وهذا أيضًا من حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فرَّطَ فيها كثيرٌ من الناس، قال تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) [الفتح: 8، 9]. تعزروا الرسول وتوقروه، أي: تعظموه، وتجلوه، وتقوموا بحقوقه.
وقد كان من تعظيم وتوقير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له: أنه كان إذا تكلم صلى الله عليه وسلم أطرقوا له، حتى كأنما على رؤوسهم الطير، ولَـمَّا نزل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) [الحجرات: 2]
قال أبو بكر رضي الله عنه: «والله لا أُكلِّمُكَ بعدها إلا كأخي السِّرَارِ [أي الكلام السر]».
وأما توقير وتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فيكون باتباع سُنَّته، والتأدب مع كلامه، وخفض الصوت في مسجده صلى الله عليه وسلم وعند قبره، وعدم مخالفة حديثه لرأي أو مذهب.