خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين ألفا من الناس من المدينة إلى تبوك، وكان أكبر جيش خرج به في غزوة، وضرب عسكره على ثنيّة الوداع، واستعمل
__________
(1) [أخرجه الترمذي في أبواب المناقب، باب [في عد عثمان تسميته شهيدا،..، برقم (3701) ، وقال: حسن غريب، وأحمد في المسند (5/ 63) بإسناد حسن من حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه] .
(2) [استحمل، أي: طلب راحلة تحمله إلى المعركة] .
على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاريّ، وخلف على أهله عليّ بن أبي طالب، وقال له حين شكا إليه إرجاف المنافقين وقالتهم: «أفلا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه ليس نبيّ بعدي» «1» .
ونزل ب «الحجر» ديار ثمود، وأخبرهم بأنّها ديار المعذّبين، وقال:
«لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا أنفسهم إلّا وأنتم باكون خوفا أن يصيبكم ما أصابهم» «2» وقال: «لا تشربوا من مائها شيئا ولا تتوضّؤوا منه للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئا» .
وأصبح الناس ولا ماء لهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا، فأرسل الله سبحانه سحابة، فأمطرت حتّى ارتوى الناس، واحتملوا حاجتهم من الماء «3» .
تخوّف العرب من الرّوم:
وكان رهط من المنافقين يشيرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك، فيقول بعضهم لبعض: أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا؟ والله لكأنّا بكم غدا مقرّنين بالحبال «4» .
__________
(1) [أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة تبوك..، برقم (4416) ، وأحمد في المسند (1/ 182) من حديث سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه] .
(2) زاد المعاد: ج 1 ص 403، وسيرة ابن هشام: ج 2، ص 522، ومعناه في الصحيحين [أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب قوله «ولقد كذب أصحاب الحجر» ، برقم (4702) ومسلم في الزهد، باب النهي عن الدخول على أهل الحجر إلّا من يدخل باكيا، برقم (2980) ، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما] .
(3) سيرة ابن هشام: ج 2، ص 522 [أخرج الطبراني هذه الحادثة في «المعجم الأوسط» ، وقال الهيثمي (6/ 194- 195) : رواه البزّار والطبراني في الأوسط، ورجال البزار ثقات] .
(4) سيرة ابن هشام: ج 1، ص 524- 526.