وقعت السرية في شعبان لعام 7 هجريًا، وذلك على مقربة من قرية بينها وبين المدينة ستة أميال تسمى "فَدَكَ".
قاد السرية الصحابي بشير بن سعد رضي الله عنه، في ثلاثين رجلا من أصحابه، متوجهين لبني مرة.
كان بنو مرة من القبائل العربية المتواطئة ضد دعوة الإسلام ونبي الله، وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بعوثه في هذا العام لردع الأعراب عمومًا.
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشير بن سعد رضي الله عنه، إلى بني مرة بفدك، فخرج فلقي شاء [الماعز والضأن والبقر ونحوه]، وسأل عن القوم الذين يطلبهم، فقيل في بواديهم، فاستاق النعم والشاء، وانحدر إلى المدينة.
وقد نادى منادِ فيهم يخبرهم بما جرى، فاجتمع عدد كبير عند الليل، وباتوا يتراشقون بالنبل مع المسلمين، وقد فني نبل أصحاب بشير المسلمين، واستمر التراشق حتى الصباح.
أجهز رجال بني مرة على بشير وأصحابه، فقتلوا منهم من قتلوا، وولى من ولى منهم، وقاتل بشير قتالًا شديدا حتى ارتث (جُرح وصار ما به رمق)، وضربت كعبه اختبارًا لحياته فلم يتحرك، فقيل مات، فرجعوا بنعمهم وشياههم. [السيرة الحلبية، 1009]
ظل بشير رضي الله تعالى بين القتلى لا يبدي حراكًا، ولما انصرف القوم، تحامل على قدمه حتى انتهى إلى فدك، وقيل أنه أقام عند رجل يهودي أيامًا حتى قوي على المشي، وجاء إلى المدينة.
وقد بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لبنى مرة هؤلاء غالب بن عبد الله ليقتص للذين قتلوهم من المؤمنين، وليفلوا شوكتهم. [خاتم النبيين، أبوزهرة، 561]
حدث قتال، واستشهد عدد من المسلمين، وكاد بشير بن سعد أن يُقتل، وعاد بني مرة بما أخذه المسلمون من نعمهم وشياههم.
شجاعة القائد المسلم ومثابرته في قتال المشركين، حتى أنه كاد يقتل لولا إرادة الله.
ككل بعوث النبي في تلك المرحلة، يستفاد قيمة مجاهدة الأعداء بمنطق المبادأة لا مجرد الدفع.