وفى هذه السنة لهلال المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من الهجرة كانت سرية أبى سلمة عبد الله بن عبد الاسد بن هلال بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم معه مائة وخمسون رجلا من المهاجرين والانصار لطلب طليحة وسلمة ابنى خويلد الاسديين الى قطن بفتح أوّله وثانيه جبل بناحية فيد كذا فى المواهب اللدنية وفى غيره ببلاد بنى أسد على يمينك اذا فارقت الحجاز وأنت صادر من النقرة* قال ابن اسحاق قطن ماء من مياه بنى أسد بنجد بعث اليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا سلمة بن عبد الاسد فى سرية فقتل مسعود بن عروة كذا فى معجم ما استعجم روى ان النبىّ صلّى الله عليه وسلم فى آخر السنة الثالثة أو فى أوّل السنة الرابعة بعث أبا سلمة بن عبد الاسد المخزومى الى بنى أسد وسببه انه أخبر النبىّ صلّى الله عليه وسلم انّ طليحة وسلمة ابنى خويلد يحرضان جماة من قومهما ومن تبعهما على قتال النبىّ صلّى الله عليه وسلم ويريدان اغارة المواشى من أرجاء المدينة وفى رواية جمعوا وتوجهوا الى المدينة ثم بدا لهم الرجوع فرجعوا الى منازلهم فدعا النبىّ أبا سلمة وعقد له لواء وأمّره على مائة وخمسين رجلا من المهاجرين والانصار منهم أبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبى وقاص وأسيد ابن حضير وأبو نائلة وأبو سبرة بن أبى رهم الغفارى وعبد الله بن سهل وأرقم بن أبى الارقم وأمر أبا سلمة بالمسير اليهم والاغارة عليهم بغتة قبل أن يعلموا ويجمعوا الجيش فخرج أبو سلمة من المدينة ودليله الوليد ابن الزبير الطائى ويسير معتسفا الى أن وصل الى قطن وأغار على سرحهم ودوابهم وأصابوا ثلاثة أعبد كانوا رعاة وهرب الباقون ولحقوا بقومهم وأخبروهم بمجىء أبى سلمة وكثرة جيشه فخافوا وهربوا عن منازلهم ثم نزلها أبو سلمة وأغاروا وجمعوا ما قدروا عليه من الاموال ورجعوا الى المدينة وأعطى الدليل الطائى ما رضى به من الاموال وعزل من الغنيمة عبد اللنبى صلّى الله عليه وسلم صفى المغنم ثم خمسها وقسم الباقى على أهل السرية فبلغ سهم كل واحد منهم سبعة أبعرة وأغناما ومدّة غيبته فى تلك السرية عشرة أيام وفى هذه السنة توفى أبو سلمة* وفى المواهب اللدنية مات أبو سلمة سنة أربع وقيل سنة ثلاث من الهجرة انتهى وكان أسلم قبل دخول رسول الله صلّى الله عليه وسلم دار الارقم وهاجر الى الحبشة الهجرتين ومعه امرأته أمّ سلمة* قال سهل بن حنيف أوّل من قدم علينا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبو سلمة وكذا أورد فى المنتقى وانه توفى فى السنة الرابعة من الهجرة* وقال فى الصفوة شهد بدرا وجرح بأحد فمكث شهرا يداوى جراحه ثم بعثه رسول الله فى سرية فلما قدم انتقض جرحه ثم توفى سنة ثلاث من الهجرة فحضره رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأغمضه بيده*
,
وفى هذه السنة كان بعث عمرو بن أمية الضمرى الى أبى سفيان بن حرب بمكة* فى الاكتفاء بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمرى بعد مقتل خبيب وأصحابه الى مكة وأورد فى المواهب اللدنية وسيرة مغلطاى بعث عمرو بن أمية فى السنة السادسة
بعد سرية كرز بن جابر وقبل الحديبية كما سيجىء وأمره أن يقتل أبا سفيان بن حرب وبعث معه جبار ابن صخر الانصارى أو سلمة بن أسلم فخرجا حتى قدما مكة وحبسا جمليهما بشعب من شعاب يأجج ثم دخلا مكة ليلا فقال جبار لعمر ولو أنا طفنا بالبيت وصلينا ركعتين فقال عمرو ان القوم اذا تعشوا جلسوا بأفنيتهم فقال كلاهما ان شاء الله قال عمرو فطفنا بالبيت وصلينا ثم خرجنا نريد أبا سفيان فو الله انا لنمشى بمكة اذ نظر الىّ رجل من أهل مكة فعرفنى فقال عمرو بن أمية والله ان قدومهما الا لشرّ فقلت لصاحبى النجاء فخرجنا نشتدّ حتى صعدنا فى الجبل وخرجوا فى طلبنا حتى اذا علونا الجبل يئسوا منا فرجعوا فدخلنا كهفا فى الجبل فبتنا وقد أخذنا حجارة فرضمنا هادوننا فلما أصبحنا غدا رجل من قريش يسوق فرسا ويخلى عليها فغشينا ونحن فى الغار فقلت ان رآنا صاح بنا فأخذنا فقتلنا قال ومعى خنجر أعددته لابى سفيان فخرجت اليه فضربته على ثديه فصاح صيحة أسمع أهل مكة ورجعت ودخلت مكانى وجاءه الناس يشتدّون وهو بآخر رمق فقالوا من ضربك فقال عمرو بن أمية الضمرى وغلبه الموت فمات مكانه ولم يدلل على مكاننا فاحتملوه فقلت لصاحبى لما أمسينا النجاء فخرجنا ليلا من مكة نريد المدينة فمررنا بالحرس وهم يحرسون جيفة خبيب بن عدى فقال أحدهم والله ما رأيت كالليلة أشبه بمشية عمرو ابن أمية الضمرى لولا انه بالمدينة لقلت انه عمرو بن أمية فلما حاذى عمرو الخشبة شدّ عليها فاحتملها وخرج هو وصاحبه يشتدّان وخرجوا وراءه حتى أتى جرفا بمهبط ياجج فرمى بالخشبة فغيبه الله عنهم فلم يقدروا عليه قال عمرو بن امية وقلت لصاحبى النجاء حتى تأتى بعيرك فتقعد عليه فانى شاغل عنك القوم وكان الانصارى لا راحلة له قال ومضيت حتى خرجت على صجنان ثم أويت الى جبل فدخلت كهفا فبينا أنا فيه دخل علىّ شيخ من بنى الديل أعور فى غنيمة فقال من الرجل قلت من بنى بكر فمن أنت قال من بنى بكر قلت مرحبا فاضطجع ثم رفع عقيرته فقال
ولست بمسلم ما دمت حيا ... ولا دان لدين المسلمينا
فقلت فى نفسى ستعلم فأمهلته حتى اذا نام أخذت قوسى فجعلت سيتها فى عينه الصحيحة ثم تحاملت علميه حتى بلغت العظم ثم خرجت النجاء حتى جئت العرج ثم سلكت ركونة حتى اذا هبطت البقيع اذا رجلان من قريش من المشركين كانت قريش بعثتهما عينا الى المدينة ينظران ويتجسسان فقلت استأسرا فأبيا فرميت أحدهما بسهم فقتلته واستأسرت الآخر فأوثقته رباطا وقدمت به المدينة هذا ما فى الاكتفاء* وقد مرّ أن القسطلانى أورد فى المواهب اللدنية بعث عمرو بن أمية الضمرى الى أبى سفيان فى السنة السادسة بعد سرية كرز بن جابر وقبل الحديبية وقال بعد ذكر سرية كرز بن جابر ثم سرية عمرو بن أمية الضمرى الى أبى سفيان بن حرب بمكة لانه أرسل الى النبىّ صلّى الله عليه وسلم من يقتله من العرب غدرا فأقبل الرجل ومعه خنجر ليغتاله فلما رآه النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال ان هذا ليريد غدرا فلما دنا قال أين ابن عبد المطلب قال النبىّ صلّى الله عليه وسلم أنا ابن عبد المطلب فأقبل اليه كأنه يسارّه فجذبه أسيد بن حضير بداخلة ازاره فاذا بالخنجر فسقط فى يده فقال النبىّ صلّى الله عليه وسلم أصدقنى ما أنت قال وأنا آمن قال نعم فأخبره بخبره فخلى عنه النبىّ صلّى الله عليه وسلم فأسلم الرجل وأقام بالمدينة أياما ثم استأذن وذهب الى بلاده ولم يعرف بعد ذلك خبره وبعث رسول الله عمرو بن أمية ومعه سلمة بن أسلم ويقال جبار بن صخر الى أبى سفيان وقال ان أصبتما منه غرة فاقتلاه فمضى عمرو بن أمية يطوف بالبيت ليلا فرآه معاوية بن أبى سفيان فأحبر قريشا بمكانه فخافوه وطلبوه وكان فاتكا فى الجاهلية فحشد له أهل مكة وتجمعوا فهرب عمرو وسلمة فلقى عمرو عبيد الله بن مالك التيمى فقتله وقتل آخر ولقى رسولين لقريش بعثتهما يتجسسان الخبر فقتل أحدهما وأسر الآخر فقدم به المدينة فجعل عمر ويخبر رسول الله
خبره وهو صلّى الله عليه وسلم يضحك*