ربيع الأول للعام ٥ هـ، وقد دارت بموقع قريب من أطراف الشام يدعى دومة الجندل نسبة لتحصنه، ويبتعد عن المدينة ١٥ ليلة.
النبي صلى الله عليه وسلم، وقد خرج على رأس ١٠٠٠ من أصحابه، في مواجهة قبيلة قضاعة.
رغبة نبي الله صلى الله عليه وسلم بوقف إغارة إحدى القبائل الباغية على القوافل على حدود الشام، وهوما يمنع أذاها عن قوافل المسلمين، ويبسط نفوذ المسلمين ودولتهم الجديدة ودعوة التوحيد لأطراف أبعد كثيرًا من حدود المدينة المنورة.
مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر الصغرى ستة أشهر، ثم جاءت إليه الأخبار بأن القبائل حول دومة الجندل تقطع الطريق هناك، وتنهب ما يمر بها، وكانت تلك القبائل في حدود قبائل الغساسنة الموالين للدولة الرومية البيزنطية، وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم أنها قد حشدت جمعًا كبيرًا تريد أن تهاجم المدينة.
فاستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري، وخرج في حشد غفير من أصحابه، وأخذ رجلًا من بني عذرة دليلًا للطريق يقال له مذكور
خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم يسير الليل ويكمن النهار؛ حتى يفاجيء أعداءه، فهجم على ماشيتهم ورعائهم، فأصاب ما أصاب، وهرب من هرب.
وأما أهل دومة الجندل ففروا في كل وجه، فلما نزل المسلمون بساحتهم لم يجدوا أحدًا، وأقام النبي صلى الله عليه وسلم أياما، وبث السرايا وفرق الجيوش، فلم يصب منهم أحدًا، ثم رجع إلى المدينة، وعاهد في تلك الغزوة عيينة بن حصن على الأمان، وكان عيينة رجل له هيبة ونفوذ وحين يغضب فإن بإمرته عشرة آلاف مقاتل، ولكنه أسلم وارتد لاحقا.
هرب المقاتلون بقبيلة قضاعة المشركة، وأسلم عيينة بن حصن.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتمل منهج المبادأة لكسر هيبة ونفوذ الأعداء، وقد خرج لملاقاتهم على مسابقة تبعد ١٥ ليلة عن المدينة المنورة، لوقف شرهم مبكرًا، كما أنه استطاع إيصال الدعوة لحدود الشام، وأن يمهد لقواته السير للجهات النائية البعيدة التي لم يعهدوها من قبل، وكانت باكورة فتوحاتهم الإسلامية بآسيا وغيرها من البقاع.
"المغازي" للواقدي ص 403، "السيرة النبوية" لابن هشام 2/209، "زاد المعاد" لابن القيم 2/112، "الرحيق المختوم" ص 300