"ثم سرية أبي قتادة" الحارث، ويقال عمرو أو النعمان "ابن ربعي" بكسر الراء، وسكون الموحدة، بعدها مهملة "الأنصاري" السلمي، بفتحتين، المدني شهد أحدًا وما بعدها، ولم يصح شهوده بدرا مات سنة أربع وخمسين على الأصح الأشهر، "إلى خضرة" ضبطه الشامي، بفتح الخاء، وكسر الضاد، المعجمتين مخالفا قول البرهان، بضم الخاء، وإسكان المعجمة، هذا الظاهر، ثم راء، ثم تاء تأنيث، "وهي أرض محارب بنجد" أشار إلى أنه لا تنافي بين من ترجمها كالبخاري، بقوله السرية التي قبل نجد، وبين من قال سرية محارب؛ لأن الأرض نجد، والمقصودين بالسرية من أهلها محارب، "في شعبان سنة ثمان" عند ابن سعد، وذكر غيره: أنها قبل مؤتة، وهي في جمادى كما مر، وقيل: كانت في رمضان، ذكره الحافظ، "وبعث معه خمسة عشر رجلا إلى غطفان" بأرض محارب.
قال ابن سعد: وأمره أن يشن عليهم الغارة، فسار الليل وكمن النهار، فهجم على حاضر منهم عظيم، فأحاط به، فصرخ رجل منهم يا خضرة، وقاتل منهم رجال، "فقتل من أشرف" ظهر "منهم وسبى سبيا كثيرا واستاق النعم، فكانت الإبل مائتي بعير والغنم ألفي شاة" زاد ابن سعد وشيخه، وجمعوا الغنائم فأخرجوا الخمس فعزلوه، فأصاب كل رجل اثنا عشر بعيرا فعدل البعير بعشر من الغنم، ونفلنا أميرنا بعيرا بعيرا ثم قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسم علينا غنيمتنا، وروى الشيخان وغيرهما، عن ابن عمر بعث صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد، فكنت فيها فغنموا إبلا كثيرة وغنما، فكانت سهامنا اثني عشر بعيرا، ونفلنا بعيرا بعيرا، فرجعنا بثلاثة عشر بعيرا، قال في الفتح: اختلف الرواة في القسم والتنفيل هل كانا جميعا من أمير ذلك الجيش، أو من النبي صلى الله عليه وسلم، أو أحدهما من أحدهما؟ فرواية أبي داود صريحة، أن التنفيل من الأمير والقسم منه، صلى الله عليه وسلم ولفظه فخرجت فيها فأصبنا نعما كثيرا وأعطانا أميرنا بعيرا لكل إنسان ثم قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فقسم بيننا غنيمتنا، فأصاب كل رجل اثني عشر بعيرا بعد الخمس، وظاهر رواية مسلم، أن ذلك صدر من الأمير، وأنه صلى الله عليه وسلم كان مقررا له، ومجيزا لأنه قال فيه ولم يغيره النبي صلى الله عليه وسلم، ولمسلم أيضا،
وكان غيبته خمس عشرة ليلة.
__________
في رواية ونفل صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا وهذا يمكن حمله على التقرير، فتجتمع الروايات، قال النووي: معناه أن أمير السرية نفلهم فأجازه، صلى الله عليه وسلم, فجازت نسبته لكل منهما، والنفل زيادة يزادها الغازي على نصيبه من الغنيمة، ومنه نفل الصلاة، وهو ما عدا الفريضة. انتهى.
"وكانت غيبته خمس عشرة ليلة"، قال ابن سعد وشيخه: وكان في السبي، وهو أربع نسوة، وأطفال وجوار جارية وضيئة كأنها ظبي، وقعت في سهم أبي قتادة، فجاء محمية بن جزء الزبيدي، فقال: يا رسول الله! إن أبا قتادة قد أصاب في وجهه هذا جارية وضيئة وقد كنت وعدتني جارية، فأرسل صلى الله عليه وسلم إلى أبي قتادة، فقال: هب لي الجارية فوهبها له، فدفعها إلى محمية، بفتح الميم وسكون المهملة، وكسر الميم الثانية، وتخفيف التحتية المفتوحة ابن جزء بفتح الجيم، وسكون الزاي، بعدها همزة الزبيدي، بضم الزاي. انتهى.
"سريته أيضا إلى إضم":
ثم سرية أبي قتادة أيضا إلى بطن إضم -فيما بين ذي خشب وذي المروة- على ثلاثة برد من المدينة، في أول شهر رمضان سنة ثمان.
وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما هم أن يغزو أهل مكة، بعث أبا قتادة في ثمانية نفر، سرية إلى بطن إضم، ليظن ظان أنه صلى الله عليه وسلم توجه إلى تلك الناحية.
__________