ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوته هذه لطلب كرز بن جابر الفهري، في شهر ربيع الأول على رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره، وكان حمل لواءه علي بن أبي طالب، رضي الله عنه- وكان لواء أبيض، واستخلف على المدينة زيد بن حارثة، وكان كرز بن جابر قد أغار على سرح المدينة فاستاقه، وكان يرعى بالحمى «1» وقد طلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ واديا يقال له (سفوان) «2» من ناحية بدر، وفاته كرز؛ فلم يلحقه، فرجع لى المدينة.
,
ثم سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنين في شوال سنة ست من مهاجرة صلى الله عليه وسلم، في عشرين فارسا نظير غدر ثمانية نفر منهم أسلموا ثم غدروا وقطعوا يد ورجل يسار مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات.
وانقض عليهم المسلمون فساقوهم أسرى إلى رسول الله مأخوذين، وفي المدينة أمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم فصلبوا، ونزل في ذلك قوله تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ «3» .
__________
(1) - الطبقات الكبرى (2/ 92) .
(2) - الطبقات الكبرى (2/ 93) .
(3) - المائدة (5/ 33) .