وفي شهر شوال من هذه السنة أيضا، تزوج الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة -رضي الله عنها- وهي أولى زوجاته بعد وفاة السيدة خديجة -رضي الله عنها-.
تروي لنا عن ذلك السيدة عائشة -رضي الله عنها- فتقول: «لَمّا مَاتَتْ خَدِيجَةُ، جاءَتْ خوْلَةُ بنتُ حَكِيمٍ امْرَأَةُ عُثْمانَ بن مَظْعُونٍ قالَتْ: يا رَسُولَ الله أَلا تَزَوَّجُ؟» قالَ: «مَنْ؟» قالَتْ: «إِنْ شِئْتَ بِكْرًا، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا»، قالَ: «فَمَنْ الْبِكْرُ؟» قالَتْ: «ابْنَةُ أَحَبِّ خَلْقِ الله إِلَيْكَ، عائِشَة ابنة أبي بَكْرٍ»، قالَ: «وَمَنْ الثَّيِّبُ؟ » قالَتْ: «سَوْدَةُ بنت زَمْعَةَ، قَدْ آمَنَتْ بِكَ وَأتبَعَتْكَ عَلَى ما تَقُولُ»، قالَ: «فَاذْهبِي فاذْكُرِيهِما عَلَىَّ»... فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَى سَوْدةَ بنتِ زَمْعَةَ فَقالَتْ: «ماذا أَدْخَلَ الله عَلَيْكِ مِنْ الْخَيْرِ والْبَرَكَةِ!» قالَتْ: «وما ذاكَ؟» قالَتْ: «أَرْسَلَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَخْطُبُكِ عَلَيْهِ!» قالَتْ: «وَددْتُ، ادْخُلِي إلى أبي فاذْكُرِي ذَلكَ لَهُ، وَكانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَدْرَكَهُ السِّنُّ، قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ الْحَجِّ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَحَيَّتْهُ بِتَحِيَّةِ الْجاهِلِيَّةِ»، فَقالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» فَقالَتْ: «خَوْلَةُ بنتُ حَكِيمٍ»، قالَ: «فَما شَأْنُكِ؟» قالَتْ: «أَرْسَلَنِي مُحَمَّدُ بن عبد الله أَخْطُبُ عَلَيْهِ سَوْدَةَ»، فقالَ: «كُفْؤ كَرِيمٌ، ماذا تَقُولُ صاحِبَتُكِ؟» قالَتْ: «تُحِبُّ ذاكَ»، قالَ: «ادعُيها لِي، فَدَعَتُها»، قالَ: «أَيْ بنيَّةُ، إِنَّ هذِهِ تَزْعُمْ أَنَّ مُحَمَّدَ بن عبد الله بن عبد الْمُطَّلِبِ قَدْ أَرْسَلَ يَخْطُبُكِ، وَهُوَ كُفْؤ كَرِيمٌ، أَتُحِبِّينَ أَنْ أُزَوِّجَكِ بِهِ؟» قالَتْ: «نَعَمْ»، قالَ: «ادْعِيهِ لِي، فَجاءَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَزَوَّجَها إِيّاهُ» [مسند أحمد].