[ابتداء الوجع برسول الله صلى الله عليه وسلم]:
فلما كان يوم الأربعاء، بدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه، فحمّ وصدّع (1).
فلما كان يوم السبت لعشر خلون من ربيع، ودّع المسلمون (2) النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومضوا إلى الجرف (3).
وثقل النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: «انفذوا جيش أسامة» (4).
فلما كان يوم الأحد، اشتد وجعه، فدخل أسامة من معسكره في اليوم الذي لدّ فيه (5) عليه الصلاة والسلام، وكان مغمورا (6).
ثم دخل يوم الإثنين وهو مفيق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «اغد على بركة
_________
(1) كون ابتداء مرضه صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء: هو قول الواقدي كما في الطبقات 2/ 206، وعزاه الحافظ في الفتح 7/ 736 إلى الحاكم، وقدم عليه قول الخطابي: أنه ابتدأ به يوم الإثنين، وقيل: يوم السبت.
(2) يعني جيش أسامة، وفيه كبار الصحابة رضي الله عنهم جميعا.
(3) مكان خارج المدينة، شماليها جهة الشام، وهو اليوم داخل بها.
(4) الطبقات 2/ 190.
(5) في المطبوع: (ولد) تصحيف. ولدّ: من اللّدود، وهو دواء يسقاه المريض في أحد شقي الفم. وانظر سبب وقصة لدّه عليه الصلاة والسلام: الطبري 3/ 195، والروض الأنف 4/ 269.
(6) أي مغمى عليه صلى الله عليه وسلم.
الله». فودعه أسامة وخرج، فأمر الناس بالرحيل، فبينا هو يريد الركوب، إذا رسول أمّه أمّ أيمن قد جاء يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يموت. فأقبل ومعه عمر وأبو عبيدة (1).
,
فتوفي صلى الله عليه وسلم شهيدا حين زاغت الشمس من ذلك اليوم (2)، لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، حين اشتد الضحاء (3).
قال السهيلي: لا يصح أن تكون وفاته صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين إلا في ثاني الشهر، أو ثالث عشره، أو رابع عشره، أو خامس عشره، لإجماع المسلمين على أن وقفة عرفة كانت يوم الجمعة، وهو تاسع ذي الحجة، فدخل ذو الحجة يوم الخميس، فكان المحرم إما الجمعة وإما السبت، فإن كان الجمعة، فقد كان صفر إما السبت أو الأحد، فإن كان السبت، فقد كان أول ربيع: إما الأحد أو الإثنين، فعجبا هذا لا يكون الثاني عشر من ربيع الأول بوجه (4).
_________
(1) وكان أبو بكر رضي الله عنه قد استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخروج-بعد أن أمره به كما تقدم-ليصلي بالناس.
(2) يعني يوم الاثنين. وقال الطبري 3/ 199، وأبو عمر في الدرر/277/، والسهيلي 4/ 270، والحافظ في الفتح 7/ 736: إنه قول الجمهور بلا خلاف. قلت: هو في الصحيح من حديث السيدة عائشة في وفاة أبيها رضي الله عنهما، وفيه: «في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الاثنين. . .». أخرجه البخاري في الجنائز، باب موت يوم الإثنين (1387).
(3) كونه في الثاني عشر من ربيع الأول: هو قول ابن إسحاق كما في الطبري 3/ 215، وقول الواقدي كما في الطبقات 2/ 272. وصححه ابن الجوزي في التلقيح/82/، وقال في العيون 2/ 449: ذكره جمهور الناس.
(4) الروض الأنف 4/ 270. وعزاه في العيون إلى أبي الربيع بن سالم أيضا.
ذكر الكلبي وأبو مخنف أنه توفي صلى الله عليه وسلم في الثاني من ربيع الأول (1).
قال الطبري: هذا القول وإن كان خلاف الجمهور، فإنه لا يبعد إن كانت الثلاثة الأشهر التي قبله كلها كانت تسعة وعشرين يوما (2).
وفيما قاله نظر، لمتابعة مالك بن أنس فيما حكاه البيهقي، وكذلك المعتمر بن سليمان، والواقدي ثالثهم، لهما على ذلك (3).
وقال الخوارزمي: توفي صلى الله عليه وسلم أول ربيع (4).
,
ودفن ليلة الأربعاء (5).
_________
(1) عن الكلبي وأبي مخنف: رواه الطبري 3/ 200، والسهيلي 4/ 270. ورواه ابن سعد 2/ 272 عن الواقدي. وذكره الذهبي في التاريخ (السيرة) /568/عن سليمان التيمي.
(2) هذا القول ورد في الروض في الموضع السابق، ولم أجده للطبري في التاريخ، ويقرب أن يكون من كلام السهيلي، والذي قال بعده: فتدبره، فإنه صحيح، ولم أر أحدا تفطن له. ويبدو أن الحافظ 7/ 736 قد وافقه على هذا، والله أعلم.
(3) دلائل النبوة 7/ 234 - 235.
(4) عن الخوارزمي: ذكره السهيلي في الروض 4/ 270 وقال: وهذا أقرب في القياس. وذكره الذهبي/568/عن موسى بن عقبة. كما عزاه ابن كثير 5/ 223 إلى عروة وموسى عن ابن شهاب. وانظر الفتح 7/ 736.
(5) أخرجه ابن إسحاق 2/ 664 عن عائشة رضي الله عنها، ورواه من طريقه: الإمام أحمد كما في الفتح الرباني 21/ 257، ورواه ابن الجوزي في الوفا /806/عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال في التلقيح/82/: وهو الأصح.
وقيل: ليلة الثلاثاء (1).
وقيل: يوم الاثنين عند الزوال، قاله الحاكم وصححه (2).
,
وغسّله عليّ، والعباس وابنه الفضل يعينانه، وقثم، وأسامة، وشقران، يصبّون الماء (4)، وأعينهم معصوبة من وراء الستر، لحديث علي بن أبي طالب: (لا يغسلني أحد إلا أنت، فإنه لا يرى أحد عورتي إلا
_________
(1) رواه ابن سعد 2/ 305 عن الواقدي. وذكره ابن الجوزي في التلقيح/82/، وأورده ابن كثير في التاريخ 5/ 237 من طريقين، واستغربه.
(2) كذا أيضا في إمتاع الأسماع 1/ 551.
(3) أما الاثنا عشر والأربعة عشر يوما: فقد ذكرهما ابن حزم في جوامع السيرة /266/، وابن الجوزي في الوفا/792/مقتصرين عليهما. وأما الثلاثة عشر: فقد أخرجها ابن سعد 2/ 206، والبيهقي في الدلائل 7/ 235. وأما العشرة: فقد أخرجها البيهقي في دلائله 7/ 234 بسند صحيح كما في الفتح 7/ 736، وقال الحافظ: وبه جزم سليمان التيمي في مغازيه.
(4) كذا-بهذا التنسيق-في الإمتاع 1/ 549، والمواهب 4/ 557. والأسماء هي نفسها في السيرة 2/ 662، والطبقات 2/ 277 - 280 وفيهما غير هذا التنسيق، كما أن ابن سعد لم يذكر قثم، وذكر: عقيل بن أبي طالب. وقثم: هو ابن العباس أخو الفضل رضي الله عنهم جميعا، وشقران-واسمه صالح-هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانظر في هذه الفقرة أيضا الطبري 3/ 211، والمنتظم 4/ 44 - 46، والكامل 2/ 195.
طمست عيناه) (1).
وحضرهم أوس بن خولي من غير أن يلي شيئا (2).
وقيل: بل كان يحمل الماء (3).
وقيل: كان العباس بالباب، وقال: لم يمنعني أن أحضره إلا أنه كان يستحي أن أراه حاسرا (4).
وغسل صلى الله عليه وسلم في قميصه من بئر يقال له: الغرس ثلاث غسلات بماء وسدر (5)،
_________
(1) أخرجه ابن سعد 2/ 278، والبزار كما في الكشف 1/ 400 (848)، والبيهقي في الدلائل 7/ 244، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 36: رواه البزار، وفيه يزيد بن بلال، قال البخاري: فيه نظر. وبقية رجاله وثقوا، وفيهم خلاف. وكذا ضعفه الذهبي في السيرة/576/، وقال ابن كثير في البداية 5/ 239: غريب جدا.
(2) بهذا اللفظ أخرجه الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق ابن إسحاق 1/ 260، وضعّف إسناده أحمد شاكر (2357)، وقال ابن كثير في البداية 5/ 229: انفرد به أحمد. وانظر السيرة 2/ 662، والطبقات 2/ 280. وأوس بن خولي صحابي أنصاري خزرجي، ممن شهد بدرا، كان قد وقف بالباب وقال: يا علي أنشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له علي: ادخل.
(3) رواية أخرجها ابن سعد 2/ 280، والطبراني في الأوسط والكبير كما في مجمع الزوائد 9/ 36، وقال الهيثمي: وفيه يزيد بن أبي زياد، وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجاله ثقات.
(4) أخرجه ابن سعد 2/ 279.
(5) الخبر في الطبقات 2/ 280، وتاريخ ابن شبة 1/ 161 - 162، ودلائل البيهقي 7/ 245، و (الغرس) بفتح الغين المعجمة، وتسكين الراء، وبالسين، وقال السمهودي في الوفا 3/ 978: بضم الغين المعجمة، وهو الدائر على ألسنة أهل المدينة وهي بئر بقباء كانت لسعد بن خيثمة رضي الله عنه، وكان يستعذب منها-
جعل عليّ على يده خرقة، وأدخلها تحت القميص (1).
,
وكفّن في ثلاثة أثواب بيض سحوليّة-بلدة باليمن-ليس فيها قميص ولا عمامة (2).
وروي: أن واحدا منها حبره (3).
وفي رواية: في حلّة حبرة وقميص (4).
_________
= الماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وعند ابن ماجه بإسناد ضعيف من حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أنا مت فاغسلوني بسبع قرب من بئري بئر غرس». لكن يشهد له ما تقدم.
(1) أخرجه ابن سعد 2/ 280، وساقه الذهبي في سيرته/575/وقال: فيه ضعف. وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 36 إلى الطبراني في الأوسط والكبير، وقال: روى ابن ماجه بعضه، وفيه يزيد بن أبي زياد وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجاله ثقات.
(2) هذا متفق عليه من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، أخرجه البخاري في الجنائز، باب الثياب البيض للكفن (1264)، ومسلم في الجنائز، باب في كفن الميت (941).
(3) كذا في السيرة 2/ 663، وابن سعد 2/ 284، والطبري 3/ 212، ودلائل البيهقي 7/ 248. والحبرة: ضرب من ثياب اليمن (الخشني 4/ 416)، وقال الذهبي بعد أن أورده/578/: فلعله اشتبه على من قال ذلك، لكونه صلى الله عليه وسلم أدرج في حلّة يمانية، ثم نزعت عنه. قلت: هذا كلام الإمام البيهقي في الدلائل 7/ 249. وسوف يأتي الحديث.
(4) سقطت هذه العبارة من (3). وفي (1): وفي رواية: حبرة وقميص. وما أثبته من (2) والعقد الثمين عن المصنف، والمطبوع. والخبر في أنساب الأشراف 1/ 571.
وفي رواية: حلة حمراء نجرانية وقميص (1).
وقيل: إن الحلة اشتريت له، فلم يكفن فيها (2).
وفي الإكليل: كفّن صلى الله عليه وسلم في سبعة أثواب (3).
وجمع: بأنه ليس فيها قميص ولا عمامة محسوب.
وفي حديث تفرد به يزيد بن أبي زياد-وهو ضعيف-: كفن صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب: قميصه الذي مات فيه، وحلة نجرانية (4).
_________
(1) الطبقات 2/ 286.
(2) هذا في الصحيح، أخرجه مسلم من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها السابق (941) وفيه: أما الحلة: فإنما شبه على الناس فيها، أنها اشتريت له ليكفن فيها، فتركت الحلة. وفي رواية قالت: أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة يمنية كانت لعبد الله بن أبي بكر، ثم نزعت عنه.
(3) ورد هذا في رواية ابن عقيل عن ابن الحنفية عن علي رضي الله عنه، أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 94، والبزار كما في كشف الأستار 1/ 401 (850)، وابن أبي شيبة في المصنف 3/ 262، وابن حزم في المحلى 5/ 118 - 119 وقال: وهم فيه راويه. لكن حسن الحافظ الهيثمي إسناده في المجمع 3/ 23، وصححه أحمد شاكر في المسند (728). وأورده الإمام الشوكاني في نيل الأوطار 4/ 37 وضعفه، لكن نقل عن الحافظ أن الحاكم روى من حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر ما يعضد رواية ابن عقيل عن ابن الحنفية عن علي رضي الله عنه: بمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كفن في سبعة أثواب. قلت: وهذا يشهد للمصنف الذي ساقه عن الحاكم في الإكليل.
(4) أخرجه أبو داود في الجنائز، باب في الكفن (3153) وفيه: الحلة: ثوبان، وأخرجه ابن ماجه في الجنائز، باب ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم (1471)، وابن أبي شيبة في المصنف 3/ 258، وقال الإمام النووي في شرحه على مسلم 7/ 8: حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به، لأن يزيد بن أبي زياد-أحد-
وحنّط بكافور، وقيل: بمسك (1).
,
وصلى عليه المسلمون أفذاذا (2).
قيل: لأنه أوصى بذلك بقوله: «أول من يصلي عليّ ربي، ثم جبريل، ثم ميكائيل، ثم إسرافيل، ثم ملك الموت مع جنوده، ثم الملائكة، ثم ادخلوا فوجا بعد فوج. . .» الحديث، وفيه ضعف (3).
_________
= رواته-مجمع على ضعفه، لا سيما وقد خالف بروايته الثقات.
(1) أما المسك: فأخرجه ابن سعد 2/ 288، والبيهقي 7/ 249. وأما الكافور: فقد أورده ابن كثير في تاريخه 5/ 229 من رواية قال عن سياقها: فيه غرابة جدا. وذكره الهيثمي 3/ 24 من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، وفيه راو متكلم فيه. وفي الإمتاع:1/ 549: وغسل الأولى: بالماء القراح. والثانية: بالماء والسدر. والثالثة: بالماء والكافور.
(2) أي منفردين، بدون إمام.
(3) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أخرجه البزار كما في كشف الأستار 9/ 398 - 399، والطبري في التاريخ 3/ 191 - 192، والبيهقي في الدلائل 7/ 231 - 232، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 25: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح، غير محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي وهو ثقة، ورواه الطبراني في الأوسط بنحوه، وذكر في إسناده ضعفاء. وساقه ابن كثير في تاريخه 5/ 222، ونقل تضعيف الأئمة لسلام الطويل-أحد رواته-ثم قال: لكن رواه البزار من غير طريق سلام. وانظر الروض 4/ 273 - 274، حيث ذكره السهيلي من رواية الطبري والبزار، وقال عن هذه الصلاة: ولا يكون هذا الفعل إلا عن توقيف، ووجه الفقه: أن الله تبارك وتعالى افترض الصلاة عليه بقوله: (صلوا عليه وسلموا تسليما). وحكم هذه الصلاة التي تضمنتها الآية ألا تكون إلا بإمام، والصلاة عليه عند موته داخلة في لفظ الآية، وهي متناولة لها وللصلاة عليه في كل حال. . . وقال ابن كثير 5/ 232: وهذا الصنيع، وهو-
وقيل: بل كانوا يدعون وينصرفون (1).
وقال ابن الماجشون لما سئل كم صلي عليه صلاة؟ فقال: اثنتان وسبعون صلاة كحمزة. فقيل له: من أين لك هذا؟ فقال: من الصندوق الذي تركه مالك بخطه عن نافع عن ابن عمر (2).
,
وفرش تحته قطيفة نجرانية كان يتغطى بها (3).
_________
= صلاتهم عليه فرادى لم يؤمهم أحد أمر مجمع عليه لا خلاف فيه، وقد اختلف في تعليله، فلو صح الحديث الذي أوردنا عن ابن مسعود لكان نصا في ذلك، ويكون من باب التعبد الذي يعسر تعقل معناه، وليس لأحد أن يقول: لأنه لم يكن لهم إمام. لأنا قدمنا أنهم إنما شرعوا في تجهيزه عليه السلام بعد تمام بيعة أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، وقد قال بعض العلماء: إنما لم يؤمهم أحد، ليباشر كل واحد من الناس الصلاة عليه منه إليه، ولتكرر صلاة المسلمين عليه مرة بعد مرة. . ثم نقل كلام السهيلي.
(1) هكذا أيضا في تاريخ الخميس 2/ 171 عن مغلطاي، وانظر ابن سعد 2/ 290، والبلاذري 1/ 574 - 575، ودلائل البيهقي 7/ 250 - 251، فإنه قد يفهم من رواياتهم أن ذلك كان دعاء فقط، لكن قال البرهان في السيرة الحلبية 3/ 356 بعد أن نقل أثرا يدل على أنهم كانوا يدعون له صلى الله عليه وسلم: وهذا يدل على أن المراد بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم الدعاء لا الصلاة على الجنازة المعروفة عندهم، والصحيح: أن هذا الدعاء كان ضمن الصلاة المعروفة التي بأربع تكبيرات. قلت: وهذا ما تدل عليه ظواهر النصوص، والله أعلم. وقال الفاسي في العقد 1/ 270 بعد أن نقل قول المصنف: ذكر شيخنا العراقي أن هذا القول ضعيف. وانظر مرشد المحتار/367/فقد جعل ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
(2) نقله في تاريخ الخميس 2/ 171 عن المصنف، وفي الإمتاع 1/ 550: وقيل: صلي عليه اثنتان وسبعون صلاة.
(3) كذا في عيون الأثر 2/ 450، لكن فيه بدل قطيفة (نجرانية): قطيفة (حمراء). -
قال أبو عمر: ثم أخرجت لما فرغوا من وضع اللبنات التسع (1).
,
ودخل قبره: العباس، وعلي، والفضل، وقثم، وشقران، وابن عوف، وعقيل، وأسامة، وأوس (2).
قال الحاكم: فكان آخرهم عهدا به صلى الله عليه وسلم قثم. وقيل: علي (3).
وأما حديث المغيرة فضعيف (4).
_________
= وفي السيرة 2/ 664، والطبقات 2/ 299 بدل (يتغطى بها): (يلبسها)، وزاد ابن إسحاق: (ويفترشها). قلت: والذي في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء». أخرجه مسلم في الجنائز، باب جعل القطيفة في القبر (967). وفي السيرة والطبقات والترمذي: أن الذي ألقاها في القبر هو شقران رضي الله عنه، وذلك إما لأن الأرض ندية، أو لأنه كره أن يستعملها أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال النووي في شرح مسلم 7/ 34: والجمهور على كراهية وضع قطيفة أو مضربة أو مخدة ونحو ذلك تحت الميت في القبر. .
(1) كلام ابن عبد البر هذا، ذكره القسطلاني في المواهب 4/ 563 لأبي عمر من كتاب تحقيق النصرة عن ابن زبالة. قلت: ومعناه كاملا في الاستيعاب 1/ 48. لكن الذي يفيده كلام ابن إسحاق 2/ 664، وابن سعد 2/ 300 أنها دفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما يدل عليه كلام الإمام النووي السابق. وانظر جوامع السيرة/265/، والمنتظم 4/ 48. وفي عدد (اللبنات): انظر الروض الأنف 4/ 276.
(2) أخرجها كلها ابن سعد 2/ 300 - 304، وعدّد الأسماء فقط ابن الجوزي في التلقيح/83/.
(3) الروايتان في الطبقات 2/ 303 - 304.
(4) رواه ابن سعد 2/ 302 - 304 من عدة طرق، لكن روى ما يخالفه.
وكان الذي حفر له أبو طلحة، لأنه كان يلحد (1).
,
وكان عمره، إذ توفي صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين فيما ذكره البخاري، وثبّته ابن سعد وغيره (2).
وفي مسلم: خمس وستون. وصححه أبو حاتم في تاريخه (3).
وفي الإكليل: ستون (4).
وفي تاريخ ابن عساكر: اثنان وستون ونصف (5).
وفي كتاب ابن شبة: إحدى أو اثنتان، لا أراه بلغ ثلاثا وستين (6).
_________
(1) كذا في السيرة والطبقات، وأخرجه الترمذي من حديث جعفر بن محمد عن أبيه في الجنائز، باب ما جاء في الثوب الواحد يلقى تحت الميت في القبر (1047).
(2) بل هو متفق عليه من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، أخرجه البخاري في المغازي، باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (4466)، ومسلم في الفضائل، باب كم سن النبي صلى الله عليه وسلم يوم قبض؟ (2349)، وقال ابن سعد 2/ 309: وهو الثبت إن شاء الله.
(3) أخرجه مسلم في الفضائل، باب كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة (2353) - 122.
(4) هذا متفق عليه أيضا من حديث أنس رضي الله عنه، أخرجه البخاري في المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (3547) و (3548)، ومسلم في الفضائل، باب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وسنه (2347).
(5) تاريخ دمشق (مختصر ابن منظور) 2/ 388.
(6) ذكرها عن ابن شبة أيضا: الحافظ في الفتح 7/ 758، لكنه جعلها والتي قبلها من الروايات الشاذة.
وجمع: بأن من قال: خمسا، حسب السنة التي ولد فيها والتي قبض فيها، ومن قال: ثلاثا-وهو المشهور-أسقطهما. ومن قال: ستين، أسقط الكسور، ومن قال: اثنين وستين ونصفا، كأنه اعتمد على حديث في الإكليل، وفيه كلام: «لم يكن نبي إلا عاش نصف عمر أخيه الذي قبله، وقد عاش عيسى عليه السلام خمسا وعشرين ومائة» (1). ومن قال:
إحدى أو اثنتين، فشكّ ولم يتيقن. وكل ذلك إنما نشأ من الاختلاف في مقامه صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة على ما تقدم، والله أعلم (2).
_________
(1) أخرجه البيهقي في الدلائل 7/ 166، وعزاه الهيثمي في المجمع 9/ 23 إلى الطبراني بإسناد ضعيف، إلا أن فيهما: أن عيسى عليه السلام عاش عشرين ومائة سنة.
(2) انظر في هذه الفقرة أيضا: الاستيعاب 1/ 51 - 53، والنووي على شرح مسلم 15/ 99، وفتح الباري 7/ 758.
خدامه ومواليه صلى الله عليه وسلم
[الخدم]