withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


سرية زيد بن الحارث رضى الله عنه إلى حسمى جذام _405

 سرية زيد بن الحارث رضى الله عنه إلى حسمى جذام


المبحث الثاني: سرية زيد بن الحارث رضى الله عنه إلى حسمى (جذام)

,

المطلب الأول: التعريف بحسمى

...

المطلب الأول: التعريف بحسمى:

حِسْمَى - بكسر الحاء المهملة، وسكون السين المهملة، وفتح الميم - مقصور على بناء فِعْلي، يجوز أن يكون أصله من الحسم، وهو المنع. قال ابن سيده: حِسْمَى موضع باليمن، وقيل: قبيلة جذام. وقال البكري: قال عنترة:

سيأتيكم عني وإن كنت نائياً دخان العلندي دون1 بيتي مذود

قصائد من قيل امرئ يحتديكم2 وأنتم بحُسمى فارتدوا وتقلَّدوا

يخاطب بني فزارة، فدلَّ على أنَّ حسمى من ديارهم، وفي رسم ومران: إنَّ حسمى من الجزيرة في شعر ابن أحمر:

فلله من يسرى ونجران دونه إلى دير حسمى أو إلى دير ضمضم

قال: ودير "حسمى"، ودير ضمضم بالجزيرة، فدل هذا التفسير، ودلَّ قول عنترة أنَّ حسمى موضع آخر في غير ديار جذام. وقال ابن السكيت: حسمى لجذام جبال وأرض بين أيلة، وجانب تيه بني إسرائيل

__________

1 العلندي: جبل لم يُر قط إلاَّ والدخان خارج من رأسه. معجم ما استعجم: 2/447

2 يحتديكم: يريد يطلبنكم. المصدر السابق.

الذي يلي أيلة وبين أرض بني عذرة من ظهر حرة نِهْيا، فذلك كله حسمى، قال كثير:

سيأتي أمير المؤمنين، ودونه جماهير حسمى قورها وحزونها1

وقال ابن الأعرابي: "إذا لم يذكر كثير غيقة فحسمى، وإذا ذكر غيقة فحسنا؟ "2.

وذكر ابن دريد وغيره: "أنَّ آخر ماء نضب من ماء الطوفان حِسْمى، ويُقال: إنَّ الماء بقي بحسمى بعد نضوب ماء الطوفان ثمانين سنة، وبقيت منه بقية إلى اليوم فهو أخبث ماء، فهو من مياه جذام، وهو الصحيح، وفيه أغار الهُنَيْد الصَّلعيُّ، وصليع بطن من جذام، على دحية الكلبي، وقد نزل وادياً من أوديته، يُقال له: شِيَار، وهو منصرف من عند قيصر، حين بعثه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك سبب بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في سرية إلى حِسْمى، فأصاب من جذام، وقتل الهنيد بالفضافض"3 من ديارهم.

__________

1 يعني: جبلها وسهلها.

2 قال ابن حبيب: "حسنا جبل يقع قرب ينبع".معجم البلدان 2/259.

3 الفضافض - بفتح أوله وثانيه، بعدهما مثلهما، على لفظ الجمع: أرض لجذام.

معجم ما استعجم: 3/1025.

وفي حديث أبي هريرة: "لتخرجنكم الروم منها كفراً كفراً إلى سُنْبُك1 من الأرض، قيل: وما ذاك السُّنْبُك؟ قال: حِسْمى جذام".

وفي الحديث: "بشِّر ركيب السُعاة بقطعٍ من جهنَّم مثل قور حِسْمى " قال القتبي: وحسمى: بلد جذام.

وقال في الصحاح: "حِسْمى أرض بالبادية غليظة لا خير فيها، تنْزلها جذام، وفيها جبال شواهق ملس الجوانب، لا يكاد القتام2 يُفارقها".

وفي أخبار المتنبي وحكاية سيره من مصر إلى العراق قال: حسمى أرض طيبة تؤدى لين النخلة من لينها، وتنبت جميع النبات، مملوءة جبالاً في كبد السماء متناوحة3ملس الجوانب، إذا أراد الناظر النظر إلى قُلَّة أحدها قلَّ عنقه حتَّى يراها بشدة، ومنها ما لا يقدر أحد أن يراه ولا يصعده، ولا يكاد القتام يفارقها، ولهذا قال النابغة:

فأصبح عاقلاً بجبال حسمى دقاق التُّرب محتزم القتام

قال ياقوت: "واختلف الناس في تفسيره ولم يعلموه، ويكون

مسيرة ثلاثة أيام في يومين، يعرفها مَنْ رآها مِن حيث يراها، لأنَّها لا مثل لها في الدنيا، ومن جبال حِسمى يُعرف ب "إرم" عظيم العلو، تزعم أهل

__________

1 السُّنْبُك: الأرض الغليظة القليلة الخير، شبه الأرض في غلظها بسُنْبُك الدَّابة وهو طرف حافرها. القاموس المحيط، مادة (سنبك) ، والنهاية: 2/194.

2 القتام: الغبار. القاموس، واللسان، مادة (قتم) .

قلت: والمقصود به هنا السحاب، أو الضباب، لأنه يكثر في الجبال المرتفعة.

3 التناوح: التقابل، ومتناوحة أي متقابلة. القاموس: تنح.

البادية أنَّ فيه كروماً وصنوبراً، وأهل تبوك يرون جبل حسمى في غربيهم وشرقيهم، وأرض حسمى بينها وبين وادي القرى ليلتان.

قال ابن سعد: هي وراء وادي القرى.

وقال محمَّد مرداد: "هي موضع وراء وادي القرى، متصل بالحجر تماماً من طريق الإبل، ولا يزال موجوداً للآن ومعروفاً، ومن تسلق أعلا نخلة في تبوك يرى جبل حسمى، وكذلك المتسلق لأعلى شجرة في العُلا أو المتسنم لأعلى ذروة في جبال وادي القرى يرى حسمى، وقد مررنا به في رحلتنا ولكننا لم نستطع تسلقه مع أننا أقمنا ب "حقل"، وأيلة أياماً عديدة، والسبب في ذلك راجع إلى كثرة العجاج وشدَّة الريح، إذ كلَّما عزمنا على تسنمه تشتد بنا الريح فنهبط قسراً، وقد ذكر حسمى أكثر من أربعين مؤرخاً ورحَّالة، ويزعم البدو الرُّحَّل وأهل الماشية هناك أنَّ بقمَّته وحشرجه مياه متعفّنة لا يقرب منها أحد"1.

__________

1 انظر: الصحاح، ولسان العرب، والقاموس، مادة (حسم) .

والبكري: معجم 2/446-448، والحموي: معجم 2/258-259، ومحمَّد عبد الحميد مرداد: مدائن صالح: 48 – 49.




كلمات دليلية: