لما انقضت غزوة الخندق، وفرغ النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من أمر بني قريظة، كان من أكابر مجرمي اليهود الذين شاركوا في تحزيب الأحزاب ضد المسلمين، وأعانهم بالمؤن والأموال الكثيرة رجل اسمه سلَّام بن أبي الحقيق، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان حقيقا على المسلمين أن يضعوا حدًّا لشرِّه وعداوته، ولما كانت الأوس قد قتلت كعب بن الأشرف قبل أحد في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، استأذنت الخزرجُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في قتله وهو بخيبر، فأذِنَ لهم الرسولُ صلى الله عليه وسلم، ونهاهم عن قتل النساء والصبيان.
فخرج خمسة رجال كلهم من بني سلمة من الخزرج، قائدهم عبد الله بن عتيك، واتجهوا نحو خيبر، حتى دنوا من حصن سلام وقاموا على بابه.
فاستأذنوا عليه فخرجت إليهم امرأته، فقالت: من أنتم؟ قالوا: ناس من العرب نلتمس الطعام.
فأذنت لهم فدخلوا عليه واشتركوا في قتله وهو على فراشه ليلا.
وفي طريق خروجهم وكان الظلام يعم أرجاء المكان انثنت رجل عبد الله بن عتيك فوقع وقد انكسرت ساقه، فحملوه، وأوقد اليهود النيران وبحثوا عنهم في كل مكان، وأراد عبد الله بن حتيك ومن معه أن يتأكدوا من موت سلام، فخرج رجل منهم يلتمس الخبر، حتى دخل وسط الناس وسمع امرأة سلام وهي تخبر بأنه قد قتل.
قم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بقتل عدو الله.
(1) [السيرة النبوية لابن هشام].