وفى هذه السنة فى زمان مرضه عليه السلام جاء الخبر بظهور الاسود العنسى ومسيلمة الكذاب وكانا يستغويان أهل بلادهما قبل الا انه لم يظهر أمرهما الا فى زمان مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله قد لحقه مرض بعيد عوده من الحج ثم عوفى ثم عاد فمرض مرض الموت* وقال ابو مويهبة لما رجع رسول الله عليه السلام طارت الاخبار بأنه قد اشتكى فوثب الاسود باليمن ومسيلمة باليمامة فجاء الخبر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مرضه* قال بعض أصحاب السير وذلك بعد ما ضرب على الناس بعث أسامة* وروى عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عاصبا رأسه من الصداع وقال انى رأيت البارحة فيما يرى النائم ان فى عضدىّ سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا فوقع أحدهما باليمامة والاخر باليمن قيل ما أوّلتهما يا رسول الله قال فاوّلتهما هذين الكذابين صاحب اليمامة وصاحب اليمن يخرجان من بعدى* وفى الاكتفاء قال ابن اسحاق وقد كان تكلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذابان مسيلمة بن حبيب الحنفى باليمامة فى بنى حنيفة والاسود بن كعب العنسى بصنعاء* وذكر باسناد له عن أبى سعيد الخدرى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب على منبره وهو يقول أيها الناس انى قد رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها ورأيت فى ذراعىّ سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا فأوّلتهما هذين الكذابين صاحب اليمن وصاحب اليمامة* وعن أبى هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالا كلهم يدعى النبوّة* وفى معالم التنزيل قد ارتدّ فى حياة النبىّ صلى الله عليه وسلم ثلاث فرق* الفرقة الاولى بنو مذحج ورئيسهم الاسود العنسى* فى القاموس العنس لقب زيد بن مالك بن أدد أبو قبيلة من اليمن ومخلاف بها مضاف اليه واسم الاسود عبهلة بن كعب العنسى ويقال له ذو الخمار بخاء معجمة لانه كان يغطى وجهه
بخمار ويقال ان ذا الخمار اسم شيطانه* وفى المنتقى وكان يقال له ذو الحمار بالحاء المهملة لقب بذلك لانه كان يقول يأتينى ذو حمار* وفى تفسير الكورانى لانه كان له حمار اذا قال له قف وقف قد ادّعى النبوّة باليمن فى عهد النبىّ صلى الله عليه وسلم فاتبع على ذلك وكان كاهنا مشعبذا يرى الناس الاعاجيب ويسبى منطقه قلب من سمعه وكان يزعم ان ملكين يكلمانه اسم أحدهما شهيق والاخر شريق* وفى روضة الاحباب وكان له شيطانان اسم أحدهما سحيق والاخر شقيق وكانا يخبر انه بالامور الحادثة بين الناس فلما مات باذان الفارسى عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم بصنعاء اليمن أخبراه بموته فسار اليها واستولى عليها وكان أوّل خروجه بعد حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ومن أوّل خروجه الى أن قتل أربعة أشهر فخرج مع قومه وغلب على اليمن فكتب فروة ابن مسيك عامل رسول الله على مراد بخبره الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج معاذ بن جبل هاربا حتى مرّ بأبى موسى الاشعرى وهو بمأرب فاقتحما حضرموت ورجع عمرو بن خالد الى المدينة فغلب أمر الاسود وجعل أمره يستطير استطارة الحريق* وفى الاكتفاء فتزوّج المرزبانة امرأة باذان الفارسى وكانت من عظماء فارس وقسرها على ذلك فأبغضته أشدّ البغض* وفى المنتقى قتل شهر ابن باذان وتزوّج امرأته وكانت بنت عمّ فيروز الديلمى فكتب رسول الله الى معاذ بن جبل ومن معه من المسلمين وأمرهم أن يحثوا الناس على التمسك بدينهم وعلى النهوض الى حرب الاسود فقتله فيروز الديلمى على فراشه كما سيجئ وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا الى نفر من الابناء وكتب اليهم أن يحاولوا الاسودا ما غيلة واما مصادمة وأمرهم أن يستمدّوا رجالا سماهم لهم ممن حولهم من حمير وهمدان وأرسل الى أولئك الرجال أن يمدّوهم فدخلوا على زوجته فقالوا هذا قتل أباك وزوجك فما عندك قالت هو أبغض الناس الىّ وهو مجرّد والحرس محيطون بقصره الا هذا البيت فانقبوا عليه فنقبوا عليه البيت ودخل فيروز الديلمى ورجل آخر يقال له دادويه فقتله فيروز فخار كأشدّ خوار الثور فابتدر الحرس الى الباب فقالوا ما هذا الصوت قالت المرأة النبىّ يوحى اليه فاليكم ثم خمد وقد كان يجىء شيطانه فيوسوس اليه فيغط فيعمل بما قال له* فلما طلع الفجر نادى المسلمون بشعارهم الذى بينهم ثم بالاذان وقالوا فيه وأشهد أنّ محمدا رسول الله وأنّ عبهلة كذاب وأغار واو تراجع أصحاب رسول الله الى أعمالهم وكتبوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر فسبق خبر السماء اليه* وعن ابن عمر أتى الخبر النبىّ صلى الله عليه وسلم من السماء الليلة التى قتل فيها الاسود فخرج رسول الله قبل موته بيوم فأخبر الناس بذلك فقال قتل الاسود البارحة قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين قيل ومن هو يا رسول الله قال فيروز فاز فيروز فبشر النبىّ صلى الله عليه وسلم بهلاك الاسود وقبض من الغد فأتى خبر مقتل العنسى المدينة بعد وفاة رسول الله فى خلافة أبى بكر فى آخر شهر ربيع الاوّل بعد مخرج أسامة بن زيد الى أبنى* وكان ذلك أوّل فتح جاء أبا بكر وفى الاكتفاء سمعت بخروج الاسود بنو الحارث بن كعب من أهل نجران وهم يومئذ مسلمون فأرسلوا اليه يدعونه أن يأتيهم فى بلادهم فجاءهم فاتبعوه وارتدّوا عن الاسلام ويقال دحلها يوم دخلها فى آلاف من حمير يدعى النبوّة ويشهدون له بها فنزل غمدان فلم يتبعه من النخع ولا من جعفى أحد وتبعه ناس من مذحج وعنس وبنى الحارث وأود ومسلية وحكم وأقام الاسود بنجران يسيرا ثم رأى أنّ صنعاء خير له من نجران فسار اليها فى ستمائة راكب من بنى الحارث فنزل صنعاء فأبت الابناء أن يصدّقوه فغلب على صنعاء واستذلّ الابناء بها وقهرهم وأساء جوارهم لتكذيبهم اياه