وفى هذه السنة شرع الاذان قال ابن المنذر ان النبىّ صلّى الله عليه وسلم كان يصلى بغير أذان منذ فرضت الصلاة بمكة الى أن هاجر الى المدينة وكان الناس بها كما فى السير وغيرها انما يجتمعون الى الصلاة لتحين مواقيتها من غير دعوة* وأخرج ابن سعدان بلالا كان ينادى للصلاة بقوله الصلاة جامعة وشاور النبىّ صلّى الله عليه وسلم أصحابه فيما يجمعهم للصلاة وكان ذلك فيما قيل فى السنة الثانية فأرى عبد الله بن ثعلبة بن عبد ربه الخزرجى الاذان والاقامة على الوجه المتعارف قال عبد الله لما أجمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يضرب بالناقوس لجمع الناس للصلاة وهو له كاره لموافقته النصارى رأيت فى المنام رجلا عليه ثوبان أخضران وفى يده ناقوس يحمله قلت له يا عبد الله تبيع هذا الناقوس قال ما تصنع به قلت ندعو به للصلاة قال أفلا أدلك على خير من ذلك فقلت بلى قال تقول الله أكبر الله أكبر الى آخره ثم استأخر غير بعيد فقال تقول اذا أقيمت الصلاة الله أكبر الله أكبر الى آخرها وزاد فيها بعد الفلاح قد قامت الصلاة مرّتين فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال ان هذه لرؤيا حق ان شاء الله ثم أمر بالتأذين وكان بلال يؤذن بذلك ويدعو رسول الله صلّى الله عليه وسلم الى الصلاة فجاءه ذات غداة ودعا الى صلاة الفجر فقيل انّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم نائم فصرخ بلال بأعلى صوته الصلاة خير من النوم فأدخلت هذه الكلمة فى التأذين لصلاة الفجر* وفى رواية لما صرفت القبلة الى الكعبة أمر بالاذان وذلك ان الناس كانوا لا يدرون كيف يفعلون لتجتمع الناس للصلاة فذكر بعضهم البوق وبعضهم الناقوس وبعضهم النار فبيناهم على ذلك رأى عبد الله بن زيد الخزرجى فى المنام كيفية الاذان والاقامة على الوجه الذى ذكر فلما أصبح أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبره بما رأى فقال له قم مع بلال فألق عليه ما قيل لك فليؤذن بذلك ففعل وجاء عمر بن الخطاب فقال قد رأيت مثل الذى رأى عبد الله فقال النبىّ صلّى الله عليه وسلم فلله الحمد فعلى هذه الرواية يكون الاذان قد وقع فى السنة الثانية من الهجرة لانه قيل فيها لما صرفت القبلة وقد صح ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم
وأصحابه صلوا الى بيت المقدس ستة عشر شهرا* وذكر ابن شهاب عن عبيد بن عمير ان عمر بن الخطاب بينا هو يريد أن يشترى خشبتين للناقوس عند ما ائتمر به النبىّ صلّى الله عليه وسلم وأصحابه اذ رأى فى المنام أن لا تجعلوا الناقوس بل أذنوا بالصلاة فذهب عمر الى النبىّ صلّى الله عليه وسلم ليخبره بالذى رأى فما راعه الا بلال يؤذن وقد جاء النبىّ صلّى الله عليه وسلم الوحى بذلك فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين أخبره سبقك بذلك الوحى كذا فى الاكتفاء* وفى المواهب اللدنية فان قلت هل أذن عليه السلام بنفسه قط أجاب السهيلى بأنه روى الترمذى ورفعه الى أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم أذن مرّة فى سفر وصلّى بهم على رواحلهم الحديث قال فنزع بعض الناس بهذا الحديث الى أنه عليه السلام أذن بنفسه وكذا جزم النووى بأنه أذن مرّة فى سفر والله أعلم
*