وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) أَخْبَرَ تَعَالَى بِوُقُوعِ انْشِقَاقِهِ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَإِعْرَاضِ الْكَفَرَةِ عَنْ آيَاتِهِ وَأَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى وُقُوعِهِ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ مِنْ كِتَابِهِ حَدَّثَنَا الْقَاضِي سِرَاجُ بْنُ عَبُدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْأَصِيلِيُّ حَدَّثَنَا المَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ وسُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَةٌ فَوْقَ الْجَبَلِ وَفِرْقَةٌ دُونَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْهَدُوا، وَفِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَفِي بَعْض طُرُقِ الْأَعْمَشِ بِمِنى وَرَوَاهُ أيْضًا عَنِ ابن مَسْعُودٍ الْأَسْوَدُ وَقَالَ حَتَّى رَأَيْتُ الْجَبَل بَيْنَ فُرْجَتَي الْقَمَرِ وَرَوَاهُ عَنْهُ مَسْرُوقٌ أَنّهُ كَانَ بِمَكَّةَ وَزَادَ فَقَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ سَحَرَكُمُ ابن أَبِي كَبْشَةَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ إنَّ مُحَمَّدًا إنْ كَانَ سَحَرَ الْقَمَرَ فَإنَّهُ لَا يَبْلُغُ من سِحْرِهِ أَن يَسْحَرَ الْأَرْضَ كُلَّهَا فَاسْألُوا من يَأتِيكمْ من بَلَدٍ آخَرَ هَلْ رَأَوْا هَذَا فَأتَوْا فَسَألُوهُمْ
__________
(قوله مسدد) قال ابن الجوزى هو ابن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن ارندل ابن سرندل بن عرندل بن ماسك بن المستورة الأسدى (قوله عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ) بفتح الميم وسكون العين المهملة عبد الله بن سخبرة بفتح السين المهملة وسكون الخاء المعجمة (قوله فرجتى القمر) يقال بينهما فرجة بضم الفاء أي انفراج وأما بفتح الفاء فالتفصى عن الهم (قوله عَنِ ابْنِ أَبِي كبشة) قيل أبو كبشة رجل تأله قديما وفارق دين الجاهلية وعبد الشعرى فشبهت المشركون النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ وقيل كانت له عليه السلام أخت من الرضاعة تسمى كبشة وكان أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ يكنى بها وقيل كان (*)
فَأَخْبَرُوهُم أَنَّهُمْ رَأَوْا مِثْلَ ذَلِكَ وَحَكَى السَّمْرَقَنْدِيُّ عَنِ الضَّحَّاكِ نَحْوَهُ وَقَالَ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ هَذَا سِحْرٌ فَابْعَثُوا إِلَى أَهْلِ الآفَاقِ حَتَّى تَنْظُرُوا أَرَأَوْا ذَلِكَ أَمْ لَا فَأخْبَرَ أَهْلُ الآفَاقِ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ مُنْشَقًّا فقالوا يعنى الكافر هَذَا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ وَرَوَاهُ أيْضًا عَنِ ابن مَسْعُودٍ عَلْقَمَةُ فَهُؤلَاءِ الْأَرْبَعَةُ عَنْ عَبدِ اللَّه وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ ابن مَسْعُودٍ كَمَا رَوَاهُ ابن مَسْعُودٍ مِنْهُمْ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاس وَابْنُ عمر وَحُذَيْفَةُ وَعَلِيٌّ وجُبَيْر بن مُطْعِمٍ فَقَالَ عَلِيّ من رِوَايَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ الْأَرْحبِيّ انْشَقّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ * وَعَنْ أَنَسٍ سَألَ أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ حَتَّى رَأَوْا حِرَاءَ بَيْنَهُمَا، وراه عَنْ أَنَسٍ قَتَادَةُ * وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَر وَغَيْرِهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ أَرَاهُمُ الْقَمَرَ مَرَّتَيْنِ انْشِقَاقَهُ
فَنَزَلَتْ (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القمر) وَرَوَاهُ عَنْ جُبَيْر بن مُطْعِمٍ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ ابْنِهِ جُبَيْر بن مُحَمَّدٍ وَرَوَاهُ عَنِ ابن عَبَّاسٍ عُبَيْد اللَّه بن عَبُدَ اللَّه بن عُتْبَةَ وَرَوَاهُ عَنِ ابن عُمَرَ مُجَاهِدٌ وَرَوَاهُ عَنْ حُذَيْفَةَ أَبُو عبد
__________
في أجداده لأمه من يكنى بذلك (قوله الأرحبى) بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الحاء المهملة بعدها باء موحدة وباء للنسبة إلى قبيلة من همدان، وقيل إلى مكان (قوله حراء) بكسر المهملة تمد وتقصر وتذكر وتأنث جبل على ثلاثة أميال من مكة (قوله مرتين) قال ابن قيم الجوزية في كتابه إغائة اللهفان أن المرات مراد بها الأفعال تارة والأعيان أخرى وأكثر ما يستعمل في الأفعال، وأما الأعيان فكما جاء في الحديث انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم مرتين أي فلقتين ولما خفى هذا على من لم يحط به علما زعم أن الانشقاق وقع مرة بعد مرة في زمانين ولم يقع (*)
الرَّحْمنِ السُّلَمِيُّ ومُسْلِم بن أَبِي عِمْرَانَ الْأَزْدِيّ وَأَكْثَرُ طُرُقِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ صَحِيحَةٌ وَالآيَةُ مُصَرّحَةٌ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى اعْتِرَاضِ مَخْذُولٍ بِأنَّهُ لَوْ كان هذا لم يخف عل أَهْل الْأَرْضِ إِذْ هو شئ ظَاهِرٌ لِجَمِيعِهِمْ إِذْ لَمْ يُنْقَلْ لَنَا عَنْ أَهْل الْأَرْضِ رَصَدُوهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَرَوْهُ انْشَقَّ وَلَوْ نُقِلَ إلينا عَمَّنْ لَا يَجُوزُ تَمالُؤُهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ لَمَا كَانَتْ عَلَيْنَا بِهِ حُجَّةٌ إِذْ لَيْسَ الْقَمَرُ فِي حَدِّ وَاحِدٍ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَقَدْ يَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ عَلَى الآخَرِينَ وَقَدْ يَكُونُ من قَوْمٍ بِضِدّ مَا هُوَ من مُقَابِلِهِمْ من أَقْطَارِ الْأَرْضِ أَوْ يَحُولُ بَيْنَ قَوْمٍ وَبَيْنَهُ سَحَابٌ أَوْ جِبَالٌ وَلِهَذَا نَجِدُ الْكُسُوفَاتِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ دُونَ بَعْضٍ وَفِي بَعْضِهَا جُزْئِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا كُلّيّةٌ وَفِي بَعْضِهَا لَا يَعْرِفُهَا إلَّا المُدَّعُونَ لِعِلْمِهَا، ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَآيَةُ الْقَمَرِ كَانَتْ ليلا وَالْعَادَةُ مِنَ النَّاسِ بِاللَّيْلِ الْهُدُوُّ وَالسُّكُونُ وَإِيجَافُ الْأَبْوَابِ وَقَطْعُ التَّصَرُّفِ وَلَا يَكَادُ يَعْرِفُ من
أُمُورِ السَّمَاءِ شَيْئًا إلَّا من رَصَدَ ذَلِكَ وَاهْتَبَلَ بِهِ وَلِذَلِكَ مَا يَكُونُ الْكُسُوفُ الْقَمَرِيُّ كَثِيرًا فِي الْبلَادِ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُ بِهِ حَتَّى يُخْبَرَ وَكَثِيرًا مَا يُحَدّثُ الثَّقَاتُ بِعَجَائِبَ يُشَاهِدُونَهَا من أَنْوَارٍ وَنُجُومٍ طَوَالِعَ عِظَامٍ تَظْهَرُ فِي الأحْيَانِ بِاللّيْلِ فِي السَّمَاءِ وَلَا عِلْمَ عند أَحَدٍ مِنْهَا * وَخَرَّجَ الطحاوي في
__________
الانشقاق إلا مرة واحدة (قوله وإيجاف) بكسر الهمزة وسكون المثناة التحتية وتخفيف الجيم مصدر أوجف أو أغلق (قوله واهتبل) بمثناة فوقية مفتوحة (*)
مُشْكِلِ الْحَدِيثِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ من طَرِيقَيْنِ أَنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوحَى إِلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ فَلَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَلَّيْتَ يَا عَلِيُّ قَالَ لَا فَقَالَ اللَّهُمَّ إنَّهُ كَانَ فِي طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ فَارْدُدْ عَلَيْهِ الشَّمْسَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَرَأَيْتُهَا غربت ثم رأيتها طَلَعت بَعْدَ مَا غَرَبَتْ وَوَقَفَتْ عَلَى الْجِبَالِ وَالْأَرْضِ وَذَلِكَ بِالصَّهْبَاءِ فِي خيْبَرَ قَالَ وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ ثَابِتَانِ وَرُوَاتُهُمَا ثِقَاتٌ * وَحَكى الطَّحَاوِيُّ أَنَّ أَحْمَد بن صَالِحٍ كَانَ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لمن سبله الْعِلْمُ التَّخَلُّفُ عَنْ حِفْظِ حَدِيث أَسْمَاءَ لِأَنَّهُ من عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ * وَرَوَى يُونُسُ بن بُكَيْرٍ فِي زيادَةِ المَغَازِي رِوَايَتَهُ عن ابن إسحق لَمّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَ قَوْمَهُ بِالرُّفْقَةِ وَالْعَلَامَةِ التي فِي العِيرِ قالوا متى تجئ قَالَ يَوْمَ الْأرْبِعَاءِ فَلَمّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ أشرفت
__________
بعدها موحدة مفتوحة أي تخيل (قوله عن أسماء بنت عميس) بضم العين المهملة وفى آخره سين مهملة قال ابن الجوزى في الموضوعات حديث رد الشمس في قصة على موضوع بلا شك (قوله بالصهباء) ممدودة موضع على مرحلة من خير (قوله في العير) بكسر العين المهملة هي القافلة من الإبل والدواب تحمل الطعام وغيره من التجارات ولا يسمى عيرا إلا إذا كانت كذلك (قوله يوم الأربعاء) بتثليث الموحدة
والأجود كسرها كذا في المحكم وقد حبست الشمس ليوشع وللنبِيّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم في صبيحة ليلة الإسراء وفى يوم من أيام الخندق كما ذكره المصنف في غير الشفاء وفى قصة عَلِيٍّ فِي حَدِيث أسماء وحبست لداود كما ذكره الخطيب في كتاب النجوم، وضعف رواية ثقله عنه مغلطاى في سبرته وحبست لسلمان كما ذكره البغوي في سورة ص (*)
قُرَيْشُ يَنْظُرُونَ وَقَدْ وَلَّى النَّهَارُ وَلَمْ تجئ فَدَعَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِيدَ لَهُ فِي النَّهَارِ سَاعَةً وفحبست عَلَيْهِ الشَّمْسُ.
فصل فِي نبع الماء من بين أصابعه وتكثير ببركته أَمَّا الْأَحَادِيثُ فِي هَذَا فَكَثِيرَةٌ جِدًّا رَوَى حَدِيث نَبْعِ الْمَاءِ من أَصَابعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَنَسٌ وَجَابِرٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَقِيهُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ حَدَّثَنَا الْقَاضِي عِيسَى بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَاتِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عمر ابن الفَخَّارِ حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا مالك عن إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله ابن أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتْ صَلاةُ الْعَصْرِ فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ يَدَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ أن يتوضؤا مِنْهُ قَالَ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ فَتَوَضَّأَ الناس حتى توضؤا مِنْ عِنْدَ آخِرِهِمْ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ قَتَادَةُ وَقَالَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ يَغْمُرُ أَصَابِعَهُ أَوْ لَا يَكَادُ يَغْمُرُ قَالَ كَمْ كُنْتُمْ قال زهاء ثلاثمائة وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وهم بالزوراء
__________
(قوله ثنا أبو عيسى ثنا يحيى) الصواب حدثنا أبو عيسى ثنا أبو عبيد الله بن يحيى عن أبيه يحيى لأن أبا عيسى إنما يروى عن عبيد الله بن يحيى عن أبيه (قوله بوضوء) بفتح
الواو وقد تضم (قوله ينبع) بتثليث الموحدة (قوله زهاء) بضم الزاى والمد أي قدر (قوله بالزوراء) بالفتح والمد مكان قريب من المسجد قال الداودى مرتفع كالمنار (*)
عِنْدَ السُّوقِ وَرَوَاهُ أَيْضًا حُمَيْدٌ وَثَابِتٌ وَالْحَسَنُ عَنْ أَنَسٍ وَفِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ قُلْتُ كَمْ كَانُوا قَالَ ثَمَانِينَ رَجُلًا وَنَحْوَهُ عَنْ ثَابِتٍ عَنْهُ وَعَنْهُ أيْضًا وَهُمْ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِينَ رَجُلًا * وَأَمَّا ابن مَسْعُودٍ فَفِي الصَّحِيحِ من رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ عَنْهُ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ.
مَعَنَا مَاءٌ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطْلُبُوا من مَعَهُ فَضْلُ مَاءٍ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَصَبَّهُ فِي إنَاءٍ ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ من بَيْنِ أَصَابعِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ * وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ سَالِمِ بن أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَطشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَرَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا وَأَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ وَقَالُوا لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ إلَّا مَا فِي رَكْوَتِكَ فَوَضَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُور من بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ وَفِيهِ فَقُلْتُ كم كنتم قال لو كنا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا: كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ جَابِرٍ وَفِيهِ أنَّهُ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ * وَفِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بن عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ عَنْهُ فِي حَدِيث مُسْلِمٍ الطّوِيلِ فِي ذِكْرِ غَزْوَةِ بُوَاطٍ قَالَ قَالَ لِي رسول الله صلى الله عليه وسلم يَا جَابرُ نَادِ الْوضُوءَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَأنَّهُ لَمْ يَجِدْ إلَّا قَطْرَةً فِي عَزْلَاءِ شَجْبٍ
__________
(قوله فِي عَزْلَاءِ شَجْبٍ) العزلاء بفتح العين المهملة وسكون الزاى والمد فم المزادة الأسفل والجمع عزاى بكسر اللام وفتحها، والشجب بفتح الشين المعجمة وسكون الجيم وفى آخره موحدة: ما قدم من القرب مثل الشن (*)
فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَمَزَهُ وَتَكَلَّمَ بشئ لَا أَدْرِي مَا هُوَ وَقَالَ نَادِ بِجَفْنَةِ الرَّكْبِ فَأَتَيْتُ فوضعتها بَيْنَ يَدَيْهِ وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَسَطَ يَدَهُ فِي الْجَفْنَةِ وَفَرَّقَ أَصَابِعَهُ وَصَبَّ جَابِرٌ عَلَيْهِ وَقَالَ بِسْمِ اللَّه قَالَ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَفُورُ من بَيْنِ أَصَابِعِهِ ثم فارته الْجَفْنَةُ وَاسْتَدَارَتْ حَتَّى امْتَلَأتْ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالاسْتِقَاءِ فَاسْتَقَوا حَتَّى رَوُوا فَقُلْتُ هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ لَهُ حَاجَةٌ فَرَفَعَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ مِنَ الْجَفْنَةِ وَهِيَ مَلْأَى * وَعَنِ الشَّعْبِيّ أُتِيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسْفَارِهِ بِإِدَاوَةِ مَاءٍ وَقِيلَ مَا مَعَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاءٌ غَيْرَهَا فَسَكَبَهَا فِي رَكْوَةٍ وَوَضَعَ إِصْبَعَهُ وَسَطَهَا وَغَمَسَهَا فِي الْمَاءِ وَجَعَلَ النَّاسُ يَجِيئُونَ ويتوضؤن ثُمَّ يَقُومُونَ، قَالَ الترْمِذيّ وَفِي الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ وَمِثْلُ هَذَا فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ الْحَفِلَةِ وَالْجُمُوعِ الْكَثِيرَةِ لَا تَتَطَرَّقُ التُّهْمَةُ إِلَى الْمُحَدَّثِ بِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَسْرَعَ شئ إِلَى تَكْذِيبِهِ لِما جُبِلَتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ من ذَلِكَ وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا مِمَّنْ لَا يَسْكُتُ عَلَى بَاطِلٍ، فَهَؤْلَاءِ قَدْ رَوَوْا هَذَا وَأَشَاعُوهُ وَنَسَبُوا حُضُورَ الْجَمَّاءِ الْغَفِيرِ لَهُ وَلَمْ ينْكِرْ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِم مَا حَدَّثُوا بِهِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ فَعَلُوهُ وَشَاهَدُوهُ فَصَارَ كَتَصْدِيقِ جَمِيعِهِمْ لَهُ
(فصل) وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا من مُعْجِزَاتِه تَفْجِيرُ الْمَاءِ بِبَرَكَتِهِ وَابْتعاثِهِ بِمسّهِ وَدَعْوَتِهِ * فِيمَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوطَّأ عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ فِي قِصَّةِ غَزْوةِ
__________
(قوله ثُمَّ فَارَتِ الْجَفْنَةُ واستدارت) في صحيح مسلم ثم قارب الجفنة ودارت (قوله بإداوة) بكسر الهمزة وتخفيف الدال المهملة أي مطهرة (*)
تَبُوكَ وَأَنَّهُمْ وَرَدوا الْعَيْنَ وَهِيَ تَبِضُّ بشئ من مَاءٍ مِثْلِ الشراك فغرفوا
مِنَ الْعَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى اجْتَمَعَ فِي شئ ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَجْههُ وَيَدَيْهِ وَأَعَادَهُ فِيهَا فَجَرَتْ بِمَاءٍ كَثِيرٍ فَاسْتَقَى النَّاسُ قَالَ فِي حَدِيث ابن إِسْحَاق فَانْخَرَقَ من الماء ماله حِسّ كَحِسّ الصَّوَاعِقِ ثُمَّ قَالَ: يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى مَا هَا هُنَا قَدْ ملئ جِنَانًا * وَفِي حَدِيث الْبَرَاءِ وَسَلَمَةَ بن الْأَكْوَعِ وَحَدِيثُهُ أَتَمُّ فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَهُمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَبِئْرُهَا لَا تَرْوِي خَمْسِينَ شَاةً فَنَزَحْنَاهَا فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَبَاهَا قَالَ البراء وأتى بدلوا مِنَّا فَبَصَقَ فَدَعَا وَقَالَ سَلَمَةُ فَإِمَّا دَعَا وَإِمَّا بَصَقَ فِيهَا فَجَاشَتْ فَأَرْوَوْا أنْفُسَهُمْ وَرِكَابَهُمْ وَفِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الرّوَايَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ من طَرِيقِ ابن شِهَابٍ فِي الْحُدَيْبِيَةِ فَأَخْرَجَ سَهْمًا من كِنَانَتِهِ فَوضَعَهُ فِي قَعْرِ قَلِيبٍ لَيْسَ فِيهِ ماءٌ فَرَوِيَ النَّاسُ حَتَّى ضَرَبُوا بِعَطَنٍ * وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَذَكَرَ أَنَّ النَّاسَ شَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
__________
(قَوْله تبص) من البصيص بالصاد المهملة وهو البريق واللمعان وبالضاد المعجمة القطر والسيلان القليل (قوله خمسين شاة) قال المزى المعروف عند أهل الحديث خمسين أشاة والأشاة النخلة الصغيرة (قوله على جباها) بفتح الجيم وتخفيف الموحدة والقصر أي ما حول فمها (قوله فجاشت) بالجيم والشين المعجمة أي فارت وارتفعت (قوله حَتَّى ضَرَبُوا بِعَطَنٍ) أي رووا ورويت إبلهم حتى بركت لأن عطن الابل مباركها وذلك حول الماء حتى تعاد إلى الشرب (*)
وَسَلَّمَ الْعَطَشَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَدَعَا بِالْمِيضَأةِ فَجَعلَهَا فِي ضِبْنِهِ ثُمَّ الْتَقَمَ فَمَهَا فَالله أَعْلَمُ نَفَثَ فِيهَا أَمْ لَا فَشَرِبَ النَّاسُ حتى رووا وملوا كُلَّ إنَاءٍ مَعَهُمْ فَخُيّلَ إِلَيَّ أنَّهَا كَمَا أَخَذَهَا مِنّي وَكَانُوا اثْنَيْنِ وَسبْعِينَ رَجُلًا، وَرَوَى
مِثْلَهُ عِمْرَانُ بن حُصَيْن وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ حَدِيث أَبِي قَتَادَةَ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بهم ممدا لأهل مؤتة عند ما بلغه قتل الأمراء وذكر حَدِيثًا طَوِيلًا فِيهِ معجزات وآيات للنبي صلى اللَّه عليه وسلم وَفِيهِ إعْلَامُهُمْ أَنَّهُمْ يَفْقِدُونَ الْمَاءَ فِي غَدٍ وَذَكَرَ حَدِيث الْمِيضَأَةِ قَالَ وَالْقَوْمُ زُهَاءُ ثلثمائة وَفِي كِتَابِ مُسْلِم أنَّهُ قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ احْفَظْ عَلَيَّ ميضأتك فإله سَيكُونُ لَهَا نَبَأ وَذَكَرَ نَحْوَهُ وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيث عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ حِينَ أصَابَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ عَطَشٌ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِمْ فَوَجَّهَ رَجُلَيْنِ من أَصْحَابِهِ وأعلمها أَنَّهُمَا يَجِدَانِ امْرَأةً بمِكَانِ كَذَا مَعَهَا بغير عَلَيْهِ مَزَادَتَانِ الْحَدِيثَ فوجداها وأتيابها إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ فِي إنَاءٍ من مزادتيها
__________
(قوله بالميضأة) بكسر الميم وسكون المثناة التحتية وفتح الضاد المعجمة وهمزة: هي آلة الوضوء (قوله ضبنه) بكسر الضاد المعجمة وسكون الموحدة بعدها نون فهاء للضمير، والضبن ما بين الكشح إلى الإبط قاله الخطابى في غريب الحديث (قوله نفث) أي نفخ لا ريق معه (قوله لأهل مؤتة) بضم الميم وسكون الهمزة وقد تبدل واوا (قوله والقوم زهاء) قال المزى: الوجه نصب زهاء ولكن أهل الحديث يرفعونه (قوله وجه رجلين) هما عمير بن حصين وَعَلِيُّ بن أَبِي طالب (قوله مزادتان) المزادة بفتح الميم وتخفيف الزاى أكبر من القربة قال ابن قرقول وقيل ما زيد فيه جلد ثالث بين جلدين لتبيع (19 - 1) (*)
وَقَالَ فِيهِ مَا شَاءَ اللَّه أنْ يَقُولَ ثُمَّ أَعَادَ الْمَاءَ فِي الْمَزَادَتَيْنِ ثُمَّ فُتِحَتْ عَزَاليهِمَا وأمر الناس فملؤا أَسْقِيَتَهُمْ حَتَّى لَمْ يَدَعُوا شَيْئًا إلَّا ملؤه قَالَ عِمْرَانُ وَيُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَمْ تزداد إلَّا امْتِلَاءً ثُمَّ أَمَرَ فَجُمِعَ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الْأَزْوَادِ حَتَّى مَلَأ ثَوْبَهَا وَقَالَ الذهبي فَإنَّا لَمْ نَأْخُذْ من مَائِكِ شَيْئًا وَلَكِن الله سقايا - الْحَدِيثَ بِطُولِهِ - وَعَنْ سَلَمَةَ بن الْأَكْوَعِ: قَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ من وُضُوءٍ فَجَاءَ رَجُلٌ بِإِدَاوَةٍ فِيهَا نُطْفَةٌ فَأَفْرَغَهَا فِي قَدَحٍ فَتَوَضَّأْنَا كُلُّنَا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَفِي حَدِيث عُمَرَ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ وَذَكَرَ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْعَطَشِ حَتَّى إنَّ الرَّجلَ لَينْحَرُ بَعِيرهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ فَرَغِبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّعَاءِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَرْجِعْهُمَا حَتَّى قَالَت السَّمَاءُ فَانْسَكَبَتْ فملؤا مَا مَعَهُمْ من آنِيَةٍ وَلَمْ تُجَاوِزِ الْعَسْكَرَ وَعَنْ عَمْرو بن شُعَيْبٍ أَنَّ أبَا طَالِبٍ قَالَ للنَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَدِيفُهُ بِذِي الْمَجَازِ عَطِشْتُ وَلَيْسَ عِنْدِي مَاءٌ فَنَزَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَرَبَ بِقَدَمِهِ الْأَرْضَ فَخَرَجَ الْمَاءُ فَقَالَ اشْرَبْ وَالْحَدِيثُ في هذا الباب الكثير وَمِنْهُ الْإِجَابَةُ بِدُعَاءِ الاستسقاء وما جالسه.
__________
(قوله فيها نطفة) أي شئ يسير (قوله ندغفقه) من الدغفقة بالدال المهملة فالغين المعجمة والفاء فالقاف وهى الصب الشديد (قوله فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ) يعنى غزوة تبوك (قوله بذى المجاز) بالميم المفتوحة والجيم المخففة والزاى سوق عند عرفة من أسواق الجاهلية (*)
فصل وَمِنْ معجزاته تكثير الطعام ببركته ودعائه حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَبُو عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا العذري حدثنا الرازي حَدَّثَنَا الْجُلُودِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا سلمة ابن شَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطْعِمُهُ فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيٍر فَمَا زَالَ يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفُهُ حَتَّى كَالَهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَوْ لم تَكِلْهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَلقَامَ بِكُمْ * وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيث أَبِي طَلْحَةَ الْمَشْهُورُ وَإِطْعَامُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِينَ أَوْ سَبْعِينَ رَجُلًا من أقراص من شَعِيرٍ جَاءَ بِهَا أَنَسٌ تَحْتَ يَدِهِ أَيْ إِبْطِهِ فأمر بها فقتت وَقَالَ فِيهَا مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يَقُولَ، وَحَدِيث جَابِرٍ فِي إِطْعَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَلْفَ رَجُلٍ من صَاعِ شَعِيرٍ وَعَنَاقٍ وَقَالَ جَابِرٌ فَأُقْسِمُ بِالله لأكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا وَإنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغطُّ كَمَا هِيَ وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَقَ فِي الْعَجِينِ وَالْبُرْمَةِ وَبَارَكَ، رَوَاهُ عَنْ جَابِر سَعِيدُ بن مِينَاءَ وَأَيْمَنُ وَعَنْ ثَابِتٍ مِثْلَهُ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَامْرَأَتِهِ وَلَمْ يُسَمّهِمَا قَالَ وجئ بِمِثْلِ الْكَفّ فَجَعَلَ
__________
(قوله ابن مينا) بكسر الميم والمد أو القصر (قوله وأيمن) هو أيمن الحبشى المكى والد عبد الواحد بن أمين مَوْلَى ابْنِ أَبِي عمرة المخزومى وَفِي كِتَاب ابن حيان إنه أيمن بن أُمّ أيْمَن مَوْلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد بأن أيمن بن أم أيمن قتل في حنين (*)
رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْسُطُهَا فِي الْإنَاءِ وَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ فَأَكَلَ مِنْهُ مَنْ فِي الْبَيْتِ وَالْحُجْرَةِ وَالدَّارِ وَكَانَ ذَلِكَ قَدِ امْتَلَأَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ وَبَقِيَ بَعْدَ مَا شَبِعُوا مِثْلُ مَا كَانَ فِي الْإِنَاءِ، وَحَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ أنَّهُ صَنَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَلِأَبِي بَكْرٍ من الطغام زُهَاءَ مَا يَكْفَيهِمَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادْعُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ فَدَعَاهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوا ثُمَّ قَالَ ادْعُ سِتِّينَ فَكَانَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ ادْعُ سَبْعِينَ فَأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَمَا خَرَجَ مِنْهُمْ أَحَدٌ
حَتَّى أَسْلَمَ وَبَايَعَ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَأَكَلَ من طَعَامِي مِائَةٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا، وَعَنْ سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ أُتِي النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقصْعَةٍ فيها لخم فَتَعَاقَبُوهَا من غُدْوةٍ حَتَّى اللَّيْلِ يَقُومُ قَوْمٌ ويَقْعُدُ آخَرُونَ، وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيث عَبْد الرَّحْمنِ بن أَبِي بَكْر كُنَّا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ أنَّهُ عُجِنَ صَاعٌ من طَعَامٍ وَصُنِعَتْ شَاةٌ فَشُوِيَ سَوَادُ بَطْنِهَا قَالَ وَأيْمُ اللَّه مَا مِنَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ إلَّا وَقَدْ حَزَّ لَهُ حَزَّةً من سَوَادِ بَطْنِهَا ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ فَأَكَلْنَا أَجْمَعُونَ وَفَضلَ فِي الْقَصْعَتَيْنِ
__________
(قوله بقصعة) بفتح القاف (قوله سواد بطنها) هو الكبد وقيل حشوا البطن كله (قوله حزة) بضم الحاء المهملة وتشديد الزاى: القطعة المحزوزة وبفتح الحاء المرة من الحز (قوله وفضل) قال الصنمرى فضل يفضل بفتح العين في المعاضى وضمها في المستقبل من الفضل وهو السؤدد وبالكسر في الماضي والفتح في المستقبل من الفضلة وهى بقية الشئ وفى الصحاح فضل منه شئ مثل دخل يدخل وفيه لغة أخرى فضل يفضل مثل حذر يحذر (*)
فَحَمَلْتُهُ عَلَى الْبَعِيرِ، وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيث عَبْدِ الرَّحْمنِ بن أَبِي عَمْرَة الْأَنْصَارِيّ عَنْ أَبِيهِ وَمِثْلُهُ لِسَلَمَةَ بن الْأَكْوَعِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعُمَرَ بن الْخطَّابِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَذَكَرُوا مَخْمَصَةً أَصَابَتِ النَّاس مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْض مَغَازِيهِ فَدَعَا بِبَقِيَّةِ الْأَزْوادِ فَجَاءَ الرَّجُلُ بِالْحَثْيةِ مِنَ الطَّعَامِ وَفَوْقَ ذَلِكَ وَأَعْلَاهُمُ الَّذِي أَتَى بِالصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ فَجَمَعَهُ عَلَى نِطْع قَالَ سَلَمَةُ فَحَزَرْتُهُ كَرَبْضَةِ الْعَنْزِ ثُمَّ دَعَا النَّاسَ بِأَوْعيتِهِمْ فَمَا بَقِيَ فِي الْجَيْشِ وِعَاء إلا ملؤوه وَبَقِيَ مِنْهُ قَدْرُ مَا جُعِلَ وَأَكْثَرُ وَلَوْ وَردَهُ أَهْلُ الْأَرْضِ لَكَفَاهُمْ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَمَرَنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أدعوا لَهُ
أَهْلَ الصُّفَّةِ فَتَتَبَّعْتُهُمْ حَتَّى جَمَعْتُهُمْ فَوُضِعَتْ بَيْنَ أَيْدِينَا صَحْفَةٌ فَأَكَلْنَا مَا شِئْنَا وَفَرَغْنَا وَهِيَ مِثْلُهَا حِينَ وُضِعَتْ إلا أنا فِيهَا أَثَرَ الْأَصَابعِ، وَعَنْ عَلِيّ بن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ جَمَعَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي عَبد المُطَّلِبْ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ مِنْهُمْ قَوْمٌ يَأْكُلُونَ الْجَذَعَةَ وَيَشْرَبُونَ الْفَرْقَ فَصَنَعَ لَهُمْ مُدًّا من طَعَامٍ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبعُوا وَبَقِيَ كَمَا هُوَ ثُمَّ دَعَا
__________
(قوله مخمصة) أي مجاعة (قوله بالحثية) بفتح الحاء المهملة من حثى يحثا (قوله على نطع) يجوز فيه فتح النون وكسرها مع سكون الطاء وفتحها فهذه أربع لمات أفضحها كسر النون وفتح الطاء (قوله كربضة) بفتح الراء وسكون الموحدة قال ابن دريد بكسر الراء يقال ربضت الغنم تربض بالكسر وربوضا وهو من البقر والعم والفرس والكلب مثل البروك من الإبل والجثوم من الطير (قوله أهل الصفة) في صحيح الْبُخَارِيّ من حديث أبي هريرة لقد رأيت سبعين من أهل الصفة وعد أبوهم في الحليلة منهم مائة ونيفا وفى عوارف المعارف السهروردى إنهم كانوا نحو أربعمائة (*)
بعص فَشَرِبُوا حَتَّى رُوُوا وَبَقِيَ كَأنَّهُ لَمْ يُشْرَبْ مِنْهُ وَقَالَ أَنَسٌ إنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ ابْتَنَى بِزيْنَب أَمَرَهُ أنْ يَدْعُو لَهُ قَوْمًا سَمَّاهُمْ وَكُلَّ من لَقِيتَ حَتَّى امْتَلأ الْبَيْتُ وَالْحُجْرَةُ وَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ تَوْرًا فِيهِ قَدْرُ مُدّ من تَمْرٍ جُعِلَ حَيْسًا فَوَضَعَهُ قُدَّامَهُ وَغَمَسَ ثَلَاثَ أَصَابِعِهِ وَجَعَلَ الْقَوْمُ يَتَغَدَّوْنَ وَيَخْرَجُونَ وَبَقِيَ التَّوْرُ نَحْوًا مِمَّا كَانَ وَكَانَ الْقَوْمُ أَحَدًا أَو اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَفِي رِوَايَة أُخْرَى فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَوْ مِثْلِهَا إنَّ الْقَوْمَ كانوا زهاء ثلثمائة وَإِنَّهُمْ أَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَقَالَ لِي ارْفَعْ فَلَا أَدْرِي حِينَ وُضِعَتْ كَانَتْ أَكْثَرَ أَمْ حِينَ رُفِعَتْ وَفِي حَدِيثِ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ طَبَخَتْ قِدْرًا لِغَدائِهِمَا وَوَجَّهَتْ عَلِيًّا
إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَتَغَدَّى مَعَهُمَا فَأَمَرَهَا فَغَرَفَتْ مِنْهَا لِجَمِيعِ نِسَائِهِ صَحْفَةً صَحْفَة ثُمَّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولعَلِيّ ثُمَّ لَهَا ثُمَّ رَفَعَتِ القِدْرَ وَإنَّهَا لَتَفِيضُ قَالَتْ فَأَكَلْنَا مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّه * وَأَمَرَ عُمَرَ بن الخطاب
__________
(قوله بعس) بضم العين وتشديد السين المهملتين هو قدح ضخم (قوله ابتنى) ترتيب المعروف إن ذلك لما ابتنى بصفية وفى شرح مسلم للمصنف إن الراوى أدخل قصة في قصة (قوله تور) بالمثناة الفوقية وهو إناء شبه قدح من حجارة (قوله حيسا) بفتح المهملة وسكون المثناة التحتية بعدها سين مهملة هو تمر وسمن وأقط وقال ابن الصلاح هو التمر ينزع نواه ويخلط بالسويق (قوله يتغدون) من الغداء بفتح الغين المعجمة والدال المهملة والمد هو الطعام نفسه خلاف العشاء لما في صحيح مسلم فدعا بعد ارتفاع النهار وأما الغذاء بكسر الغين وبالذال المعجمتين والمد هو ما يتغذى به من الطعام والشراب (*)
أن يزود أَرْبعمائَةِ رَاكِبٍ من أَحْمَسَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّه مَا هِيَ إلَّا أَصوُعٌ قَالَ اذْهَبْ فَذَهَبَ فَزَوَّدَهُمْ مِنْهُ وَكَانَ قَدْرَ الْفَصِيلِ الرَّابِضِ مِنَ التَّمْرِ وَبَقِيَ بِحَالِهِ من رِوَايَةِ دُكَيْنٍ الْأَحْمَسِيّ وَمِنْ رِوَايَةِ جَرِيرٍ وَمِثْلُهُ من رِوَايَةِ النُّعْمَانِ بن مُقَرّنٍ الْخَبَرُ بِعَيْنِهِ إلَّا أنَّهُ قَالَ أَرْبعمائَةِ رَاكِبٍ من مُزَيْنَةَ وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيث حابر فِي دَيْنِ أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَدْ كَانَ بَذَلَ لِغُرَمَاءِ أَبِيهِ أَصْلَ مَالِهِ فَلَمْ يَقْبَلُوهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي ثَمَرِهَا سَنَتَينِ كَفَافُ دَيْنِهِمْ فجاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أنْ أمره بحدها وَجَعْلِهَا بيادر فِي أَصُولِهَا فَمَشَى فِيهَا وَدَعَا فَأوْفَى مِنْهُ جَابِرٌ غُرَمَاءَ أَبِيهِ وَفَضَلَ مِثْلُ مَا كَانُوا يَجِدُّونَ كُلَّ سَنَةٍ وَفِي رِوَايَة مِثْل مَا أَعْطَاهُمْ قَالَ وَكَانَ الْغُرَمَاءُ يَهُودَ فَعَجِبُوا من ذَلِكَ) وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَصَابَ النَّاس
مَخْمَصَةٌ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ من شئ قلت نعم شئ مِنَ التَّمْرِ فِي الْمِزْوَدِ قَالَ فَأْتِنِي بِهِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ.
فَأَخْرَجَ قَبْضَةً فَبَسَطَهَا وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ قَالَ ادْعُ عَشَرَةً فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ عَشَرَةً كَذَلِكَ حَتَّى أَطْعَمَ الْجَيْشَ كُلَّهُمْ وَشَبِعُوا قَالَ خُذْ مَا جِئْتَ بِهِ وَأَدْخِل
__________
(قوله أصوع) بضم الواو جمع صاع وفى الصحاح وإن شئت أبدلت من الواو المضمومة همزة (قوله دكين) بضم الدال المهملة وفتح الكاف هو ابن سعيد بفتح السين ويقال بضمها ويقال ابن سعد له صحبة وحديث في أبى داود في الأدب (قوله يجدها) بالجيم والدال المهملة أي قطعها ومنه ثوب جديد بمعنى مجدود كأنه حين جده الجائد أي قطعه (قوله في المزود) بكسر الميم وسكون الزاى ما يجعل فيه الزاد (قوله بقبضة) بفتح القاف: المرة، وبضمها: الشئ المقبوض (*)
يَدَكَ وَاقْبِضْ مِنْهُ وَلَا تَكُبّهُ فَقَبَضْتُ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا جِئْتُ بِهِ فَأَكَلْتُ مِنْهُ وَأَطْعَمْتُ حَيَاةَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِلَى أنْ قُتِلَ عُثْمَانُ فَانْتُهِبَ مِنّي فَذَهَبَ وَفِي رِوَايَة فَقَدْ حَمَلْتُ من ذَلِكَ التَّمْر كَذَا وَكَذَا من وَسْقٍ فِي سَبِيلِ اللَّه وَذُكِرَتْ مِثْلُ هَذِهِ الْحِكَايَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَأَنَّ التَّمْرَ كَانَ بِضْعَ عَشْرَةَ تَمْرَةً وَمِنْهُ أيْضًا حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ حِينَ أَصَابَهُ الْجُوعِ فَاسْتَتَبَعَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ قَدْ أُهْدِيَ إليْهِ وَأَمَرَهُ أنْ يَدْعُو أَهْل الصُّفّةِ قَالَ فَقُلْتُ مَا هَذَا اللَّبَنُ فِيهِمْ كُنْتُ أَحَقَّ أنْ أُصِيبَ مِنْهُ شَرْبَةً أَتَقوَّى بِهَا فَدَعَوْتُهُمْ وَذَكَرَ أَمْرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أنْ يَسْقِيهُمْ فَجَعَلْتُ أُعْطِي الرَّجْلَ فَيَشْرَبَ حَتَّى يَرْوى ثُمَّ يَأْخُذُهُ الآخَرُ حَتَّى رَوِيَ جَمِيعُهُمْ قَالَ فَأَخَذَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَدَحَ وَقَالَ بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ اقْعُدْ فَاشْرَبْ فَشَرِبْتُ ثُمَّ قَالَ اشْرَبْ وَمَا زَالَ يَقُولُهَا وَأَشْرَبُ حَتَّى قُلْتُ لَا وَالذِي بَعثَكَ بِالْحَقّ مَا أَجِدُ لَهُ
مَسْلَكًا فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّه وَسَمَّى وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ وَفِي حَدِيث خَالِد بن عَبد الْعُزَّى أنَّهُ أَجْزَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً وَكَانَ عِيالُ خَالِدٍ كثيرا
__________
(قوله إِلَى أنْ قُتِلَ عثمان) كان في سنة خمس وثلاثين (قوله أَجْزَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً) بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح الزاى بعدها راء قال ابن السكيت يقال أجزرت القوم إذا أعطيتهم شاة يذبحونها نعجة أو كبشا أو عنزا قَالَ وَلَا يَكُونُ الجزوة إلا من الغنم ولا يقال أجزرتهم ناقة لأنها قد تصلح لغير الذبح (*)
يَذْبَحُ الشَّاةَ فَلَا تُبِدُّ عِيَالَهُ عَظْمًا وَإنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ من هَذِهِ الشَّاةِ وَجَعَلَ فَضْلَتَهَا فِي دَلْوِ خَالِدٍ وَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ فَنَثَرَ ذَلِكَ لِعِيَالِهِ فَأَكَلُوا وَأَفضَلُوا ذَكَرَ خَبَرَهُ الدُّولَابِي وَفِي حَدِيث الآجُرّيّ فِي إِنْكَاحِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيّ فَاطِمَةَ أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا بِقَصْعَةٍ من أَرْبَعَةِ أَمْدَادٍ أَوْ خمسة ويذبح جوزرا لوليتها قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِذَلِكَ فَطَعَنَ فِي رَأْسِهَا ثُمَّ أَدْخَلَ النَّاسِ رُفْقَةً رُفْقَةً يَأْكُلُونَ مِنْهَا حَتَّى فَرغُوا وَبَقِيتْ مِنْهَا فَضْلَةٌ فَبَرَّكَ فِيهَا وَأَمَرَ بِحَمْلِهَا إِلَى أَزْوَاجِهِ وَقَالَ كُلْنَ وَأَطْعمْنَ من غَشِيَكُنَّ وَفِي حَدِيث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَنَعَتْ أُمّي أُمُّ سُلَيْمٍ حَيْسًا فَجَعَلَتْهُ فِي تَوْرٍ فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ضَعْهُ وَادْعُ لِي فُلَانًا وَفُلَانًا وَمِنْ لَقِيتَ فَدَعَوْتُهُمْ وَلَمْ أَدَعْ أَحَدًا لَقيتُهُ إلَّا دَعَوْتُهُ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا زُهَاءَ ثلثمائة حتى ملؤوا الصُّفَّةَ وَالْحُجْرَةَ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَلَّقُوا عَشْرَةً عَشْرةً وَوَضَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى الطَّعَامِ فَدَعَا فِيهِ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّه أنْ يَقُول فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا كُلُّهُمْ فَقَالَ لِي ارْفَعْ فَمَا أَدْرِي حِينَ وُضِعَتْ كَانَتْ
أَكْثَرَ أَم حِينَ رُفِعَتْ وَأَكْثَرُ أَحَادِيثِ هَذِهِ الْفُصُولِ الثَّلاثَةِ فِي الصَّحِيحِ وَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَى مَعْنَى حَدِيث هذا الفضل بِضْعَةَ عَشَرَ مِنَ الصحابة رواه
__________
(قوله تبد) بضم المثناة الفوقية وكسر الموحدة، في الصحاح والتبدة بالكسر النصيب يقول منه أتبدهم العطاء أي أعطى كل واحد منهم تبده أي نصيبه (*)
عَنْهُمْ أَضْعَافُهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ ثُمَّ من لَا يَنْعَدُّ بَعْدَهُمْ وَأَكْثَرُهَا فِي قِصَصٍ مَشْهُورَةٍ وَمَجَامِعَ مَشْهُودَةٍ وَلَا يَسْكُتُ الْحَاضِرُ لَهَا عَلَى مَا أُنْكِرَ مِنْهَا
فصل (في كلام الشجر وشهادتها لَهُ بالنبوة وإجابتهَا دعوته) قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَلْبُونَ الشَّيْخُ الصَّالِحُ فِيمَا أجازينه عَنْ أَبِي عَمْرٍو الطَّلَمَنْكِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ المُهَنْدِسِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَويِّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عمران الأخلمى حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ وَكَانَ صَدُوقًا عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ فَدَنَا مِنْهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا أَعْرَابِيُّ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ إِلَى أَهْلِي قَالَ هَلْ لَكَ إِلَى خَيْرٍ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى مَا تَقُولُ قَالَ هَذِهِ الشَّجَرَةُ السَّمُرَةُ وَهِيَ بِشَاطِئِ الْوَادِي فَأَقْبَلَتْ تَخُدُّ الْأَرْضَ حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَاسْتَشْهَدَهَا
__________
(قوله فيما أجازنيه) هذه لغة حكاها ابن فارس والمعروف أجازه لى (قوله عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ البغوي) هو الحافظ الكبى المسند، البغوي الأصل مولده سنة أربع عشرة وعاش مائة وثلاث سنين (قوله أبو حيان) بفتح الحاء المهملة بعدها مثناة تحتية مشددة وعن البزى إنه سقط بين أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ الأحنسى وبين أبى حيان التيمى رجل ولعله يكون مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ثم قال بل هُو مُحَمَّد بن فضيل فانه يرويه عنه وأما الأحنسى
فلم يدرك أبا حيان (قوله السمرة) بضم الميم شجرة من شجر الطلح (قوله تخد) بضم الخاء المعجمة أي تشق (*)
ثَلَاثًا فَشَهِدَتْ أنَّهُ كَمَا قَالَ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا، وَعَنْ بُرَيْدَةَ سَألَ أَعْرَابِيّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةً فَقَالَ لَهُ قُلْ لِتِلْك الشَّجَرَةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم يدعوك قال فمالت الشَّجَرَةُ عَنْ يَمِينِهِا وَشِمَالِهَا وَبَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا فَتَقَطَّعَتْ عُرُوقُهَا ثُمَّ جَاءَتْ تَخُدُّ الْأَرْض تَجُرُّ عُرُوقَهَا مُغْبَرَّةً حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُول اللَّه قَالَ الْأَعْرَابِيُّ مُرْهَا فَلْتَرْجِعْ إِلَى مَنْبَتِهَا فَرَجَعَتْ فَدَلَّتْ عُرُوقَها فَاسْتَوَتْ فَق