وقعت السرية في صفر سنة 7هـ، لطلب الأعراب الضاربين حول الجزيرة بصحراء نجد. [سيرة ابن هشام 2/340]
قادها أَبَانُ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بن أمية رضي الله عنه، والذي كان أحد أكابر قريش، وتأخر إسلامه لما بعد صلح الحديبية، وهو من أجار عثمان بن عفان رضي الله عنه خلال الصلح وأمكنه من توصيل رسالة النبي لقومه آمنًا.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أكثر من كل قائد عسكري أن إخلاء المدينة تمامًا بعد انقضاء الأشهر الحرم ليس من الحزم قطعًا، بينما الأعراب ضاربة حولها، تطلب غرة المسلمين للقيام بالنهب والسلب وأعمال القرصنة؛ ولذلك أرسل سرية إلى نجد لإرهاب الأعراب تحت قيادة أبان بن سعيد، بينما كان هو في طريقه إلى خيبر اليهود لفتحها. [الرحيق المختوم 1/347]
أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبان بن سعيد لإرهاب الأعراب خشية انفرادهم بالمدينة في غيبة المسلمين، وهم في طريقهم لغزو خيبر.
رجع أبان بن سعيد بعد قضاء ما كان واجبًا عليه، فوجد أن النبي قد افتتح خيبر. [البخاري، باب غزة خيبر، 2/608]
وفي رواية صحيحة، أن خلافًا جرى في قسمة غنائم غزوة خيبر ممن شارك بتلك السرية ، حيث أن تزامن وقت رجوع أبان بن سعيد مع افتتاح النبي لخيبر فظن ابن سعيد بأحقيته في غنائم خيبر ولما اعترض أبو هريرة؛ رد ابنُ سعيدِ بنِ العاصِ : تنعي عليَّ عليَّ قتلَ رجلٍ مسلمٍ، أكرَمَه اللهُ على يَدَيَّ، ولم يُهِنِّي على يَدَيْهِ . :[رواه البخاري: 2827]
وكان "ابن قوقل" وهو أحد المسلمين قتله أبان بن سعيد وقت كان مشركًا في غزوة بدر، قبل أن يسلم، وبحسب كتب المغازي فإن النبي بالفعل لم يثبت في تلك الواقعة سهمًا لابان. [فتح الباري : 3996]
نتائج سرية أبان بن سعيد:
حققَّت غرضها بكسر شوكة الأعراب وحجبهم عن التفكير في غزو المدينة في غيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- كان رسول الله على دراية بأحوال جنوده، وقد اعتمد على صحابي شديد العداء له وللإسلام قبل أشهر فقط من السرية، وقد منَّ الله عليه وهدى قلبه بعد صلح الحديبية بعد أن التقى راهبًا في طريقه يخبره بنبوة محمد، فوقع في قلبه ذلك. [الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، بتصرف]
- أهمية تأمين الأهل والأوطان قبل الخروج للجهاد والحروب، وهو من مباديء القيادة العسكرية للنبي.
-تواصل جهاد الصحابة ورسول الله بلا كلل لإعلاء كلمة الله، فقد كانت الأعوام السابقة لفتح مكة تشهد سرايا وغزوات بكثافة لنشر الدعوة وإرهاب أعدائها، بالكلمة والسلاح معاً.