(ثم غزا- عليه السلام- غزوة الغابة «1» ) ، وهو واد قريب من المدينة؛ وذلك أنه- عليه السلام- لما انصرف من غزوة «بني لحيان» لم يقم بالمدينة إلا ليالي قلائل، حتى أغار «عيينة بن حصن الفزاري» في خيل من غطفان على لقاحه- عليه السلام- وفيه رجل من «غفار» و «امرأة» له «2» ؛ فقتلوا الرجل، واحتملوا المرأة؛ فكان أول
__________
- (تلقيح فهوم أهل الأثر) للإمام ابن الجوزي ص 60. - (الكامل في التاريخ) للإمام ابن الأثير 2/ 78. - (زاد المعاد) للإمام ابن القيم بحاشية (المواهب اللدنية) 2/ 153. - (عيون الأثر) لابن سيد الناس 2/ 68.
(1) غزوة الغابة، هي «غزوة ذي قرد» ذكر ذلك ابن هشام في (السيرة النبوية) 4/ 3 وسماها ب «ذي قرد» الإمام ابن الأثير في كتابه (الكامل في التاريخ) 2/ 78. وانظر: (المواهب اللدنية مع شرحها) 2/ 148. وذكرها ابن فارس، بعد غزوة بني لحيان كابن إسحاق، وغيره كما في (السيرة النبوية) لابن هشام. وقال ابن الأثير في (الكامل) 2/ 78- ذكر غزوة ذى قرد-: « ... والرواية الصحيحة عن سلمة؛ أنها كانت بعد مقدمه المدينة منصرفا من «الحديبية» ، وبين الوقعتين تفاوت. قال سلمة بن الأكوع: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة، بعد صلح الحديبية، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم بظهره- أي: إبله- مع «رباح» غلامه صلى الله عليه وسلّم، وخرجت معه بفرس «طلحة بن عبيد الله» فلما أصبحنا؛ إذا «عبد الرحمن بن عيينة الفزاري» قد أغار على ظهر- إبل- رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فاستاقه أجمع، وقتل راعيه. قلت: يا رباح: هذه الفرس فأبلغها «طلحة» ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلّم؛ أن المشركين، قد أغاروا على سرحه، ثم استقبلت الأكمة، التل، فناديت ثلاث أصوات: خذها وأنا ابن الأكوع ... إلخ» . اه-: الكامل في التاريخ بتصرف. والصحيح أنها كانت قبل الحديبية، كما في الصحيحين: صحيح البخاري (المغازي) باب غزوة ذي قرد 7/ 460 رقم: 3873. صحيح مسلم كتاب (الجهاد والسير) باب غزوة ذى قرد 2/ 133- 115 رقم: 3371. وانظر: (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) لابن حجر كتاب (المغازي) 7/ 460- 463. وانظر: (السيرة النبوية) لابن هشام 4/ 3- 6. انظر: (زاد المعاد في هدى خير العباد) لابن القيم.
(2) و «امرأة الغفاري» هي امرأة أبي ذر، كما في (سبل الهدى والرشاد) للصالحي 5/ 103 تحت عنوان ذكر قدوم امرأة أبي ذر على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلّم حيث قال:
من نذر بهم «سلمة بن الأكوع الأسلمي» .
فأشرف إلى ناحية «سلع» ، ثم صرخ: وا صباحاه. ثلاثا، ثم خرج يشتد في أثرهم، وكان مثل السبع؛ حتى إذا لحق بالقوم فجعل يرميهم بالنبل ويقول:
خذها وأنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع
فما زال يتبعهم حتى استنقذ بعض اللقاح، واستلب منهم ثلاثين بردة أو أكثر، وثلاثين درقة، ولما بلغه- عليه السلام- صياح ابن الأكوع نادى مناديه بالمدينة:
«الفزع الفزع «1» » . فترامت الخيول إليه- عليه السلام-، فكان أول من/ انتهى إليه من الفرسان «المقداد بن عمرو «2» » ، ثم «عباد بن بشر «3» » ، وناس من
__________
- روى الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود: عن عمران بن حصين- رضي الله عنهما، فذكر الحديث وفيه «فكانت المرأة في الوثاق» ، وكان القوم يريحون نعمهم بين يدى بيوتهم، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق، فأتت الإبل فجعلت إذا دنت من البعير رغا فتتركه حتى انتهت إلى «العضباء» فلم ترغ، قال: وهي ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فقعدت على عجزها، ثم زجرتها فانطلقت وقد رأوها فطلبوها فأعجزتهما، قال: ونذرت إن نجاها الله- عز وجل- لتنحرنها فلما قدمت المدينة رآها الناس فقالوا: «العضباء» ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلّم؛ فقالت: إنها نذرت إن نجاها الله لتنحرنها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فذكروا ذلك له فقال: «سبحان الله بئس ما جزيتها نذرت إن نجاها الله لتنحرها، لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك ابن آدم» . زاد ابن إسحاق من مرسل الحسن «إنما هي ناقة من إبلي، ارجعي إلى أهلك» اه-: سبل الهدى والرشاد. وانظر: (السيرة النبوية) لابن هشام 4/ 4. واسم «المرأة» «ليلى» كما في السنن للإمام أبي داود، ذكر صاحب المواهب 2/ 149 والرجل الذي قتلوه هو «ابن أبي ذر» كما في المواهب 2/ 149.
(1) حول شعار الفزع ... انظر (السيرة النبوية) لابن هشام 4/ 17- غزوة ذي قرد-.
(2) عن «المقداد بن عمرو» قال ابن هشام في (السيرة النبوية) 4/ 17: «المقداد بن عمرو ... » «هو أول فارس وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ثم جاء بعده عباد بن بشر ... » اه-: السيرة النبوية.
(3) من هؤلاء الصحابة الذين جاؤا رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: أ- «سعد بن زيد» أحد بني كعب بن عبد الأشهل. «أسد بن ظهير» أخو بني حارثة بن الحارث- يشك فيه-.
الصحابة «1» فعقد لهم- عليه السلام- لواء للمقداد في رمحه «2» ، وأمر عليهم «سعد بن زيد الأنصاري» - رضي الله عنه- ثم قال: «امضوا فأنا على أثركم «3» » . فأدركوا العدو أواخر حياته، فقتلوا منهم ثلاثة «4» » وقتل من المسلمين رجل واحد: - محرز بن نضلة الأسدي- رضي الله عنه- واستنقذوا بعض اللقاح، وسار- عليه السلام- حتى نزل ب «ذي قرد» ، وتلاحق به الناس، فأقام- عليه السلام- يوما وليلة، ثم رجع إلى المدينة يوم الاثنين، وقد غاب خمس ليال «5» .
__________
- «عكاشة بن محصن» . «أبو قتادة الحارث بن ربعي» . «أبو عياش ... » أخو بني زريق ... فلما اجتمعوا أمر عليهم «سعد بن معاذ» اه-: السيرة النبوية. وانظر: (المواهب اللدنية مع شرحها) 2/ 150.
(1) حول عقد اللواء في رمح «المقداد ... » قال القسطلاني في (المواهب) 2/ 150: « ... وكان أول من أقبل إليه، وعليه الدرع، والمغفر شاهرا سيفه، فعقد له لواء في رمحه، وقال له: امض حتى تلحقك الخيول وأنا على أثرك ... » اه-: المواهب. وانظر: (زاد المعاد ... ) لابن القيم 4/ 154.
(2) انظر التعليق السابق رقم: 4.
(3) حول «امضوا ... إلخ» . انظر: (زاد المعاد) لابن القيم 4/ 154.
(4) الثلاثة الذين قتلهم المسلمون هم: 2- «مسعدة بن حكمة الفزاري» رئيس المشركين، قتله «أبو قتادة الحارث بن ربعي» قتله وسجاه- غطاه- ببرده، فاسترجع الناس، وقالوا: قتل أبو قتادة، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «ليس بأبي قتادة؛ ولكنه قتيله وضع عليه برده؛ لتعرفوه؛ فتخلوا عن قتله وسلبه» كذا قاله: «ابن عقبة» وعند ابن إسحاق وغيره، أن قتيل أبي قتادة «حبيب بن عيينة» قال الحافظ: فيحتمل أن له اسمين ... » . 3- وقتل «عكاشة بن محصن» أبان بن عمرو «وابنه «عمرا» - هو الثالث- على بعير فانتظمها بالرمح، فقتلهما جميعا، واستنفذ بعض اللقاح ... إلخ» اه-: المواهب اللدنية 2/ 150.
(5) حول الغزوة انظر: المصادر والمراجع الاتية: 1- (سيرة ابن إسحاق) المختصر من (السيرة النبوية) لابن هشام إعداد محمد الزعبي ص 182- 184. 2- (مغازي الواقدي) للإمام الواقدي- غزوة الغابة- 2/ 537- 549. 3- (تاريخ الطبري) للإمام محمد بن جرير الطبري- غزوة ذي قرد- 2/ 596- 604. 4- (الدرر ... ) للإمام ابن عبد البر- غزوة ذي قرد- ص 198.
[عمرة الحديبية*]
(ثم اعتمر- عليه السلام- عمرة) وسماها البخاري**: «غزوة الحديبية» ، وهي بئر سمي المكان بها. وقيل: شجرة حدباء كانت هنالك، وذلك «في سنة ست» مستهل ذي القعدة يوم الاثنين، لا يريد حربا، فسار- عليه
__________
- 5- (الثقات) للإمام ابن حبان 2/ 306- 321. 6- (الإشارة) للحافظ مغلطاي- غزوة الغابة- ص 58. 7- (فتح الباري شرح صحيح البخاري) للإمام ابن حجر 7/ 460. 8- (عيون الأثر ... ) لابن سيد الناس 2/ 69- 74. 9- (الرحيق المختوم) لصديقى الشيخ صفي الرحمن المباركفوري- غزوة قرد- ص 362- 363.
(*) و «الحديبية» بضم الحاء وفتح الدال، وياء ساكنة، وياء موحدة، وياء مشددة، أو ياء غير مشددة،: لغتان وأنكر كثير من أهل اللغة تخفيف إلى ياء. وقال: أبو عبيد البكري: أهل العراق يثقلون الياء، وأهل الحجاز يخففونها. وهي بئر سمي المكان بها. وقيل: شجرة. وقال: المحب الطبري قرية ليست كبيرة على مرحلة ... وفى المصباح: دون مرحلة- المرحلة أربعون كيلا- وتعرف الان بقرية قريبة من «الشميسى» في طريق «جدة» اه-: المواهب مع شرحها 2/ 179 بتصرف.
(**) قوله: «وسماها البخاري غزوة» ذكر ذلك في كتابه صحيح البخاري (المغازي) 7/ 517 حديث رقم: 4273 بلفظ: عن سلمة بن الأكوع قال: غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلّم سبع غزوات، فذكر «خيبر» و «الحديبية» وسماها أيضا «عمرة» في رواية «أبي ذر» عند الكشمهيني كما في كتاب (المغازي) 7/ 439. سبب غزوة- عمرة- الحديبية: قال الإمام الواقدي في (المغازي) 2/ 572: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد رأى في النوم أنه دخل البيت وحلق رأسه، وأخذ مفتاح البيت، وعرف مع المعرّفين فاستنفر أصحابه إلى العمرة؛ فأسرعوا وتهيئوا للخروج ... إلخ» اه-: مغازي الواقدي. وللأستاذ محمد عفيف الزعبي- معدّ مختصر للسيرة النبوية لابن هشام- سيرة ابن إسحاق في حاشية ص 195- رأى في سبب الغزوة ذكره فتقول: «بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن تحالفا عقد بين قريش- جنوب المدينة- واليهود في «خيبر» شمال المدينة- الغاية منه جعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم في المدينة بين طرفي الكماشة، ولم يكن عنده من القوة ما يستطيع أن يكسر به هذا الحصار عسكريا؛ ولذلك فكر بكسره سلميا- دبلوماسيا- فاستنفر الناس لزيارة الكعبة في مكة. وهناك استطاع أن يعقد «صلح الحديبية» مع قريش؛ وبذلك تم له ما أراد، فما أن عاد إلى المدينة حتى هاجم «خيبر» وكسر أحد فكي الكماشة، ثم يلبث أن هاجم قريشا فكسر بذلك الفلك الاخر» اه-: مختصر السيرة النبوية. -
السلام- في ألف وأربعمائة*، وفي رواية «وخمسمائة» ، كما في الصحيح.
واستعمل على المدينة «نميلة بن عبد الله الليثي**» .
وقيل: «ابن أم مكتوم» . وقيل: غيرهما. ولم يخرج معه بسلاح إلا سلاح المسافر: السيوف في القرب، وساق/ معه الهدي «1» ، وكان سبعين بدنة، فلما كان بذي الحليفة قلد «2» الهدي وأشعره «3» ، وأحرم بعمرة؛ وذلك ليأمن الناس من حربه.
حتي إذا كان ب «عسفان»
» لقيه «بسر بن سفيان الخزاعي
__________
- وانظر: (السيرة النبوية) لابن هشام مع (الروض الأنف) للإمام السهيلي 4/ 24. وانظر: (سبل الهدى والرشاد) للصالحي- غزوة الحديبية- 5/ 33. وأمر الحديبية: كان في شهر ذي القعدة سنة ست من الهجرة، ذكر ذلك ابن إسحاق كما في (السيرة النبوية) لابن هشام 4/ 24.
(*) حول الصحابة الذين خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في «الحديبية» خلاف ذكره الصالحي في (سبل الهدى والرشاد) 5/ 70- الثالث-: فقال «اختلف الروايات في عدد من كان مع رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: في رواية الزهري، في حديث المسور ومروان: ألف وثمانمائة. وفى رواية ... أبي إسحاق عن البراء: كنا أربع عشرة ومائة. وفى رواية زهير بن معاوية: عن أبي إسحاق: كانوا ألفا وأربعمائة أو أكثر. وفى رواية لسالم ... عن جابر: أنهم كانوا خمس عشرة، وكذلك رواية سعيد بن المسيب عنه، وكذلك رواية ابن أبي شيبة: عن مجمع بن جارية. وعن الجمع بين هذا الاختلاف انظر: (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) - غزوة الحديبية. وانظر: (سبل الهدى والرشاد للصالحي) 5/ 70.
(**) استعماله صلى الله عليه وسلّم ل «نميلة الليثي» هو رأي ابن هشام كما في السيرة النبوية لابن هشام 4/ 24. وحول الخلاف في المستخلف على المدينة جاء في (المواهب اللدنية وشرحها) 2/ 180 ك «استخلف على المدينة ابن أم مكتوم، ويقال: أبو رهم كلثوم بن الحصين حكاهما البلاذري. قال: وقال قوم: يقولون: استخلفهما جميعا» ابن مكتوم على الصلاة. وقال ابن هشام: « ... استخلف «نميلة الليثي» ؛ فيحتمل أنه استخلفه وكلثوما على المصالح، والإمام «ابن أم مكتوم» اه-: المواهب.
(1) حول سوق رسول الله صلى الله عليه وسلّم الهدي معه انظر: (السيرة النبوية) لابن هشام 4/ 24- 25.
(2) تقليد الهدى: تعليق قطعة من حبل في عنقه؛ ليعلم أنه هدى؛ فيكفّ الناس عنه.
(3) إشعار الهدى- بالشين المعجمة- وخز سناهما حتى يسيل الدم منها فيعلم أنه هدى.
(4) «عسفان» - بعين مضمومة فسين ساكنة مهملتين ففاء-: قرية بينها وبين مكة ثلاث مراحل-
الكعبي «1» » ، وكان عينا له فقال: يا رسول الله، هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العوذ «2» المطافيل «3» ، ولبسوا جلود النمور، وقد نزلوا ب «ذي طوى «4» » ، يعاهدون الله لا تدخلنها عليهم أبدا، فقال عليه السلام: «من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم؟» فقال رجل من أسلم «5» : أنا يا رسول الله. فسلك بهم طريقا وعرا بين شعاب حتى أفضى إلى أرض سهلة، وسار- عليه السلام- حتى إذا سلك في ثنية «6» المرار، فهبط الحديبية «7» من أسفل مكة بركت ناقته؛ فقال الناس:
__________
(1) و «بسر بن سفيان» - بالسين المهملة- هو قول ابن هشام كما في (السيرة النبوية) 4/ 25. ويقال- بالشين المعجمة-، وهو قول الزهري، ذكره ابن هشام في المصدر السابق 4/ 25.
(2) و «العوذ المطافيل» - بضم العين المهملة فواو ساكنة فذال معجمة- جمع عائذ، والمراد بها الناقة ذات اللبن و «المطافيل» «المراد بها الأمهات اللاتى معهن أطفالهن؛ يريد أنهم خرجوا بذوات الألبان؛ ليتزودوا ألبانها، ولا يرجعوا حتى يمنعوه. أو كنى بذلك عن النساء معهن الأطفال، والمراد خرجوا معهم نساؤهم وأولادهم لإرادة طول المقام؛ وليكون أدعى إلى عدم الفرار ... » اه-: سبل الهدى والرشاد للصالحي 5/ 8.
(3) قوله: «قد لبسوا جلود ... » كناية على شدة الحقد والغضب تشبيها بأخلاق النمور. وقيل: «هو مثل يكنى به عن إظهار العداوة والتنكير ويقال للرجل الذي يظهر العداوة: لبس جلد نمر» اه-: سبل الهدى.
(4) «ذي طوى» - بتثليث الطاء المفتوحة- والفتح أشهر: واد بمكة.
(5) والرجل الذي من أسلم هو «بريدة بن الحصيب» . روى البزار بسند رجاله ثقات: عن أبي سعيد الخدري «ومحمد بن عمر» عن شيوخه قالوا: «لما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «تيامنوا في هذا العصل» . وفى رواية «اسلكوا ذات اليمين بين ظهور الحمض؛ فإن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة كره رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يلقاه وكان بهم رحيما، فقال: «تيامنوا فأيكم يعرف ثنية الحنظل» ؟ «فقال بريدة: أنا يا رسول الله عالم بها. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «اسلك أمامنا» .: فأخذ بريدة في «العصل» - قبل جبال سرواع قبل المغرب- فو الله ما شعر بهم خالد ... فمسك بهم «بريدة» طريقا وعرا ... بين شعاب ... » اه-: سبل الهدى والرشاد 5/ 38.
(6) «ثنية المرار» قال عنها الإمام ياقوت الحموي في كتابه (المشترك وضعا المفترق صقعا) ص 89- 90: «الثنية: اسم جنس يكثر جدا ... ولا يعرف ما أضيفت إليه إلا بذكرها، والأصل: كل فج في جبل يخرجك إلى فضاء. وقيل: لا تسمى ثنية حتى تكون مسلوكة. وثنية المرار ذكرها مسلم في صحيحه في حديث «أبي معاذ» - بضم الميم- وشك في ضمها وكسرها- أي: كسر الميم- في حديث «أبي حبيب الحارثى» ... اه-: المشترك ... وانظر: (سبل الهدى والرشاد) للصالحي 5/ 84.
(7) «الحديبية» تقع في طرف الحرم على تسعة أميال من مكة فال ذلك ابن سعد في الطبقات 2/ 69.
خلأت القصواء. أي: حرنت فقال: «ما خلأت، وما هو لها بخلق؛ ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة «1» » .
فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أتاه «بديل بن ورقاء الخزاعي «2» » في رجال من خزاعة «3» «فكلموه وسألوه، / فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا، ثم بعثت قريش «سهيل ابن عمرو» يراوضونه الصلح على أمور ذكروها؛ منها، أن يرجع عنهم عامهم ذلك،
__________
(1) حديث «ما خلأت القصواء ... إلخ» أخرجه الأئمة: البخاري، وأبو داود، وأحمد. فأخرجه الإمام البخاري في صحيحه كتاب (الشرط) رقم: 2529 بلفظ: « ... عن المسور بن مخرمة، ومروان» - يصدق كل واحد حديث صاحبه- قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم زمن الحديبية حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إن خالد بن الوليد بالغميم، في خيل لقريش طليعة؛ فخذوا ذات اليمين، فو الله ما شعر بهم «خالد» حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش، وسار النبي صلى الله عليه وسلّم، حتى إذا كان ب «الثنية» التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل، فألحت، فقالوا: خلأت ... فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «ما خلأت ... » الحديث. وانظر أيضا صحيح البخاري كتاب (الجهاد والسير) . وأخرجه الإمام داود في سننه كتاب (الجهاد) رقم: 2384. وأخرجه الإمام أحمد في مسند (مسند الكوفيين) تحت رقمى: 1852، 1866. وانظر: (الطبقات) للإمام محمد بن سعد 2/ 69. وانظر: (السيرة النبوية) لابن هشام 4/ 25. وانظر: (سبل الهدى والرشاد ... ) للصالحي 5/ 40.
(2) حول مجيء «بديل بن ورقاء» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال الإمام ابن سعد في (الطبقات 2/ 70: «وجاء بديل ... ، وركب من خزاعة، فسلموا عليه. وقال بديل: جئناك من عند قومك: «كعب بن لؤي» و «عامر بن لؤى» ، قد استنفروا لك الأحابيش، ومن أطاعهم ... يقسمون بالله لا يخلون بينك وبين البيت، حتى تبيد خضراءهم» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «لم نأت لقتال أحد؛ إنما جئنا لنطوف بهذا البيت ... » اه: الطبقات.
(3) حول قوله: «في رجال من خزاعة» ذكر الصالحي في (سبل الهدى والرشاد ... ) 5/ 43 فاقل: من هؤلاء الرجال: أ- عمرو بن سالم. ب- خراش بن أمية. ج- خارجة بن كرز. اه: سبل الهدى والرشاد. وعن «خزاعة» قال ابن هشام في (السيرة النبوية) 4/ 26، قال الزهري: «وكانت خزاعة عيبة نصح- موضع سره- رسول الله صلى الله عليه وسلّم مسلمها ومشركها لا يخفون عنه شيئا كان بمكة» اه: السيرة النبوية. وقبل إرسال قريش ل «عمرة بن سهيل» ليتفاوض مع رسول الله أرسلت قريش كلا من: أ- «مكرز بن حفص الأخيف» . ب- الحليس بن علقمة- أو ابن زبان- «سيد الأحابيش» . -
وكتب الكتاب «علي «1» » رضي الله عنه، ولما فرغ عليه السلام من الصلح وكتابة الكتاب «2»
__________
- ج- «عروة بن مسعود الثقفي» . حول ما قاله رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- عن هؤلاء، ولهؤلاء، وما قالته قريش لهم انظر: (السيرة النبوية) لابن هشام مع (الروض الأنف) للسهيلي 4/ 26- 27 و «سهيل بن عمرو» رسول قريش إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم: قال عنه ابن هشام في (السيرة النبوية) 3/ 28- 29 «قال ابن إسحاق: قال الزهري: «ثم بعث قريش «سهيل بن عمرو» - أخا بنى عامر بن لؤى- إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- وقالوا له: أئت محمدا فصالحه، ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا، فو الله لا تتحدث العرب عنا أنه دخلها عنوة أبدا. فأتاه «سهيل» ، فلما رآه رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- مقبلا؛ قال: قد أراد القوم الصلح؛ حين بعثوا هذا الرجل، فلما انتهى «سهيل بن عمرو» إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- تكلم فأطال الكلام، وتراجعا، ثم جرى بينهم الصلح الذي عقد على الأطر الاتية: قال ابن إسحاق: اصطلحا على: 1- وضع الحرب عن الناس عشر سنين، يأمن فيهن الناس، ويكف بعضهم عن بعض. 2- من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم، ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه. 3- من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه. فتواثبت «خزاعة» فقالوا: «نحن في عقد محمد وعهده، وتواثبت «بنو بكر» فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم ... » اه: السرية النبوية. وهذه الشروط جعلت «عمر بن الخطاب» يثب فيأتي «أبا بكر» فيقول: يا أبا بكر أليس برسول الله؟! قال: بلى قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى! قال: أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال فعلام نعطى الدنية في ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر، الزم غرزه؛ فإني أشهد أنه رسول الله؛ قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله، ثم أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- فقال يا رسول الله ألست برسول الله؟ قال: بلى. قال: ولسنا بالمسلمين؟ قال: بلى. قال: أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى قال: فعلام نعطى الدنية في ديننا؟ قال: «أنا عبد الله ورسوله؛ لن أخالف أمره، ولن يضيعني! قال: فكان عمر يقول: ما زلت أتصدق وأصوم، وأصلي، وأعتق، من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به، حتى رجوت الله أن يكون خيرا» اه: السيرة النبوية.
(1) عن كتابة «علي» - رضي الله عنه- لكتاب الصلح انظر: (السيرة النبوية) المصدر السابق 4/ 28.
(2) حول قوله: «فلما فرغ- عليه السلام- من الصلح ... قال ابن هشام في (السيرة النبوية) المصدر السابق: قال ابن إسحاق: «فلما فرغ رسول الله- عليه السلام- من الكتاب أشهد على الصلح رجالا من المسلمين، ورجالا من المشركين: «أبو بكر» ، و «عمر بن الخطاب» -
قام فنحر هديه «1» وحلق، وتبعه على ذلك المسلمون، وأرسل الله ريحا حملت شعورهم فألقتها في الحرم «2» واستبشروا «3» بقبول عمرتهم، وأقام- عليه السلام- خلفه «بالحديبية» بضعة عشر يوما، ثم قفل «4» ، وفي نفوس بعض المسلمين شيء، فأنزل الله- عز وجل- سورة الفتح «5» .
__________
- و «عبد الرحمن بن عوف ... » و «مكرز بن حفص- وهو يومئذ مشرك- و «علي بن أبي طالب» ، وكان هو كاتب الصحيفة» اه: السيرة النبوية.
(1) حول إحلاله من إحرامه، ونحر الهدى- صلى الله عليه وسلّم- قال ابن هشام في (السيرة النبوية) 4/ 28. قال ابن إسحاق: «فلما فرغ من الصلح قدم هديه فنحره- ثم جلس فحلق رأسه، وكان الذي حلقه فيما بلغني في ذلك اليوم «خراش بن أمية» ... فلما رأى الناس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- قد نحر وحلق واثبوا ينحرون ويحلقون» اه: السيرة النبوية. وانظر: (الطبقات) للإمام محمد بن سعد 2/ 75. وانظر: رأى «أم المؤمنين أم سلمة» - رضي الله عنها- وما أشارت به في إحلاله لإحرامه، ونحر لهديه صلى الله عليه وسلّم في المصادر الاتية: - مسند الإمام أحمد 4/ 323 رقم: 18930. - الاحاد والمثاني للإمام ابن أبي عاصم 1/ 395 رقم: 551.
(2) حول قوله: «وأرسل الله ريحا ... الخ» أخرج ابن سعد في (الطبقات) 2/ 75 من مرسل يعقوب بن مجمع بلفظ: «لما صدر- صلى الله عليه وسلّم- وحلقوا بالحديبية، ونحروا بعث الله ريحا عاصفا حملت شعورهم ... » اه: الطبقات. وقال الزرقاني في (شرح المواهب) 2/ 209: «وذلك- يعنى إرسال شعورهم- جبرا لهم في صدهم عن بيت الله» اه: شرح المواهب بتصرف.
(3) حوله قوله: «واستبشروا ... » قال الزرقاني في (شرح المواهب) 2/ 209: «وزاد أبو عمر- ابن عبد البر- فاستبشروا بقبول عمرتهم ... الخ» اه: شرح المواهب.
(4) حول رجوعه صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة بعد الغزوة: قال الإمام ابن هشام في (السيرة النبوية) 4/ 29 قال إسحاق: «ثم انصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- من وجهه ذلك قافلا؛ حتى إذا كان بين مكة، والمدينة نزلت سورة الفتح إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً [الفتح: الاية 1] السورة. وانظر: مسند الإمام أحمد 4/ 323 رقم: 1890. وانظر: (الطبقات) للإمام محمد سعد 2/ 76.
(5) حول غزوة- عمرة- الحديبية انظر: المصادر والمراجع الاتية: أ- (السيرة النبوية) لابن هشام مع (الروض الأنف) للسهيلي- أمر الحديبية- 4/ 24- 32. ب- (مغازي الواقدي) - غزوة الحديبية- 2/ 571- 663. ج- (الطبقات) للإمام محمد بن سعد- غزوة رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- 2/ 69- 76.