وقعت في رمضان لعام ثماني (8) هـ، وذلك عند صنم في نخلة شرق مكة بين الطائف ومنطقة هذيل. [ابن سعد 2/145]
قادها الصحابي خالد بن الوليد رضي الله عنه، في 30 من المسلمين.
تخليص الجزيرة من عبادة الأصنام من دون الله الواحد، وبينها هذا الصنم الذي يمنحونه قداسة كبرى في قريش ويجعلون له سدنة ويطوفون حوله.
بعد أن فتح الله على المؤمنين ودخلوا الكعبة وهدموا أصنامها وازاحوا أوثانها، كان موعد تخليص مكة والجزيرة العربية من الوثنية والأصنام التي كان البشر يعبدونها من دون الله، ومنها صنم العُزي. [ابن سعد: سابق]
كان العُزَّى أكبر أصنام قريش وبني كنانة والتي كانوا يطوفون حولها كما يفعلون مع الكعبة!
وكانت ثقيف وقريش يعبدون ذلك الصنم، واسمه يعني الصنم الأعز، وهو أنثى، وكانوا يسمون بعض الأبناء "عبدالعزى".
وقد نزل فيه قول الله تعالى: {َأفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19،20] وكان بعض العرب يعتقد أن تلك الأصنام بنات الله فيعبدونها وحاشاه سبحانه.
وقد كان أبوسفيان يرفع العُزَّى شعارًا في غزوة أُحد حينما قال: "لنا العزي ولا عزي لكم"، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالرد عليه «الله مولانا ولا مولى لكم»[رواه البخاري: 4043]
لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، بعث خالد بن الوليد إلى نخلة شرقا يوجد عندها صنم العزي.(تراوحت الآراء بين كونه حجرا أبيضا أو عدة شجيرات أو بيتا بالطائف تعبده العرب في الجاهلية)
ولما وصل خالد إلى موقع الصنم، وجد ثلاث شجرات فقطعها، وهدم البيت الذي كان عليها، ظنا أنه انتهى منه.
رجع خالد بن الوليد رضي الله عنه، يخبر النبي بما فعل، وجاء أن النبي سأله: "ما رأيت؟" فأجابه، فرد عليه: "ارجع فإنك لم تصنع شيئا" [سنن البيهقي: 6/474]
لما دخل خالد موقع الصنم، شاهده سدنة الصنم (حجابه)، وكانوا من بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم، فتوغلوا في الجبل، وقال كبير الحجبة يحرض امرأة الصنم على القتال:
أيا عز شدي شدة لا شوى لها & على خالد ألقي القناع وشمري
أيا عز إن لم تقتلي المرء خالدا & فبوئي بإثم عاجل أو تنصَّري
وقد خرجت إلى خالد من ذلك البيت موقع الصنم امرأة سوداء شبه عارية ناشرة شعرها تولول، فعلاها بالسيف وقتلها، وجعل يقول:
يا عُزَّى كفرانك لا سبحانك & إني رأيت الله قد أهانك
ثم خرّب ابن الوليد ذلك البيت الذي كانت فيه، وأخذ ما كان فيه من الأموال، ثم رجع فأخبر رسول الله، وجاء أنه رد عليه: " تلك العُزّى، ولا عُزّى بعدها للعرب، أما إنها لن تُعبد بعد اليوم"[البداية والنهاية، ابن كثير، 3/597]
محو أعظم أصنام العرب العزي بقتل المرأة التي تسكنه وهدم البيت والشجرات حوله.
-عز الإنسان في عبادته لله، وقد رأينا مدى التردي في عبادة أحجار انخدع العرب فيها، ومخاطبة السدنة لامراة عارية سوداء تمثل لهم هذا الصنم العزي، وهي التي قتلها خالد بن الوليد!
-الله يمكن عباده المؤمنين، ولو بعد حين، ولا يكون ذلك بغير إيمان وجهاد متواصل وأخذ بالأسباب ويقين بقدرة الله؛ وقد هاجر المؤمنون من مكة وعادوا إليها فاتحين بعد سلسلة مغاز وسرايا سطروها بدمائهم، ثم عادوا لهدم الأوثان التي عبدها العرب من دون الله.