ولما لم تفلح أساليب الكفار في مجابهة الدعوة والنيل منها، رأوا أن يطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرًا تعجيزيًّا -بظنهم- فطلبوا منه أن يشق لهم القمر نصفين.
ظنًّا منهم أنهم بذلك سيعجزونه ويكفون أمر دعوته، فكان لهم ما أرادوا فقد انشق القمر نصفين بين جبل أبي قبيس؛ آيةً من الله بيِّنة وعلامةً ظاهرة جلية، تكون حجة على المشركين وحجة لنبيه صلى الله عليه وسلم: يقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: «انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةً فَوْقَ الْجَبَلِ، وَفِرْقَةً دُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اشْهَدُوا» (رواه البخاري).
ونزل القرآن ليسجل تلك المعجزة ( معجزة انشاق القمر) فتذكر في الكتاب العزيز إلى قيام الساعة في سورة تسمى سورة القمر، قال تعالى: (ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ ١ وَإِن يَرَوۡاْ ءَايَةٗ يُعۡرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحۡرٞ مُّسۡتَمِرّٞ ٢) [القمر: 1-2].
فلما انشق القمر قال كفار قريش: سحركم ابن أبي كبشة [يشيرون إلى أبيه من الرضاعة زوج مرضعته حليمة]
فقال: رجل منهم: إن محمدًا إن كان سحر القمر، فإنه لا يبلغ من سحره أن يسحر الأرض كلها، فاسألوا من يأتيكم من بلد آخر هل رأوا هذا؟ فسألوا، فأخبروهم أنهم رأوا مثل ذلك! [عيون الأثر].