وكان عليه الصلاة والسلام يصلي حيث أدركته الصلاة، حتى بنى المسجد باللّبن وسقفه بالجريد، وجعل عمده خشب النخل، وجعل قبلته للقدس، وجعل له ثلاثة أبواب: بابا في مؤخره، وبابا يقال له باب الرحمة، والباب الذي يدخل منه (3).
فلما كان أيام عمر رضي الله عنه، زاد فيه، وبناه على بنائه الأول، ثم غيره عثمان رضي الله عنه، وزاد فيه زيادة كبيرة، وبنى جدره بالحجارة المنقوشة والقصّة، وجعل عمده حجارة منقوشة، وسقفه بالساج (4).
ثم وسعه ببيوت نسائه عليه الصلاة والسلام عمر بن عبد العزيز في
_________
(1) دلائل البيهقي 2/ 532 من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب.
(2) طبقات ابن سعد 1/ 237 - 238، وأنساب الأشراف 1/ 270.
(3) الطبقات 1/ 239 - 240. وانظر التخريج الآتي.
(4) أخرجه الإمام البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصلاة، باب بنيان المسجد (446). والقصّة: الجص بلغة أهل الحجاز. والساج: نوع من الشجر.
إمرة الوليد بن عبد الملك (1).
ثم بناه المهدي في سنة ستين ومائة (2).
ثم زاد فيه المأمون وأتقن بنيانه في سنة اثنتين ومائتين (3).
قال السهيلي: وهو على حاله إلى الآن (4).
وهلك في تلك الأيام أبو أمامة أسعد بن زرارة بالذّبحة (5) -وسيأتي عن ابن الجزار خلافه-وكلثوم بن الهدم (6).
_________
(1) انظر الخبر كاملا في الطبري 6/ 435 - 436، والمنتظم 6/ 283 - 285.
(2) الطبري 8/ 133، والمنتظم 8/ 238، وهي توسعة ليست بناء.
(3) كذا في الروض، ولم أجد في الطبري أو المنتظم أو كامل ابن الأثير في حوادث سنة اثنتين ومائتين ذكرا لزيادة المأمون أو بنائه للمسجد النبوي الشريف، ثم رأيتهما عند ابن قتيبة في المعارف ص/562/حيث يقول: وزاد فيه المأمون زيادة كثيرة ووسعه، ثم يذكر: أنه قرأ على موضع زيادة المأمون: «أمر عبد الله بعمارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة اثنتين ومائتين. . .». وقال السمهودي في وفاء الوفا 2/ 540: ولم أر في كلام أحد من مؤرخي المدينة، أن المسجد الشريف زيد فيه بعد المهدي، لكن قال الزين المراغي ما لفظه: وقيل: إن المأمون زاد فيه وأتقن بنيانه أيضا في سنة اثنتين ومائتين. قال السهيلي: وهو على حاله، ورزين ينكر ذلك، ويمكن الجمع بأنه جدده ولم يزد. قال السمهودي: ولم أر في كلام رزين تعرضا لحكاية ذلك حتى ينكره، وهذا بعيد جدا لأن من أدرك زمن المأمون من مؤرخي المدينة لم يتعرض لشيء من ذلك. ثم ذكر السمهودي كلام ابن قتيبة، وقال: لا دلالة فيه. . .
(4) الروض الأنف 2/ 248.
(5) كذا في السيرة 1/ 507. والذّبحة، ويجوز تسكين الباء: وجع في الحلق، أو دم يخنق فيقتل.
(6) ابن قتيبة (المعارف 152)، والطبري 2/ 397، وذكر وفاته أولا ثم بعده أسعد بن زرارة، رضي الله عنهما قبل بناء المسجد، وقال ابن سعد 3/ 623 - 624: توفي قبل أن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر بيسير.