وفى رمضان من هذه السنة قدم وفد ثقيف إلى المدينة ليصالحوا عن قومهم ويرجعوا إليهم بالأمان[السيرة النبوية، لابن كثير]، وذلك أن عروة بن مسعود الثقفي أتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، ورجع إلى قومه فدعاهم إلى الإسلام، فرموه بالنبل، فأصابه سهم فقتله، ثم إنهم رأوا أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب الذين أسلموا.
وكان وفد ثقيف مكونًا من ستة من كبار بني مالك والأحلاف، وعلى رأسهم جميعا عبد ياليل بن عمرو[السيرة النبوية لابن هشام]، فلما قدموا أخبر أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم، فأنزلهم الرسول صلى الله عليه وسلم فِي المسجد، وبنى لهم خِيَامًا لكي يسمعوا القرآن ويروا النّاس إذا صلّوا؛ لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ، حتى أسلموا، وَكَانَ بِلالٌ يَأْتِيهم بالفطور [تاريخ الإسلام، للذهبي]، ثم رجعوا إلى قومهم فكتموهم حقيقة إسلامهم، وخوفوهم بالحرب والقتال، وغير ذلك.
فأخذت ثقيفًا نخوة الجاهلية، فمكثوا يومين أو ثلاثة يريدون القتال، ثم ألقى الله في قلوبهم الرعب وقالوا للوفد: ارجعوا إليه فأعطوه ما سأل، فأظهر الوفد حقيقة الأمر، فأسلمت ثقيف[انظر: سيرة ابن هشام، والطبقات الكبرى، لابن سعد].