ولما أشرف الرسول صلى الله عليه وسلم على قباء (جنوب المدينة)، كان المسلمون في انتظاره رجالا ونساء وصبيانًا يتحينون مقدمه صلى الله عليه وسلم بشوق كبير، وكانوا قد سمعوا بمخرجه صلى الله عليه وسلم من مكة، فكانوا كل يوم ينتظرونه يرقبون مقدمه صلى الله عليه وسلم حتى يردهم حر الظهيرة.
وذات يوم رجعوا بعدما أطالوا انتظارهم، فما أن رجعوا إلى بيوتهم حتى أعلن رجل يهودي كان قد صعد مكانا مرتفعًا لينظر منه، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه وعليهم ثياب بيض، فما ملك اليهودى نفسه حتى قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون.
حتى وصل النبي صلى الله عليه وسلم قباء (جنوب المدينة) يوم الاثنين الثامن من ربيع الأول على رأس ثلاث عشرة سنة من بعثته [رحمة للعالمين].
فخرج أهل قباء لتحية النبي صلى الله عليه وسلم، فرحين بقدومه عليهم، واستقبلوه استقبالاً طيبًا يليق بمقام النبوة، وقد التفوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم والسكينة تغشاه صلى الله عليه وسلم.
وأتم الله نعمته على نبيه وعلى عباده المؤمنين بتلك الهجرة المباركة، التي كانت -وما تزال- نورًا يضيء في تاريخ الإسلام، تجلت فيه قدرة الله ومشيئته، وتجلى فيه تخطيط وعزم وتصميم ومثابرة رسوله صلى الله عليه وسلم، والذي لو لم يكن له إلا هذه الهجرة المباركة وما كان فيها من الآيات، لكفى به شاهدا على أنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم.