جرى ذلك في رمضان لعام ثمانية (8هـ)، وكان صنما منصوبا بأرض يقال لها رهاط من أرض ينبع، وجاء أن القرية تبعد عن مكة ثلاثة أميال. [الأصنام، ابن الكلبي، 6/103].
قادها الصحابي عمرو بن العاص رضي الله عنه، في عدد من أصحابه، وكان عمرو آنذاك حديث عهد بالإسلام ولكنه أثبت كفاءة قتالية كبرى فولاه النبي العديد من السرايا.
إزالة آثار الأوثان التي عبدتها القبائل العربية من دون الله قبل فتح مكة المبين.
بعد ان من الله على عباده المؤمنين بفتح مكة وتحطيم أوثان الكعبة، ثم بعث رسول الله السرايا لكسر الأصنام التي حول مكة لأنهم كانوا اتخذوا لهم أصناما جعلوا لها بيوتا يعظمونها ويهدون لها ويطوفون بها كما يطوفون بالكعبة، فكان في كل حيّ صنم فمنها: "العزى ومناة وسواع وبوانة وذو الكفين".[محمد رسول الله، رشيد رضا]
كانت أصنام ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا، قد اتخذها قوم نوح للعبادة من دون الله، بعد أن غواهم الشيطان؛ ويروي ابن عباس رضي الله عنه أن وُدٌ (الصنم): كانتْ لكلبٍ بدَومَةِ الجندَلِ، وأما سُواعٌ : كانتْ لهُذَيلٍ (أي قبيلة هذيل)، وأما يَغوثُ : فكانتْ لمُرادٍ، ثم لبني غُطَيفٍ بالجَوفِ عِندَ سبَأ، وأما يَعوقُ : فكانتْ لهَمدانَ، وأما نَسرٌ : فكانتْ لحِميَرَ، لآلِ ذي الكُلاعِ، أسماءَ رجالٍ صالحينَ من قومِ نوحٍ، فلما هلَكوا أوحى الشيطانُ إلى قومِهم : أنِ انصِبوا إلى مجالِسِهمُ التي كانوا يَجلِسونَ أنصابًا وسمُّوها بأسمائِهم، ففَعلوا، فلم تُعبَدْ، حتى إذا هلَك أولئك، وتنَسَّخَ العلمُ عُبِدَتْ . [رواه البخاري: 4920]
قال الله تعالى مخبراً عن حال قوم نوح: {وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23]
وجاء أن عمرو بن لحي أول من نبش عن تلك التماثيل ودعا العرب لعبادتها، وأعطاها لقبائل مختلفة ليعبدونها، فكان سواع من نصيب قبيلة هذيل، وقد بنوا لها معبدا، وقيل أن الحارث بن تميم أول من اتخذ سواعا للعبادة، وأن بني كنانة ومزينة وعدوان عبدوها مع هذيل أيضا، أما سدنتها فهم بنو صاهلة من هذيل وفي رواية أنهم آل ذي الكلاع. [ابن الكلبي، سابق]
وكان من مظاهر عبادة سواع قول الشاعر:
تراهم حول قيلهم عكوفا & كما عكفت هذيل على سواع
يظل جنابه برهاط صرعى & عتائر من ذخائر كل راع [تاريخ العرب في الجاهلية، سيد عبدالعزيز، 467]
وجاء أن أحد الرجال قد رأى الثعالب تبول فوق تمثال سواع، فأنشد يدعو قومه لنبذ عبادته قائلا:
أرب يبول الثعلبان برأسه ؟ لقد ذل من بالت عليه الثعالب
ثم قال: "يا معشر سليم، لا والله هذا الصنم لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع" فهجر عبادته ولحق بالنبي محمد في عام الفتح وقيل أنه حاول تحطيم الصنم، فسأله النبي عن اسمه فقال: "غاوي بن ظالم" فقال: "بل أنت راشد بن عبد ربه".[الإصابة في تمييز الصحابة، 2/361]
أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عمرو بن العاص لهدم سواع أعظم أصنام هذيل.
ولما جاء عمرو رضي الله عنه إلى الصنم، وجد خادمه يسعى لتوقيفه قائلا أن الصنم سيمنعه من هدمه، فقال له عمرو: "حتى الآن أنت في الباطل، ويحك! هل يسمع أو يبصر؟!" ودنا منه فكسره، وأمر أصحابه فهدموا بيت خزانته، وهنا قال السادن : أسلمت لله . [ابن سعد 2/146]
هدم عمرو بن العاص الصنم الذي عبدته هذيل.
-الإسلام دين التوحيد الذي أزاح أوثان الجاهلية، وقد عكفت العرب عليها قرونا تعبدها .
-قيادة النبي الحكيمة وتدريبه للصحابة على تحمل المسئوليات الكبرى ومنها هدم الأصنام.
-نصر الإسلام بالرعب في قلوب اعدائه، فلم تستطع هذيل على بطشها أن تقف بوجه عدد قليل من المؤمنين يهدمون صنمهم.