عقب فرض الحج على المسلمين، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالخروج إلى الحج وإقامته للناس، فخرج أبو بكر -رضي الله عنه- لذلك، ونزل في ذلك الوقت صدر سورة براءة (التوبة) بإعلان التبرؤ من المشركين، ونقض العهد الذي بين الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركين بألا يصد عن البيت أحد جاءه
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ليلحق بأبي بكر ومن معه في الموسم، وأمره بما ينادي بهم ويتلوا عليهم ما نزل في صدر سورة براءة (التوبة) وأذن بها في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى، فخرج علي بن أبي طالب راكبًا ناقة النبي صلى الله عليه وسلم العضباء، حتى أدرك أبا بكر بالطريق، فلما وصلوا منى أذن معنا علي في أهل منى يوم النحر: «لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» (رواه البخاري)، فنبذ علي إلى كل ذي عهد عهده بذلك الإعلان، وعهد إليهم ألا يحج بعد العام مشرك [انظر: الدرر في اختصار المغازي والسير، لابن عبد البر].
يقول أبو هريرة: «فأذن معنا علي يوم النحر في أهل منى ببراءة وأن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان» (رواه البخاري).
وكانت حجة أبي بكر هذه بمثابة التوطئة للحجة الكبرى وهي حجة الوداع، فقد أعلن في حجة أبي بكر أن عهد الأصنام قد انقضى، وأن مرحلة جديدة قد بدأت، وما على الناس إلا الاستجابة لشرع الله تعالى، فبعد هذا الإعلان الذي انتشر بين قبائل العرب في الجزيرة، أيقنت قبائل العرب أن عهد الوثنية قد انقضى، فأخذت تلك القبائل ترسل وفودها معلنة إسلامها ودخولها في دين الإسلام[انظر: قراءة سياسية للسيرة النبوية، لمحمد رواس قلعجي ص283، بتصرف].