وقعت في رمضان لعام ثمانية (8هـ)، عند صنم يقع هيكله بالمشلل، جبل على ساحل البحر الأحمر يهبط منه إلى منطقة قديد بين مكة والمدينة.
قادها الصحابي سعد بن زيد الأشهلي في عشرين فارسا من أصحابه، لهدم صنم مناة الذي عبدته قبائل الأوس والخزرج وغسان قبل الإسلام.
إنهاء الوجود الوثني بالجزيرة العربية بعد فتح مكة بتحطيم الأصنام التي اتخذتها القبائل آلهة من دون الله.
مناة اسم صنم قدسته عديد من القبائل ومنها الأوس والخزرج، وكانوا يهلون منها للحج، ويحلقون عندها لا يرون تماما لحجتهم إلا بذلك، وكان اسمها مشتقا من المن والعطاء.
يقول أحد الشعراء القدامى:
إني حلفت يمين صدقٍ برةً & بمناة عند محل آل الخزرج
وهي صنم مؤنثة عند العرب، مثلُ اللاّتِ والعزّى؛ وذلك أنهم كانوا يقولون عنهنّ: "إنهنّ بناتُ الله وهنّ يشفعن إليه"، وحاشا لله الواحد الأحد أن يتخذ ولد؛ وكانت قريش تطوف بالكعبة وتقول: "واللاّت والعزّى، ومناة الثالثة الأخرى، فإنّهنّ الغَرانيقُ العلَى، وإن شفاعتهنّ لتُرْتَجَى"، فلما بُعِثَ النبيّ محمّد أنزل الله عليه قوله:{أَفَرَأيتم اللاّتَ والعُزّى * ومناةَ الثَّالثةَ الأُخرى* ألكمُ الذّكَرُ وَلَه الأُنثى* تلك إذاً قسمةٌ ضِيزَى* إنْ هيَ إلاّ أسماء سمّيتُموها أنتم وآباؤكم ما أنَزَل اللهُ بها مِنْ سُلطَان} [النجم: 19-23]
وقد كان أول من نصبها للعرب عمرو بن لحي الخزاعي ناصب الأوثان في جزيرة العرب.
وكان العرب أيضا يلبون عند مناة، ثم يذبحون على نصبها، وسمى بعض العرب أبناءه "عبد مناة" ما يدل على قداستها. وكانوا يقفون عندها يحلفون، وكان سدنتها من الأزد، وكانوا في غناء وثراء فاحش، وذلك بسبب الكم الكبير من الهدايا والنذور والقرابين التي كانت تهدى لمناة. [الأصنام، الكلبي]
بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من الخزرج وهو سعد بن زيد الأشهلي - رضي الله عنه - على رأس سرية لهدم مناة وتنكيسها.
ولما انتهى سعد إليها وعليها سادن (خادم)، فقال السادن "ما تريد؟" قال "هدم مناة"، قال "أنت وذاك". فأقبل سعد يمشي إليها وإذا بامرأة عارية سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها فقال السادن "مناة دونك، بعض غضباتك" (أي خرجت مناة نتيجة فعلك)، فضربها سعد ضربة قاتلة، وأقبل وأصحابه إلى الصنم فهدموه، وانصرف راجعا إلى النبي محمد . [ابن سعد، 2/146].
استطاع المسلمون هدم صنم مناة، وقتل السيدة التي تجسد رمزيتها.
-
- حكمة القيادة النبوية: وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من كل قبيلة ليهدم صنمها، واختار لهدم العزى خالد بن الوليد من قريش، واختار لهدم اللات أبوسفيان بن حرب وعروة الثقفي، واختار لهدم اللات سعد الأشهلي من الخزرج.
-الله ينصر جنده ولو بعد حين، وقد وعدهم بعد صلح الحديبية بالفتح المبين وكانت من أعظم إشاراته هدم الأصنام رمز سجود الإنسان وتقديسه للحجر دون خالق الكون، وكانت الأصنام عموما ستار كذلك للتكسب وإثبات المكانة بين القبائل العربية.