن الحارث آخذا بركابه الايمن* وفى رواية انّ العباس
آخذ بركابه الايمن وأبو سفيان بالايسر يكفانها ارادة أن لا تسرع وهو يقول* أنا النبىّ لا كذب** أنا ابن عبد المطلب* وفى معالم التنزيل وأبو سفيان يقود به بغلته فنزل واستنصر وقال
* أنا النبىّ لا كذب* أنا ابن عبد المطلب* وهذا يدل على كمال شجاعته وتمام صولته وقوّته صلى الله عليه وسلم اذ فى هذا اليوم الشديد اختار ركوب البغلة التى ليس لها كر ولا فرّ كما يكون للفرس ومع ذلك توجه وحده نحو العدوّ ولم يخف صفته ونسبه وما هذا كله الا لوثوقه بالله وتوكله عليه وجعل صلى الله عليه وسلم يقول للعباس ناديا معشر الانصار يا أصحاب السمرة يعنى الشجرة التى بايعوا تحتها بيعة الرضوان يوم الحديبية أن لا يفرّوا عنه ويا أصحاب سورة البقرة فجعل العباس ينادى تارة يا أصحاب السمرة وتارة يا أصحاب سورة البقرة وكان العباس رجلا صيتا* وفى الكشاف قال عليه السلام للعباس بن عبد المطلب لما انهزم الناس يوم حنين اصرخ بالناس وكان العباس أجهر الناس صوتا* وفى رواية أنّ غارة اتتهم يوما فصاح العباس يا صباحاه فأسقطت الحوامل لشدّة صوته وزعمت رواة أنه كان يزجر السباع عن الغنم فيفتق مرارة السبع فى جوفه انتهى ولما سمع المسلمون نداء العباس أقبلوا كأنهم الابل اذا حنت على أولادها* وفى رواية مسلم قال العباس فو الله كانت عطفتهم حين سمعوا صوتى عطفة البقر على أولادها يقولون يا لبيك يا لبيك أو لبيك لبيك* وفى رواية عطفة النحل على يعسو بها فتراجعوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ان الرجل منهم اذا لم يطاوعه بعيره على الرجوع انحدر عنه وأرسله ورجع بنفسه* وفى الاكتفاء فيذهب الرجل ليثنى بعيره فلا يقدر على ذلك فيأخذ درعه فيقذفها على عنقه ويأخذ سيفه وترسه ويقتحم عن بعيره ويخلى سبيله ويؤم الصوت حتى ينتهى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى* فثاب اليه من كان انهزم أوّلا من المسلمين حتى اذا اجتمع عنده مائة استقبلوا الناس فاقتتلوا فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته فى ركابه فنظر الى مجتلد القوم وقتالهم كالمتطاول عليها فقال الان حمى الوطيس وهو التنور يخبز فيه يضرب مثلا لشدّة الحرب التى يشبه حرّها حرّه وهذه من فصيح الكلام الذى لم يسمع مثله قبل النبىّ صلى الله عليه وسلم قال جابر بن عبد الله فى حديثه اجتلد الناس فو الله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الاسارى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أبى سفيان بن الحارث وكان قد حسن اسلامه وكان ممن صبر معه يومئذ وهو آخذ شفير بغلته فقال من هذا قال أنا ابن عمك يا رسول الله وقال شيبة بن عثمان بن أبى طلحة أخو بنى عبد الدار وكان أبوه قد قتل يوم أحد قلت اليوم أدرك ثارى اليوم أقتل محمدا قال فأردت برسول الله صلى الله عليه وسلم لا قتله فأقبل شئ حتى تغشى فؤادى فلم أطق ذلك وعلمت انى ممنوع منه وفى سيرة ابن هشام انه ممنوع منى* وذكر ابن أبى خيثمة حديث شيبة هذا قال لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين أعرى فذكرت أبى وعمى قتلهما حمزة قلت اليوم أدرك ثارى فى محمد فجئته عن يمينه فاذا أنا بالعباس قائما عن يمينه عليه درع بيضاء قلت عمه لن يخذ له فجئته عن يساره فاذا أنا بأبى سفيان بن الحارث قلت ابن عمه لن يخذ له فجئته من خلفه فدنوت منه حتى لم يبق الا أن أسور سورة بالسيف فرفع الىّ شواظ من نار كأنه البرق فنكصت على عقبى القهقرى فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا شيبة أدن فدنوت فوضع يده على صدرى فاستخرج الله الشيطان من قلبى فرفعت اليه بصرى فهو أحب الىّ من سمعى وبصرى فقال لى يا شيبة هكذا قاتل الكفار فقاتلت معه صلى الله عليه وسلم* وفى الصفوة عن شيبة بن عثمان بن أبى طلحة الحجبى أنه قال لما كان عام الفتح دخل النبىّ صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قلت أسير مع قريش الى
هوازن بحنين فعسى ان اختلطوا أن أصيب من محمد غرّة فأثار منه فأكون أنا الذى قمت بثار قريش كلها وأقول لو لم يبق من العرب والعجم أحد الا اتبع محمدا ما اتبعته أبدا فلما اختلط الناس واقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته أصلت السيف فدنوت منه أريد منه ما أريد فرفعت سيفى فرفع لى شواظ من نار كالبرق حتى كاد يمتحشنى فوضعت يدى على بصرى خوفا عليه فالتفت الىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى يا شيبة ادن منى فدنوت منه فمسح صدرى وقال اللهم أعذه من الشيطان فو الله فهو كان ساعتئذ أحب الىّ من سمعى وبصرى وأذهب الله عز وجل ما كان عندى ثم قال ادن فقاتل فتقدّمت بين يديه ولو لقيت تلك الساعة أبى أو كان جبلا أوقعت به السيف فلما تراجع المسلمون وكروا كرة رجل واحد قربت بغلته صلى الله عليه وسلم فاستوى عليها فخرج فى أثرهم حتى تفرقوا فى كل وجه ورجع معسكره فدخل خباءه فدخلت عليه فقال يا شيبة الذى أراده الله بك خير مما أردت لنفسك ثم حدّثنى بكل ما أضمرت فى نفسى مما لم أكن أذكره لاحد قط قلت أشهد أن لا اله الا الله وأشهد انك رسول الله وقلت استغفر لى فقال غفر الله لك* وروى ان النبىّ صلى الله عليه وسلم تناول حصيات من الارض ثم قال شاهت الوجوه أى قبحت ورمى بها فى وجوه المشركين فما كان انسان منهم الا وقد امتلأت عيناه من تلك القبضة التراب وكذا عن سلمة بن الاكوع وقيل انه أخذ تلك القبضة بأمر جبريل عليه السلام* وفى رواية مسلم انها قبضة من تراب من الارض فيحتمل أن يكون رمى بهذه مرّة وبالاخرى أخرى ويحتمل أن تكون قبضة واحدة مخلوطة من حصى وتراب ولاحمد وأبى داود والدارمى من حديث أبى عبد الرحمن الفهرى فى قصة حنين قال فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا عبد الله ورسوله ثم اقتحم عن مركبه فأخذ كفا من تراب قال فأخبرنى الذى كان أدنى اليه منى أنه ضرب وجوههم فهزمهم الله تعالى قال يعلى بن عطاء رواية عن أبى همام عن أبى عبد الرحمن الفهرى فحدّثنى أبناؤهم عن آبائهم انهم قالوا لم يبق منا أحد الا امتلأت عيناه وفمه ترابا وسمعنا صلصلة من السماء كامرار الحديد على الطست الجديد بالجيم المعجمة من قبيل امرأة قتيل* ولأحمد والحاكم من حديث ابن مسعود فحادت به رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلته فمال السرج فقلت ارتفع يرحمك الله فقال ناولنى كفا من تراب فضرب فى وجوههم وامتلأت أعينهم ترابا وجاء المهاجرون والانصار وسيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب فولى المشركون الادبار كذا فى المواهب اللدنية وفى معجم الطبرانى الاوسط قال لما انهزم المسلمون يوم حنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته الشهباء يقال لها الدلدل فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم دلدل البدى فألصقت بطنها بالارض حتى أخذ النبىّ صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب فرمى بها فى وجوههم وقال حم لا ينصرون فانهزم القوم كما قال الله تعالى وما رميت اذ رميت ولكنّ الله رمى فما رموا بسهم ولا طعنوا برمح ولا ضربوا بسيف فهزمهم الله* وفى حياة الحيوان أن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين لعمه العباس ناولنى من البطحاء فأفقه الله البغلة كلامه فانخفضت به الى الارض حتى كاد بطنها يمس الارض فتناول صلى الله عليه وسلم كفا من الحصباء فنفخ فى وجوه الكفار وقال شاهت الوجوه حم لا ينصرون وقال انهزموا ورب محمد وفى رواية قال اللهمّ أنشدك وعدك لا ينبغى لهم أن يظهروا علينا وفى رواية اللهمّ انجزلى ما وعدتنى وفى رواية اللهمّ لك الحمد ولك المشتكى وأنت المستعان فقال له جبريل يا محمد أنت اليوم لقنت بكلمات لقن بها موسى يوم فلق البحر لبنى اسرائيل* وفى الاكتفاء وذكر ابن عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما غشيه القتال قام يومئذ فى المركلتين وهو على البغلة ويقولون نزل ورفع يديه الى الله عز وجل يدعوه يقول اللهم انى أنشدك ما وعدتنى اللهمّ لا ينبغى لهم أن يظهروا علينا ونادى
أصحابه فذكرهم
يا أصحاب البيعة يوم الحديبية يا أصحاب سورة البقرة يا أنصار الله وأنصار رسوله يا بنى الخزرج وقبض قبضة من الحصباء فحصب بها فى وجوه المشركين ونواحيهم كلها وقال شاهت الوجوه فهزم الله أعداءه من كل ناحية حصبهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعهم المسلمون يقتلونهم وغنمهم الله نساءهم وذراريهم وشاءهم وابلهم وفرّ مالك بن عوف حتى دخل حصن الطائف فى ناس من أشراف قومه وأسلم عند ذلك ناس كثير من أهل مكة وغيرهم حين رأوا نصرة الله لرسوله واعزاز دينه وهزيمة القوم فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ فرأى أمّ سليم بنت ملحان وكانت مع زوجها أبى طلحة وهى حازمة وسطها ببردتها وانها لحامل بعبد الله بن أبى طلحة ومعها جمل أبى طلحة وقد خشيت أن يغرها فأذنت رأسه منها وأدخلت يده فى خزامه مع الخطام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّ سليم قالت نعم يا نبىّ الله بأبى أنت وأمى يا رسول الله اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك فانهم لذلك أهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يكفى الله يا أم سليم كذا فى الاكتفاء قال ومعها خنجر فقال لها أبو طلحة ما هذا الخنجر معك يا أمّ سليم قالت خنجر اخذته اذا دنا منى أحد من المشركين بعجته به قال يقول أبو طلحة ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أمّ سليم الرمصاء كذا فى سيرة ابن هشام* وفى المواهب اللدنية روى أبو جعفر بن جرير بسنده عن عبد الرحمن عن رجل كان فى المشركين قال لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين لم يقوموا لنا مقدار حلب شاة فلما لقيناهم جعلنا نسوقهم فى آثارهم حتى انتهينا الى صاحب البغلة البيضاء فاذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتلقتنا عنده رجال بيض الوجوه حسان فقالوا لنا شاهت الوجوه ارجعوا قال فانهزمنا وركبوا أكتافنا انتهى* ولما اجتمع عند النبىّ صلى الله عليه وسلم زها مائة رجل وشرعوا فى القتال لم تلبث هوازن مقدار حلب شاة أو حلب ناقة الا انهزموا* وعن جبير بن مطعم رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل النجاد الاسود نزل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم فنظرت فاذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادى لم أشك انها الملائكة فلم تكن الا هزيمة القوم كذا فى حياة الحيوان* وفى الاكتفاء عن سعيد بن جبير أنه قال أمدّ الله نبيه يومئذ بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين* وروى ان رجلا من المشركين من بنى النضير يقال له شمرة قال للمؤمنين بعد القتال أين الخيل البلق والرجال الذين عليهم ثياب بيض ما نراكم فيهم الا كهيئة الشامة وما كان قتلنا الا بأيديهم فأخبروا بذلك رسول صلى الله عليه وسلم قال تلك الملائكة* وروى عن مالك بن أوس أنه قال ان نفرا من قومى حضروا معركة حنين قد حكوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رمى تلك القبضة من الحصى لم تبق عين أحد منا الا وقعت فيها الحصاة وأخذ قلوبنا الخفقان ورأينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والارض وعليهم عمائم حمر قد أرخوا أطرافها بين أكتافهم وما كنا نقدر أن ننظر اليهم من الرعب وما خيل الينا الا ان كل شجر وحجر فارس يطلبنا* وفى سيرة الدمياطى كانت سيما الملائكة يوم حنين عمائم حمر أرخوا أطرافها بين أكتافهم* وفى البخارى عن البراء وسأله رجل من قيس أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فقال لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر كان هوازن رماة وانا لما حملنا عليهم انكشفوا فانكببنا على المغانم فاستقبلتنا بالسهام ولقد رأيت النبىّ صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء وان أبا سفيان بن الحارث آخذ بزمامها وهو يقول* أنا النبىّ لا كذب* أنا ابن عبد المطلب* وبهاتين الغزاتين أعنى حنينا وبدرا قاتلت الملائكة بأنفسها مع المسلمين ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوه الكفار بالحصاة فيهما* وعن أبى قتادة قال لما كان يوم حنين نظرت الى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين وآخر من المشركين
يختله من ورائه ليقتله فأسرعت الى الذى يختله فرفع يده ليضربنى فضربت يده فقطعتها وعبارة الاكتفاء قال أبو قتادة رأيت يوم حنين رجلين يقتتلان مسلما وكافرا فاذا رجل من المشركين يريد أن يعين صاحبه المشرك على المسلم فأتيته فضربت يده فقطعتها واعتنقنى بيده الآخرى فو الله ما أرسلنى حتى وجدت ريح الدم ويروى ريح الموت فلولا ان الدم نزفه لقتلنى فسقط فضربته فقتلته وأجهضنى عنه القتال انتهى* وفى رواية عنه فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فضربته من ورائه على حبل عاتقه بالسيف فقطعت الدرع وأقبل علىّ فضمنى ضمة وجدت ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلنى* وفى رواية ثم نزف فتحلل ودفعته ثم قتلته وانهزم المسلمون وانهزمت معهم فاذا عمر بن الخطاب فى الناس فقلت له ما شأن الناس فقال أمر الله* ثم تراجع الناس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وضعت الحرب أو زارها وفرغنا من القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقام بينة على قتيل قتله فله سلبه* وفى الاكتفاء من قتل قتيلا فله سلبه* وفى رواية من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه قمت لالتمس بينة على قتيلى فلم أر أحدا يشهد فجلست ثم بدا لى فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله لقد قتلت قتيلا ذا سلب فأجهضتى عنه القتال فما أدرى من استلبه فقال رجل من جلسائه من أهل مكة سلاح هذا القتيل الذى تذكره عندى فأرضه عنه* وفى الاكتفاء فقال رجل من أهل مكة صدق يا رسول الله فأرضه عنى من سلبه قال أبو بكر كلا يعطيه أضيبع من قريش ويدع أسدا من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله والا ضيبع تصغير الضبع كذا فى حياة الحيوان فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم صدق أبو بكر فأعطه فأعطانيه فاشتريت مخرفا فى بنى سلمة وانه لاوّل مال تأثلته فى الاسلام* وفى الاكتفاء قال أبو بكر لا والله لا يرضيه منه تعمد الى اسد من أسد الله يقاتل عن دين الله تقاسمه سلبه أردد عليه سلب قتيله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أردد عليه سلبه قال أبو قتادة فأخذته منه وبعته فاشتريت بثمنه مخرفا فانه لاوّل مال اعتقرته وعن أنس قتل أبو طلحة يوم حنين عشرين رجلا وأخذ سلبهم* وفى الشفاء وسلت رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم عن وجه عائذ بن عمرو وكان جرح يوم حنين ودعا له وكانت له غرّة كغرّة الفرس وروى ان النبىّ صلى الله عليه وسلم مرّ يومئذ بامرأة قتلت فازدحم الناس عليها فسأل عنها فقالوا له هى امرأة من الكفار قد قتلها خالد بن الوليد فبعث الى خالد ونهاه عن قتل المرأة والطفل والاجير* وفى الاكتفاء لما انهزمت هوازن استمرّ القتل من ثقيف فى بنى مالك فقتل منهم سبعون رجلا تحت رايتهم فيهم عثمان بن عبد الله بن ربيعة ومعه كانت راية بنى مالك وكانت قبله مع ذى الخمار فلما قتل أخذها عثمان فقاتل بها حتى قتل فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله قال أبعده الله فانه كان يبغض قريشا* وعن ابن اسحاق أنه قتل مع عثمان بن عبد الله غلام له نصرانى أغرل قال فبينما رجل من الانصار يسلب قتلى ثقيف اذ كشف العبد يسلبه فوجده أغرل فصاح بأعلى صوته يا معشر العرب يعلم الله ان ثقيفا غرل قال المغيرة بن شعبة فأخذت بيده وخشيت أن تذهب عنا فى العرب فقلت لا تقل كذا فداك أبى وأمى انه غلام لنا نصرانى قال ثم جعلت اكشف له القتل أقول ألا تراهم مختتنين كما ترى كذا فى سيرة ابن هشام* وكانت راية الاحلاف مع قارب بن الاسود فلما انهزم الناس هرب هو وقومه من الاحلاف فلم يقتل منهم غير رجلين يقال لاحدهما وهب وللاخر الجلاح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتل الجلاح قتل اليوم سيد شباب ثقيف الا ما كان ابن هنيدة يعنى الحارث بن أويس ولما انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف وعسكر بعضهم بأوطاس وتوجه بعضهم نحو نخلة وتبعت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك فى نخلة من الناس
ولم تتبع من سلك الثنايا فأدرك ربيعة بن رفيع وهو غلام ويقال له ابن الدغنة وهى أمه غلبت على اسمه دريد بن الصمة فأخذ بخطام جمله وهو يظن انه امرأة وذلك انه كان فى شجار له فأناخ به فاذا شيخ كبير واذا هو دريد بن الصمة ولا يعرفه الغلام فقال له دريد ماذا تريد بى قال أقتلك قال من أنت قال انا ربيعة ابن رفيع السلمى ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا فقال بئس ما سلحتك أمك خذ سيفى هذا من مؤخر الرحل ثم اضرب به وارفع عن العظام واخفض عن الدماغ فانى كذلك كنت أضرب الرجال ثم اذا أتيت أمك فأخبرها انك قتلت دريد بن الصمة فرب والله يوم منعت فيه نساءك فزعم بنو سليم ان ربيعة قال لما ضربته فوقع تكشف فاذا عجانه وبطون فخذيه مثل القرطاس من ركوب الخيل أعراء فلما رجع ربيعة الى أمه أخبرها بقتله اياه فقالت أمه والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا كذا فى الاكتفاء* وفى رواية قتله الزبير بن العوّام قالت عمرة بنت دريد ترثى أباها
قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا ... فظل دمعى على السربال ينحدر
لولا الذى قهر الاقوام كلهمو ... رأت سليم وكعب كيف تأتمر
قال ابن هشام ويقال اسم الذى قتل دريدا عبد الله بن قنيع بن اهبان بن ربيعة*