ثم بعث سرية عبد الله بن أنيس الى سفيان بن خالد بن نبيح الهزلي بعرنة، وكان خروجه من المدينة يوم الإثنين لخمس ليال خلون من المحرم، على رأس خمسة وثلاثين شهرا من مهاجره، وذلك لأنه بلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن سفيان بن خالد الهزلي ثم اللحياني، وكان ينزل (عرنة) وما والاها في ناس من قومه وغيرهم، قد جمع الجموع لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فبعث عليه الصلاة والسلام عبد الله بن أنيس ليقتله، فقال: صفه
لي يا رسول الله، قال: إذا رأيته هبته، وفرقت منه وذكرت الشيطان. قال: وكنت لا أهاب الرجال، واستأذنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أقول: فأذن لي فأخذت سيفي وخرجت أعتزي لخزاعة حتى إذا كنت ببطن عرنة لقيته يمشي ووراءه الأحابيش، ومن انضوى إليه فعرفته بنعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهبته فرأيته فرأيتني أقطر فقلت صدق الله ورسوله، فقال: من الرجل؟ فقلت: رجل من خزاعة، سمعت بجمعك لمحمد فجئت لأكون معك قال: أجل إني لأجمع له، فمشيت معه، وحدثته، واستحلى حديثي، حتى انتهى إلى خبائه وتفرق عنه أصحابه، حتى إذا هدأ الناس وناموا اغتررته فقتلته، وأخذت رأسه، ثم دخلت غارا في الجبل، وضربت العنكبوت عليّ، وجاء الطلب فلم يجدوا شيئا فانصرفوا راجعين.
ثم خرجت فكنت أسير الليل، وأتوارى بالنهار حتى قدمت المدينة، فوجدت رسول الله صلّى الله عليه وسلم في المسجد فلما رآني قال: أفلح الوجه، قلت: أفلح وجهك يا رسول الله، فوضعت رأسه بين يديه، وأخبرته خبري، فدفع إليّ عصا وقال: تحضر بهذه في الجنة، فكانت عنده، فلما حضرته الوفاة أوصى أهله أن يدرجوها في كفنه ففعلوا.
وكانت غيبته ثمان عشرة ليلة، وقدم يوم السبت لسبع بقين من المحرم.