ثمّ أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى «1» ، ومنه إلى ما شاء الله من القرب والدنوّ، والسير في السموات، ومشاهدة الآيات، والاجتماع بالأنبياء:
ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (17) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى «2» [النجم: 17- 18] .
فكانت ضيافة كريمة من الله، وتسلية وجبرا للخاطر، وتعويضا عما لقيه في الطائف من الذلّة والهوان، والجفاء والنكران.
فلمّا أصبح غدا على قريش، فأخبرهم الخبر، فأنكروا ذلك، واستعظموه وكذّبوه، واستهزؤوا به، وأمّا أبو بكر فقال: والله لئن كان قاله لقد صدق، فما يعجبكم من ذلك؟ فو الله إنّه ليخبرني أنّ الخبر يأتيه من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار، فأصدقه، فهذا أبعد ممّا تعجبون منه «3» .
__________
(1) روى البيهقيّ عن ابن شهاب الزهري أنّ الإسراء كان في السنة التي قبل الهجرة، وروى الحاكم أن الإسراء كان قبل الهجرة لستة عشر شهرا، واختلفت الأقوال في الشهر الذي أسري به صلى الله عليه وسلم فيه، فقيل في ذي القعدة، وقيل في ربيع الأول، وقيل غير ذلك، والمشهور أن الإسراء كان في الليلة السابعة والعشرين من شهر رجب، وقد اختاره الحافظ ابن سرور المقدسي، وقد اتفقوا على أنها كانت بعد ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، (ملخّصا من كتاب «خاتم النبيين» للعلامة محمد أبو زهرة، ج 1، ص 596، الطبعة الأولى 1972 م) . وروي عن ابن سعد في المعراج أنه وقع ليلة السبت لسبع عشرة خلت من شهر رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا. عيون الأثر، ج 1، ص 146.
(2) انظر كتب الحديث والسيرة.
(3) سيرة ابن كثير: ج 2؛ ص 96، وسيرة ابن هشام: ج 1؛ ص 399-.