قال ابن سعد: «والمجمع عليه أنهم كانوا جميعا من المهاجرين، ولم يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من الأنصار مبعثا حتى غزا بهم بدرا، وذلك أنهم كانوا شرطوا له أنهم يمنعونه في دراهم. وهذا الثّبت عندنا» . وصححه في الموارد. وعقد له لواء أبيض حمله أبو مرثد كنّاز بن الحصين الغنويّ، حليف حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهما، وهو أول لواء عقد في الإسلام كما قال عروة وابن عقبة ومحمد بن عمر وابن سعد وابن عائذ والبيهقي وابن الأثير والدمياطي والقطب وغيرهم وصححه أبو عمر رحمهم الله تعالى.
وذكر ابن إسحاق رحمه الله تعالى أن أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء عبيدة بن الحارث. ثم قال: «واختلف الناس في راية عبيدة وحمزة فقال بعض الناس كانت راية حمزة قبل راية عبيدة وقال بعض الناس راية عبيدة كانت قبل راية حمزة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيّعهما جميعا فأشكل ذلك على بعض الناس» . انتهى. فخرج حمزة رضي الله تعالى عنه بمن معه يعترض عير قريش التي جاءت من الشام تريد مكة، وفيها أبو جهل في ثلاثمائة رجل وقيل في مائة وثلاثين، فبلغ سيف البحر ناحية العيص من أرض جهينة. فلما تصافّوا حجز بينهم مجديّ بن عمرو الجهني وكان حليفا للفريقين جميعا فأطاعوه وانصرفوا ولم يقتتلوا فتوجه أبو جهل في أصحابه وعيره إلى مكة وانصرف حمزة وأصحابه رضي الله تعالى عنهم إلى المدينة.
ولما عاد حمزة بمن معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره بما حجز بينهم مجديّ بن عمرو وأنهم رأوا منه نصفة. وقدم رهط مجديّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكساهم وقال صلى الله عليه وسلم فيما ذكره محمد بن عمر عن مجديّ أيضا: « [إنه- ما] علمت- ميمون النقيبة مبارك الأمر» أو قال: «رشيد الأمر» .